زوال اتفاق الطائف زوال للبنان الدولة والكيان

الشيخ حسن مرعب

أيام قلائل تفصلنا عن نهاية هذا العهد الجهنمي المشؤوم، لكنها قد تكون من أدق الأيام وأشدها خطراً في تاريخ لبنان الحديث.

فمن سينتهي عهده يريد كرسي الرئاسة لصهره، أو أقله حفظ مكانه على طاولة الحكم وحصته من الكعكة.

وهو أصلاً غير آبه بكل ما جرى ويجري على مسرح الأحداث، التي يمر بها الوطن وما يعانيه المواطن، من شدة وفاقة، وضائقة معيشية، المهم صهره ومن بعده الطوفان.

وما كانت مسرحية ترسيم الحدود البحرية والسير بها، والتنازل عن الخط 29 وآلاف الكيلومترات البحرية، إلا كُرمى لعيون الصهر، وطمعاً في رفع العقوبات الأميركية عنه، ومهراً للوصول الى كرسي رئاسة الجمهورية.

وبما أن خيوط الاتفاقية، تحاك على طريقة السجادة الفارسية، بين واشنطن وطهران، تمهيداً للاتفاق النووي بينهما، وثمناً من ضمن الأثمان، فلا سبيل أمام السيد نصر الله و”حزب الله”، إلا إعلانه نصراً إلهياً، من جملة الانتصارات التي ما كانت يوماً الا وبالاً ودماراً على لبنان، وحرب تموز 2006 خير شاهد.

وطبعاً المستفيد والرابح الأكبر هي إسرائيل، التي حصلت على حصة ما كانت لتحلم بها لو وقعت يومها اتفاقية 17 أيار. فما قدمه “حزب الله” ومن معه لم يقدمه بشير ولا حتى أمين الجميل. أضف الى ذلك جهوزيتها لاستخراج الغاز خلال أسابيع، والعقود جاهزة للتصدير.

أما لبنان، فلن يستخرج الغاز مما بقي له من القسمة، حتى ينبت الحشيش ويأكل منه الكديش. والله أعلم عن كمية الغاز الموجودة في حقوله.

وإلى حينه، لا بأس أن يبقى في العتمة، والدولار محلقاً في القمة، والمواطن تحت سابع أرض، من الفقر والحرمان، وانعدام الطبابة والاستشفاء، والبعد عن المدرسة والجامعة، وضياع المستقبل، والموت قهراً، لتبدد أمواله وودائعه في البنوك أمام عيونه.

المهم أن يطل علينا سماحة السيد بابتسامته العريضة، ويعلن النصر وازاحة شبح الحرب.

إذاً، لا معنى للسلاح والصواريخ بعد اليوم!

أبداً ومن قال ان السلاح للخارج؟

بل هو للداخل، لفرض الشروط، وتغيير المعادلات، بل ونسف اتفاق الطائف، حتى يصبح إنجاز المملكة العربية السعودية، وآثارها ووجودها وحضورها، أثراً بعد عين، فالموت لآل سعود، والحياة لأميركا…

ولا مانع من أن تنعم إسرائيل بالأمن والأمان والاستقرار، فالحدود البحرية في أمان، و كذلك البرية، ويمنع حتى اطلاق خرطوشة صيد.

أما الطريق الى القدس، فقد تم تحويلها عبر مدن وبلدان أخرى… ممكن عبر اليمن، وممكن عبر العراق، وممكن عبر سوريا، وأيضاً من لبنان عبر طرابلس.

فكل بلدان العرب وعواصمهم موصلة الى القدس، إلا طريق الجنوب، التي أصبحت مقطوعة من الآن فصاعداً براً وبحراً.

نعم وبكل أسف، مشكلة إيران، ومعولها الهدام “حزب الله”، وداعمي الأقليات، كأمثال فرنسا، وأيضاً مؤخراً سويسرا (وان كانت أداة في هذه المرحلة) هم العرب السنة، وجودهم ودورهم وحضورهم، تم إنهاكهم في سوريا وتهجيرهم، ويتم ضربهم في الأردن، عبر شحنات المخدرات والكبتاغون.

وفي لبنان، هم أضعف من أن يستمر دورهم في الحكم، وفي السلطة التنفيذية، فكان الانقضاض على اتفاق الطائف، عبر القوة الناعمة.

والمخزي أن أرعناً محسوباً علينا زوراً وبهتاناً، وحصل على حين غفلة على كرسي نيابي، سائر في ركابهم، وليس راكباً بل مركوب، وعار وسُبة على أهله ومجتمعه.

في المحصلة، كل هذا انتفاش للباطل، وزهو بنفسه، فإن كانت له جولة فإن للحق جولات.

إن البحر الكبير الخضم، لن تضره ساقية من هنا، أو بئر عائم من هناك…

وختاماً نحن الأمة، ونحن الأعمدة والركن والأساس، وعندما تضرب معاولهم لهدمنا سيخرُّ السقف علينا جميعاً، ولن يكونوا بمنأى عن الخراب والدمار، بل سيطالهم كما يطالنا.

واتفاق الطائف، ووجود السنة في لبنان، هو الضمانة لبقاء البنيان، وبزواله زوال لبنان الدولة والكيان.

شارك المقال