الجمهورية الاسلامية من الثيوقراطية إلى الديموقراطية؟

حسناء بو حرفوش

سلط مقال في موقع مجلة “فورين أفيرز” الالكتروني الضوء على التفاعلات المستمرة في إيران على خلفية مقتل الشابة مهسا أميني، محذراً من أن “ثورة الشباب والشابات الايرانيات لن تهمد بسهولة ولن يقضي العنف والقمع على إرادتهم وهم على استعداد لقلب المؤسسة الايرانية رأسا على عقب”.

ووفقاً للمقال، “ضاق الايرانيون ذرعاً بالثيوقراطية، وهذا ينطبق خصوصاً على الشابات اللاتي تعبن من تصنيفهن كمواطنات من الدرجة الثانية. ولهذا لم يتوانين عن إحراق حجابهن في فعل يعاقب عليه بالجلد والسجن. وتستهدف الثورة القائمة حالياً ركائز الجمهورية الاسلامية الأيديولوجية الثلاث وهي، المعارضة الشديدة للولايات المتحدة والعداء لاسرائيل وإكراه النساء الذي يعكس عزم النظام على السيطرة على المجتمع. ويهدد الضعف في هذه الركائز بإسقاط الجمهورية الاسلامية بأكملها (…) وفي المقلب الآخر، وضعت الاحتجاجات التي اندلعت في إيران الغرب في موقف حرج، خصوصاً في ما يتعلق بالملف النووي. فهل يمكن إنقاذ هذه الصفقة؟ لا تعتبر واشنطن طهران وسيطاً نزيهاً، بل تلفت إلى سجلها الذي تعتبره حافلاً بالتلاعب، كما حصل على سبيل المثال في أيار المنصرم حين لم تقدم إجابات بخصوص تحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول الآثار غير المبررة لليورانيوم في ثلاثة مواقع غير معلنة.

كما لا يزال يتعين الكشف الكامل عن محاولات الجمهورية الاسلامية السابقة لتطوير برنامج نووي يحتمل استخدامه لأغراض عسكرية. والأسوأ من ذلك، في حال تمكن الرئيس الأميركي جو بايدن من التوصل الى حل وسط مع إيران، قد تواجه أي صفقة جديدة محتملة إخفاقاً جديداً وتؤمن المزيد من التمويل للنظام. ولذلك، يتوجب على بايدن اتخاذ موقف واضح وصريح والاشادة بالطموحات الديموقراطية للشعب الإيراني وتجاوز تركيز البيت الأبيض الضيق على القضية النووية للمطالبة بالتعاطي مع المحتجين من زاوية احترام حقوق الانسان. وهذا يعني إدراج احترام حقوق الانسان كشرط لمواصلة أي مفاوضات ليس مع الأميركيين وحسب، وإنما أيضاً مع حلفاء واشنطن الغربيين. وعلى الكونغرس أيضاً رفض الإفراج عن الأموال الايرانية المجمدة في البنوك الأجنبية، بشرط التعهد بالقيام بالتحسينات المطلوبة على مستوى معاملة إيران لمواطنيها.

وفي الوقت عينه، تعود قضية الولايات المتحدة لتطفو على السطح في ظل التعتيم الذي يمارس من خلال إغلاق الانترنت. وبإمكان واشنطن لهذه الغاية العمل مع “ستار لينك”، شركة الانترنت عبر الأقمار الصناعية، وغيرها من المؤسسات المماثلة لتزويد الايرانيين بشبكة مجانية وآمنة تسمح لهم بالتواصل مع العالم. أما الخطوة التالية، فتكمن في إيجاد طريقة خاصة لدفع الأموال الايرانية المجمدة للعمال المضربين داخل إيران، بشكل يسمح بتقارب الحركات العمالية والسياسية. وفي الخارج، تساعد الاجتماعات الخاصة لكبار أعضاء إدارة بايدن مع أعضاء الشتات الايراني والمعارضين وجماعات المعارضة الإيرانية في تأمين فهم أفضل للوضع الحقيقي داخل البلاد. وبالتوازي، يعقد الكونغرس جلسات استماع عامة حول الاحتجاجات والتحديات التي يضعها النظام أمام المواطنين الأميركيين، بما في ذلك الشتات الايراني.

ومع ذلك، يقف البعض في مواجهة الحل الأخير لاعتقاده أن أي متظاهر يحظى بدعم أميركي علانية، سيواجه بسهولة الاتهامات بالعمالة. ولهذه الغاية، امتنعت إدارة باراك أوباما في العام 2009، عن دعم الاحتجاجات وحافظ أوباما على نوع من الانضباط. لكن هذا التكتيك لم يُحدث أي فارق. ولم يتوان النظام عن اتهام المتظاهرين بأنهم عملاء للولايات المتحدة وبأنهم عازمون على زعزعة استقرار إيران وإستدراج البلاد الى حالة من الفوضى.

ومع استلام النساء زمام الأمور هذه المرة، سيشكل تحول إيران من ثيوقراطية إلى ديموقراطية أمراً غاية في الأهمية، على الرغم من أنه يتطلب الكثير من الصبر والشجاعة”.

شارك المقال