الناتو وروسيا وخطر الاصطدام خلال أسبوعين

حسناء بو حرفوش

هل تفلح الاستراتيجية التي يعتمدها الرئيس الأميركي جو بايدن إزاء الحرب الروسية – الأوكرانية؟ تتوقع قراءة أن يستمر التصعيد لكنها تستبعد أي هجوم نووي محتمل ضد واشنطن، وتدعو الى التحرك السريع تفادياً للاصطدام بين روسيا والناتو خلال أسبوعين على خلفية سوء الفهم والتقدير.

ووفقاً للقراءة “يشعر كل من الأميركيين والأوروبيين، بصورة مبررة بأن الأزمة في أوكرانيا تدخل أوروبا في فترة من الخطر. ويبدو أن المسؤولين الأوروبيين يتحضرون لاحتمال حدوث أزمة نووية داخل حدود أوكرانيا، بينما يشعر 73٪ من الناخبين الأميركيين بقلق بالغ أو شديد بشأن روسيا وأوكرانيا، وفقاً لاستطلاع أجرته شبكة (فوكس نيوز) مؤخراً. لذلك، من الضروري أن ينتقل بايدن الى ااستراتيجية حكيمة لخفض التصعيد، للأسباب الخمسة التالية:

  1. لقد دخلت الولايات المتحدة الأميركية في دوامة التصعيد مع روسيا، وهي تخاطر بالإنجرار إلى صراع بين روسيا والناتو. ومن المرجح أن تستمر روسيا في التصعيد، على الرغم من أنها لا تعتزم ضرب أميركا بالأسلحة النووية. ويأتي هذا التصعيد بشكل ضربات إلكترونية وهجمات على الأبراج الفضائية التي يعتمد عليها الأميركيون في كل جانب من جوانب الحياة والعمليات العسكرية، وهذا جزء من استراتيجية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غير المتكافئة لتعويض خسائر روسيا، والنقص على مستوى القوة التقليدية. وتعمد روسيا الى “هيمنة التصعيد” التي ترد بموجبها على كل إجراء تتخذه أوكرانيا أو الولايات المتحدة. ولهذا قوبلت الهجمات على جسر كيرتش، الذي يربط شبه جزيرة القرم بالبر الرئيسي لروسيا، بضربات ضخمة استهدفت البنية التحتية الحيوية في أوكرانيا، بما في ذلك محطات الطاقة، التي دمر 30٪ منها.
  2. بوتين وبايدن يواجهان مأزقاً بحيث يحتاج كل منهما الى التفوق على الآخر، في ظل التنافس المستمر منذ عقود بين موسكو وواشنطن. ولم تتعاف روسيا أبداً من الإذلال الذي خلفته خسارة الحرب الباردة، وقضى بوتين فترة رئاسته بأكملها في وضع خطة لإعادة التحدي. ولذلك من السهل أن ينجر بايدن وبوتين الى التصعيد.
  3. يتعطش بوتين الذي وصفه خطاب واشنطن بمجرم الحرب، لإثبات أنه لا يخسر في طفرة من جنون العظمة. كما أن الفوز في أوكرانيا هو نسخة بوتين من (عقيدة مونرو).
  4. بالنسبة الى الروس، لا بد من التركيز على “السيناريو الأسوأ” لنوايا الخصم. ولذلك يتخذون إجراءات جذرية، وأحياناً بصورة استباقية. وبالعودة إلى الماضي، أسقط السوفيات في أيلول 1983، طائرة ركاب كورية تجارية، انحرفت بصورة مأساوية عن مسارها، على خلفية افتراضهم أنها “طائرة تجسس”. ولم يحاول السوفيات في الأصل تحديد هوية الطائرة التي أسقطوها، الأمر الذي أسفر عن مقتل 269 شخصاً على متنها، من بينهم عضو في الكونغرس الأميركي.
  5. خلال الأسبوعين المقبلين، ستزداد على الأرجح احتمالية سوء الفهم وخطر سوء التقدير، الذي قد يؤدي بدوره إلى نشوب صراع بين الناتو وروسيا. يجري كل من الناتو وروسيا تدريبات نووية متداخلة ومحتملة في خضم صراع نشط وسط أعمق أزمة على الاطلاق في العلاقات الأميركية – الروسية. وانطلقت مناورة ردع نووية في قاعدة كلاين بروجيل الجوية في بلجيكا في 18 ت1 2022. وشدد الناتو، الذي يضم 30 دولة، بعد تصاعد التوترات مع روسيا بسبب تهديدات الرئيس بوتين في مواجهة الانتكاسات في أوكرانيا، على أن (نشاط التدريب الروتيني والمتكرر)، الذي يستمر حتى آخر الشهر كان مخططاً له قبل غزو موسكو لأوكرانيا وليست له علاقة بالتطورات الحالية.

ومن المنظور التاريخي، كان الناتو يستعد في العام 1983، لممارسة إطلاق نووي كجزء من مناورة عسكرية، فعمت الاضطرابات في الكرملين ظنا أن هذا هجوم حقيقي وليس تدريباً. فما كان في الواقع محاكاة للأسلحة النووية من قوات الناتو لا يمكن إلا أن يعني بداية الحرب النووية للسوفيات المذعورين.

ويعتمد بايدن استراتيجية خفض التصعيد حتى الآن من خلال (الأمل والتغيير)، بحيث يأمل بسذاجة أن يغير بوتين رأيه ويوجه قواته لمغادرة أوكرانيا. وبدلاً من ذلك، عليه أن يتصرف بناءً على تحذيره الأخير بشأن النووي ويحد من تصعيد هذا الوضع الخطير عن طريق دفع بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى طاولة المفاوضات”.

شارك المقال