عون – باسيل يحبان الطائف بحجة “السيبة المسيحية”!

رواند بو ضرغم

يعزف فريق رئيس الجمهورية لحن “الطائف” والتلطي خلف حقوق المسيحيين وصون صلاحيات الرئاسة الأولى بهدف الوصول الى حكومة مفصلة على قياس مصلحة جبران باسيل.

يستذكر مقربون الى الرئيس ميشال عون “السيبة الوطنية” في آخر عهدهم، ويقولون إنها لا تصلح من غير المسيحيين، فلا يستطيع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن يحكما بمفردهما، وأين يكون التوازن؟ نسي عون وصهره “السيبة الوطنية” في خضم جبروتهما، وأطاحا بالتوازنات عندما فرضا رئيساً سنياً خلافاً لرغبة طائفته، وعندما استفز تيارهما المزاج الشيعي بعدم التصويت لرئيس مجلس النواب، فيسألان اليوم عن الطائف الذي نعتاه يوماً بـ”النتن” ليستمد الصهر قوته من الأزمة التي يفتعلانها وليستنبط من الفوضى الدستورية نغمة الحفاظ على الحقوق المسيحية.

يسأل مقربون الى عون: أين يكون الطائف بغياب رئيس الجمهورية وغياب حكومة مكتملة الأوصاف الدستورية وحائزة على ثقة مجلس النواب؟ أين الطائف في ظل حكومة تصريف أعمال وفي ظل مجلس نيابي عامل، ينتخب ويشرّع؟ فأين توازن السلطات؟ هم يلعبون بالطائف ويلعبون بالنار. ويضيفون: يجب أن يرتفع منسوب الوعي الوطني تحديداً عند ميقاتي وبري، لأن عون سيغادر القصر بعد عشرة أيام، وهما سيبقيان، فكيف سيحكمان البلاد؟ لن تستطيع أن تحكم حكومة تصريف أعمال، وخصوصاً اذا قاطع وزراء باسيل وكسروا الاجماع الوزاري، فهل يفعل ميقاتي كما فعل فؤاد السنيورة مع الشيعة، ويعقد الجلسات من دون بعض الوزراء المسيحيين المحسوبين على باسيل؟

من خلال هذا الكلام، يكبّر باسيل حجر التأزيم، ويقول صراحة: إما أن تتألف الحكومة بشروطي، أو لن أسمح لكم بممارسة السلطة. وكل ادعاءاته بالحرص على الطائف ما هي الا أكذوبة، يريد أن يفتعل منها فوضى دستورية.

فلو سلمنا جدلاً أن ميقاتي لا يريد أن يؤلف الحكومة، ألم يساعده باسيل في تحقيق غايته برفع سقف شروطه وطلباته التعجيزية؟ فتوقفت مساعي “حزب الله” عند عقدة إصرار ميقاتي على تغيير وزير الطاقة وليد فياض ورفض باسيل ذلك، بالاضافة الى العقبة الثانية المتمثلة في حجب باسيل ثقة تياره عن الحكومة حتى لو وافق ميقاتي على شروطه. وهذه المساعي المستعصية، أبلغ اللواء عباس ابراهيم نتيجتها الى الرئيس بري.

أما الانفصام السياسي فيتمثل في إصرار باسيل على إلحاق الوزير وليد نصار بالتعديلات الوزارية، في حين أنه يعمل على خط الوساطة السرية بين ميقاتي وباسيل ونقل الرسائل الحكومية بين “البلاتينوم” و”ميرنا الشالوحي”. وهذا تأكيد على أن الطرفين يهدران الوقت ومن مصلحتهما تعقيد المسار الحكومي: باسيل يقاتل من أجل فرض حكومة بشروطه وبأدوات تبقيه حياً سياسياً بعد نهاية عهد عمه. وميقاتي لا يريد تعويم باسيل في نهاية عهده ولن يخسر شيئاً طالما هو المكلف ورئيس تصريف الأعمال.

يجمع منظرو الدستور وأهمهم على أن لا فراغ في السلطة، وخصوصاً على مستوى المؤسسات، وكان آخرها الدراسة التي أجراها المدير العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية. فلو توفى فجأة رئيس الجمهورية في ظل حكومة تصريف أعمال، وسلّم الروح قبل تأليف حكومة مكتملة الأوصاف الدستورية، فمن يوقّع مراسيم استقالة الحكومة وتكليف الرئيس والتأليف؟ فهل تُترك البلاد من دون إدارة وتُعطل المؤسسات وتُعلق مصالح المواطنين بانتظار انتخاب رئيس جديد؟ وماذا لو استغرق الانتخاب سنتين ونصف السنة كما حصل في زمن ترشيح عون؟ مطلق حكومة ستسيّر الأعمال للمصلحة العامة، ومن يريد الحفاظ على صلاحيات الرئاسة وحقوق المسيحيين، عليه أن لا يقبل بالشغور الرئاسي وأن لا ينخرط في لعبة التعطيل.

شارك المقال