17 تشرين وحتمية سعد الحريري

حامد الدقدوقي

تحلّ الذكرى السنويّة الثالثة لما يسمى “انتفاضة 17 تشرين” والتي بحسب محركيها ورموزها انتفضت رفضاً للواقع المرير الذي يعيشه الشعب اللبناني واعتراضاً على فرض رسم على اتصالات “الواتس آب”، وقد طالبت بإسقاط الطبقة السياسية الحاكمة والتي تتحمل مسؤولية إدارة البلاد، وأطلقت شعارها المشهور “كلن يعني كلن”، وشلت البلاد لأيام معدودة عبر قطع الطرقات والتجمع في الساحات التي تحولت إلى متنفس للسهر والمرح لمعظم روادها.

وحده رئيس الحكومة سعد الحريري استمع إلى صوت المعترضين محاولاً تلقف المبادرة لطرح سلة إصلاحات وعد بتنفيذها بمشاركة من يدعون تمثيل هؤلاء المنتفضين.

جوبه الحريري برفض مقترحاته، وتوحدت ضده الطبقة السياسية والمعترضون كلٌ لأسبابه وأهدافه، مما دفعه إلى تقديم استقالته حقناً لدماء اللبنانيين، وعله يحدث فجوة في جدار السلطة.

لم تمر 24 ساعة على إعلان الاستقالة، حتى أعلن من يسمون أنفسهم “ثواراً” فك اعتصاماتهم، وانسحبت المجموعات المحركة الأساسية من الساحات وفتحت الطرقات.

انهيار العملة الوطنية وجنون الدولار لم يعد لهما سقف، وكذلك ارتفاع الأسعار وانهيار كل القطاعات الانتاجية والخدماتية في القطاعين العام والخاص.

ومحركو الساحات مشغولون بالتحضير للانتخابات النيابية على أمل العودة بقوة بعد أن يحصدوا مقاعد في جميع الدوائر.

انقسموا وتشتتوا وسارت سفنهم بعكس ما يشتهون، وحتى اليوم هم غير متفقين على برنامج موحد، وكل اتصالاتهم وجولاتهم وبياناتهم بعيدة عن هموم الشعب الذي يدعون تمثيله.

انقسموا في أول امتحان بعد الانتخابات، في انتخاب رئيس وأعضاء لجان المجلس النيابي.

أقرت الموازنة وما فيها من ضرائب ورسوم ستقضي على من تبقى على أرض الجمهورية من شعب يكافح للبقاء وهم يصدرون البيانات.

أطلقوا مبادرة لانتخاب رئيس الجمهورية وجالوا على القوى السياسية التي يتهمونها بالفساد والافساد، وعدوا الشعب اللبناني بإعلان نتائج جولاتهم وحواراتهم ولم يفعلوا.

ليس شعوراً بل قراءة تحتمل الصواب والخطأ أن الرئيس سعد الحريري كان بشخصه حالة حتمية لبقاء ما يسمى “انتفاضة مشتعلة”، وبغيابه يفتقد المحركون لـ 17 تشرين والمنظرون قميص الحريري الذي لن يجرؤوا من بعده على التحرك في الشارع والمطالبة بإسقاط الطبقة السياسية التي أصبح معظمهم يتقاسم معها لذة السلطة والجاه.

شارك المقال