يومان حاسمان… حكومة جديدة أو الدستور في الشغور

هيام طوق
هيام طوق

على ايقاع الهبات الباردة والهبات الساخنة يتأرجح تشكيل الحكومة منذ أشهر، وبين الأجواء التفاؤلية والتشاؤمية، مرّ التأليف بمطبات وعراقيل ومطالب وعقد كثيرة كادت أن تصل الى الحلحلة قبل سفر الرئيس نجيب ميقاتي الى بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية حين وعد بأنه سينام في القصر الجمهوري الى حين ولادة الحكومة، لكن سرعان ما عادت “حليمة الى عادتها القديمة” أي الى الدوامة عينها فكلما تحلحلت من ناحية، تتعقد من ناحية أخرى حتى بات الجميع يقولون في التشكيل “اذا مش الاثنين الخميس”. وبالتالي، الآمال على يوم الخميس، وغداً الخميس الأخير قبل الدخول في الأيام العشرة الأخيرة من نهاية العهد الحالي حيث يتحول المجلس النيابي الى هيئة ناخبة حكماً، فهل يخبئ مفاجأة على هذا الصعيد خصوصاً بعد الحركة التي يقوم بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في محاولة أخيرة لإصدار مراسيم التأليف قبل نهاية العهد؟

وفق مصادر مطلعة، فإن الحيوية عادت الى الملف الحكومي بناء على مساعٍ معينة لكن لا يمكن القول ان الأجواء ايجابية كما أنها ليست سلبية خصوصاً أن مسار التشكيل الطويل أعطانا درساً أنه لا يمكن القول “فول تيصير بالمكيول” اذ كلما تم العمل على سد ثغرة تفتح ثغرة أخرى، ولا يمكن الحديث أيضاً عن صيغة معينة لأن النقاش لا يزال قائماً حول العديد من الطروحات، الا أن التبديل يتمحور حول 6 وزراء من بينهم وزراء الخارجية عبد الله بو حبيب والتنمية الادارية نجلاء رياشي والاقتصاد أمين سلام والمال يوسف خليل والمهجرين عصام شرف الدين، مع التأكيد أنه كلما اتسعت رقعة التبديلات كلما أصبح تشكيل الحكومة أصعب خصوصاً أن الوقت ضاغط جداً.

وفيما دخل ” حزب الله” على خط تدوير الزوايا، ومحاولة اقناع النائب جبران باسيل بعدم الاصرار على توزير حزبيين، اعتبر باسيل أنّه “إذا لم يُشكّل الرئيس ميقاتي حكومة جديدة قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، فسيكون عملاً مجنوناً.لا نحتاج بالإضافة إلى أزمتنا المالية والاقتصادية إلى أزمة سياسية تقسم الناس حول كيفية التعامل مع الحكومة. عدم التأليف سيؤدّي إلى فوضى دستورية، ولن نقبل أن تدير مثل هذه الحكومة البلاد، إنّها حكومة لم تفز بالثقة وتفتقد الشرعية الدستورية”.

وأوضح النائب السابق علي درويش أن “هناك محاولات جدية وأخيرة لتشكيل الحكومة، وبوتيرة أعلى من الأيام السابقة، لكن نتيجة التجارب والواقع السياسي، لا يمكن الحسم الا في اللحظات الأخيرة، ونأمل أن نصل الى نتيجة ايجابية. التقارب الذي يحصل في البلد على أكثر من صعيد، وزيارة النائب باسيل للرئيس نبيه بري في ظل رأي عام كبير يفضّل تشكيل حكومة للتخفيف من منسوب الاحتكاك، كلها عوامل قد تلعب دوراً في التأليف في اللحظات الأخيرة. ليس هناك من حلحلة نهائية للعقد انما محاولات جدية في هذا الاتجاه، واذا كان هناك من أجواء ايجابية فلا بد من أن تظهر خلال هذين اليومين”.

وأشار الى أن “هناك رؤية للرئيس ميقاتي تحافظ على توازنات معينة لأخذ ثقة المجلس النيابي، لكن البعض أدخل شروطاً جديدة غير الأمور التي كانت تُبحث قبل سفر الرئيس المكلف. ادخال خلطة أكبر على طاولة النقاش، أمر غير مضمون في الوصول الى نتيجة، ومن الأفضل أن تبقى الطروحات محددة بصيغ ممكن أن تصل الى نتيجة جيدة أكثر من الطروحات الموسعة والتعديلات الكبيرة التي تفتح الباب على تعديلات أخرى. الى اليوم، هناك محاولات جدية، لكن لا شيء محسوم وكلما زادت التعديلات كلما تعقدت الأمور في الوقت القصير المتبقي. اما أن تكون هناك صيغة قابلة لأن تبصر النور في أسرع وقت ممكن أو لا حكومة”، مشددا على أن “الرئيس ميقاتي يحاول تشكيل الحكومة، لكن ليس وفق أي شروط انما وفق رؤيته للمرحلة المقبلة. وهو يسعى الى حكومة كاملة الصلاحية، لكن هذا الأمر ليس منوطاً به وحده، ولا تزال هناك بعض العقبات”.

