انتخاب الرئيس… جلسات فولكلورية حتى التوافق

هيام طوق
هيام طوق

كما كان متوقعاً، فإن الجلسة الثالثة لانتخاب رئيس الجمهورية أمس لم تؤد الى أي نتيجة ولم تسجل أي مفاجأة، ومن المتوقع أن يتكرر هذا السيناريو خلال الأيام العشرة الأخيرة من ولاية العهد الحالي حين يتحول البرلمان الى هيئة ناخبة.

وافتتح رئيس مجلس النواب نبيه بري، جلسة الانتخاب في حضور 119 نائباً وتليت أسماء النواب المتغيبين بعذر، وبوشر توزيع الأوراق والاقتراع. وبعد فرز الأصوات، نال النائب ميشال معوض 42 صوتاً، “لبنان الجديد” 17 صوتاً، 55 ورقة بيضاء، وصوت لميلاد أبو ملهب، ووجدت أربع أوراق ملغاة باسم “سيادي اصلاحي”، “لا أحد”، “ديكتاتور عادل” و”لأجل لبنان”. ثم بدأ عدد من النواب بالخروج من القاعة ليفقد النصاب، وطلب الرئيس بري تعداد الموجودين، فتبين فقدان النصاب، فدعا الى جلسة لانتخاب رئيس في الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الاثنين المقبل في 24 الحالي قبل أن يرفع الجلسة.

وفي هذا الاطار، رأى النائب محمد سليمان أن “ليس هناك من نضوج حتى اليوم لانتخاب رئيس الجمهورية، لكننا حريصون على حضور الجلسات الانتخابية لأننا ضد حصول الشغور. ربما بعد انتهاء الولاية أي بعد 31 تشرين الحالي، سيحصل الضغط نحو انتخاب الرئيس لاعتبارات عدة تتعلق بوضع البلد الذي لا يحتمل أي شغور. الكل مقتنع اليوم بأنه اذا لم يحصل الحوار والنقاش والتوافق بين الأطراف، فمن الصعب انتخاب الرئيس”، مشيراً الى أن “لا مبادرة حقيقية حالياً في تسريع انتخاب الرئيس، على الرغم من أن الكل يتحدث عن مواصفات، لكن المهم التنفيذ”.

اما الوزير السابق فارس بويز فاعتبر أن جلسة الأمس “تعبّر عن واقع خارطة المجلس النيابي الحالي التي لا تسمح لأي فريق وحده أن يأتي برئيس. من هنا المطلوب التوافق بين الأفرقاء على اسم معين. اذا سلمنا جدلاً أن ما من فريق وحده يمكنه ايصال رئيس الى القصر الجمهوري، وأن هناك ضرورة لانتخاب الرئيس، فهذا يعني أننا نسلم بضرورة التفاهم بين الكتل الكبرى على اسم مشترك”، مؤكداً أن “الجلسة تؤكد أن التفاهم غير حاصل، وكل فريق يطرح اسماً لا يمكن ايصاله. علينا أن نفهم أن البلد مركب بهذا الشكل، وهذه التركيبة تفرض رئيساً تتفق عليه القوى الكبرى في البرلمان، ومن دون ذلك لا رئيس، أي الذهاب نحو المجهول والمزيد من التدهور على المستويات كافة. كما يمكن القول ان ما يسمى بالوحي الخارجي لم يصل بعد، وبالتالي، لم يتلق الأفرقاء الضغط الايجابي باتجاه انتخاب رئيس يتوافقون عليه”.

وشدد على أن “على الجميع الاقتناع بأن ما من فريق وحده قادر على انتخاب رئيس للجمهورية، وفي حال استطاع أي فريق ايصال شخصية معينة على الرغم من استحالة الأمر، فإن هذا الرئيس لن يتمكن من الحكم لأن البلد محكوم عليه بحسب تركيبته، التوافق حتى اشعار آخر، وهذا ما لم يحصل الى اليوم، وكل فريق يناور في هذا الاطار، ويطرح مرشحاً لن يكون مقبولًا من الفريق الآخر، ويتصرف على أنه مالك الحقيقة والقوة المطلقة”.

أضاف: “ما لم يتلق الأفرقاء ضغطاً خارجياً لانتخاب رئيس، فمن الصعب الذهاب في هذا الاتجاه. هذا الضغط موجود حالياً على مستوى التمني والنصائح التي لا تكفي لانتخاب رئيس للجمهورية”.

وأسف النائب السابق غسان مخيبر لـ”ما يحصل من تخبط وتأخير في انتخاب رئيس الجمهورية في ظل الانهيار الاقتصادي والاجتماعي وشبه انحلال للدولة”، معتبراً أن “هذا التأخير بات غير مسؤول من كل الأطراف لأن المطلوب الانتخاب ثم الانتخاب لرئيس الجمهورية ضمن المهلة الدستورية وأي نتيجة أخرى يصل اليها مجلس النواب تكون فيها خيانة عظمى للشعب الذي انتخبهم جميعاً. وما نعتبره مذهلاً في نظامنا السياسي أن الكلام يكثر في الاجتماعات، ويقل داخل المؤسسات”. ودعا النواب الى “تكثيف لقاءاتهم الجماعية وأن يستغلوا حضورهم في الجلسة العامة ليتناقشوا في ما يفيد البلاد من اخراج مرتبط بانتخاب الرئيس المناسب وما يحمله من قيم وبرنامج بدل أن يتم التراشق في الاعلام قبل الجلسات وبعدها”.

ولفت الى أن “الكل يعلم أنهم محكومون بالاتفاق. ولا بد من أن تؤدي اللعبة الانتخابية في نهاية المطاف الى الاتفاق على رئيس، وهذا لا يعني التسوية لأن المرشح التسووي لا طعم ولا نكهة له ولا موقف ولا خبرة اذ يأتي كي لا يفعل شيئاً، ولا أعتقد أن هذا هو المطلوب، لكن يبدو أن العبارة باتت تؤشر الى هذا النوع من الرؤساء. في حين أن الاتفاق يفرض اتفاقاً على شخصية يمكن أن تلعب الدور المحدد لها في الدستور الى أقصى الحدود الممكنة لاعادة بناء الدولة على أسس جديدة مع الاقرار بأن هذا الهيكل قد انهار ولم يبق منه سوى الدستور الذي لا يطبقه أحد”، متمنياً على رئيس المجلس أن يدعو النواب الى جلسات استشارية عامة تسبق العملية الانتخابية للمناقشة حتى الاتفاق.

وقال: “ما لا يعقل هو عدم التواصل الحثيث بين الجميع، وبسبب هذه القطيعة يتحول كل اجتماع الى حالة استثنائية. وهذه هي الحالة المرضية في الديموقراطية اللبنانية، وقد دعونا أكثر من مرة الى اعتماد نظام يشبه نظام انتخاب البطاركة أو المطارنة بحيث يقفل باب البرلمان على النواب، ولا يخرجوا منه قبل انتخاب الرئيس، ويخرج الدخان الأبيض قبل نهاية الولاية الحالية”.

شارك المقال