ورفض الرد على مواقف باسيل بشأن الحكومة، مؤكداً أن “رئيس الحكومة هو الأكثر جدية في السعي الى تشكيل الحكومة، وهذا ما بات واضحاً أمام الجميع. وفي المحصلة هناك دستور نحتكم اليه في حال الشغور. نحن أمام أيام قليلة تظهر ان كانت هناك نية في التأليف أو أن هناك من يعرقل ويضع شروطاً قاسية أمام التشكيل مع العلم أن الرئيس ميقاتي لن يرضى الا بحكومة وطنية”.

أما النائب والوزير السابق إيلي ماروني، فاعتبر أن “هناك محاولات حالية من جانب العهد لتشكيل الحكومة لأن لديه مصلحة بذلك بعدما تبين أن الوزراء المسيحيين الحاليين المحسوبين عليه، خرجوا من تحت عباءته وبالتالي، يحاول الحصول على حصص جديدة من خلال توزير أسماء يكونون تابعين له بصورة مباشرة. كما هناك لغط دستوري كبير والتباس حول امكان أن تحل حكومة تصريف الأعمال مكان رئيس الجمهورية، وبما أن الشغور الرئاسي بات شبه حتمي، فمن هذا المنطلق، عادوا الى البحث مجدداً في موضوع تشكيل الحكومة لأن لديهم مصلحة بذلك باستثناء الرئيس المكلف الذي من الأفضل له الاستمرار بالحكومة الحالية التي باتت بمعظم وزرائها محسوبة عليه”، داعياً الى أن “ننتظر الضغط الفرنسي وموقف حزب الله المؤيد لتشكيل حكومة ارضاء لحليفه من خلال حصة وازنة في الحكومة الجديدة، وقد يحصل التوافق على التأليف وفق محاصصة جديدة”.

ولفت الى أن “التيار الوطني الحر يطالب بالحصة المسيحية كاملة، لكن في ربع الساعة الأخير سيليّن موقفه للحصول على حصة مقبولة”، مشيراً الى أن “البرلمان يمكن أن يعطي الثقة للحكومة حتى بعد انتهاء ولاية رئاسة الجمهورية على أن تتشكل ضمن مهلة الولاية كي يوقع عليها رئيس الجمهورية”.

وقال مجد حرب: “لا نعرف ان كان كلام باسيل يأتي في اطار الحجة لعدم مغادرة رئيس الجمهورية القصر الجمهوري. البعض يرى أن عدم التأليف، وفي حال الشغور الرئاسي، لا يمكن أن تنتقل صلاحيات الرئيس الى حكومة تصريف أعمال. هذه قراءة لا أساس دستوري واضح لها بحيث أن صلاحيات رئيس الجمهورية تنتقل الى الحكومة مجتمعة من دون أن يحدد الدستور صفة هذه الحكومة، وعندما لا يحدد الدستور هذه النقاط، لا يجوز أن نجتهد بناء على مصالحنا السياسية”.

وأكد أن “الحكومة الحالية وفق الدستور تعتبر حكومة مسؤولة عن تصريف الأعمال، والدستور لا يميز في انتقال صلاحيات الرئيس بين حكومة مستقيلة وحكومة كاملة الصلاحيات. هناك فرق بين تفسير القانون بناء على سوابق وعلى اجتهادات وقرارات، وبناء على معطيات معينة ومصالح فردية. وفي هذه الحالة أي حكومة تصريف الأعمال، تدفع رئيس الجمهورية على أن يبقى في موقعه لادارة شؤون البلد، وهنا تكمن الخطورة لأن الرئيس سيعمل على العرقلة في التشكيل كي لا تنتقل صلاحياته الى حكومة مكتملة المواصفات، وهذا مناقض لكل المبادئ القانونية العامة لأن لا أحد يمكن أن يتذرع بفشله للاستمرار في الحكم. وكلام باسيل في هذا الاطار، يصب في خانة رفع سقف المطالب لتحسين حصته في مفاوضات التشكيل”.

شارك المقال