الاختبارات النووية: لماذا يستعرض بوتين عضلاته؟

حسناء بو حرفوش

تشكل استراتيجية الترهيب والردع على الأرجح، آخر الأوراق التي قد تلعبها موسكو، حسب قراءة للمحلل الفرنسي هوغو سيبتييه. ولكن علامَ تنطوي هذه الاستراتيجية؟ هل هي إستعراض للقوة، أم اعتراف بالفشل، أم الاثنين معاً؟ لقد برزت هذه الاستراتيجية مؤخراً على سبيل المثال لا الحصر، من خلال “إشراف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، على تدريب قوات الردع الاستراتيجية الروسية، المسؤولة عن الرد على التهديد في حالة نشوب حرب نووية.

وعرض التلفزيون الروسي لقطات لطاقم غواصة وهو يستعد لاطلاق صاروخ من بحر بارنتس في القطب الشمالي، بالإضافة إلى التركيز على الطائرات بعيدة المدى. وبالتوازي، صوّر رجل الكرملين القوي عدة مرات، وهو يراقب مختلف المناورات ويقودها. وخلص البيان الرسمي إلى أن القوات المسلحة الروسية، وقوات الردع النووي الاستراتيجي على وجه التحديد، جاهزة (لمواجهة هجوم نووي ينفذه أحد خصومنا والرد عليه، وذلك وفقاً لخطة الاتحاد الروسي)”.

وفي اليوم الذي سبق هذه التدريبات، أخطرت واشنطن أنها قد حذرت من عمليات موسكو، وأنها تحترم الالتزامات التي قطعها الكرملين في إطار اتفاقيات الدفاع. فما هو الهدف مما يعرّف على أنه تمرين “روتيني” بسيط؟ يقول ميشيل جويا المتخصص في مسائل الدفاع في مقابلة لموقع القناة الاخبارية BFMTV الالكتروني الفرنسي إن “هذا عنصر آخر في حملة موسكو. قبل أيام قليلة رأينا بوتين يترأس مجلس دفاع. إنها فرصة لإظهار القائد وهو يمسك بزمام القيادة ويعالج القضايا بنفسه. إنها فرصة لإظهار أنه الرئيس وهو الذي يمتلك هذه الأسلحة”.

وبدوره، يعلق المحلل السياسي تييري أرنو المتخصص في الشؤون الدولية بتسطير “الارادة الروسية لبث هذا التسلسل وجعله جزءاً لا يتجزأ من دعايته. هذه الممارسة كلاسيكية وتتوخى إظهار أن الترسانة النووية تعمل، وكل هذا يحدث مرة واحدة في السنة. ولكن ليس هو فن الظهور، الذي يظهر أن روسيا لا تزال قوة نووية وعسكرية عظيمة. هذه هي الورقة الوحيدة المتبقية في لعبة روسيا والتي يصر بوتين من خلالها على قدرته على إخافة بقية العالم”.

أضف إلى ذلك أن هذا التوقيت، وفقاً لوفا رينيل، الباحثة المشاركة في مؤسسة البحوث الاستراتيجية، هو أيضاً ذريعة لفلاديمير بوتين لطمأنة شعبه في الوقت الذي يتزايد التشكيك بإدارة الجيش الروسي. وتضيف: “هذا يؤكد على وجود اختلالات وظيفية، لكنه يبعث في الوقت نفسه برسالة مفادها أنه سيبقى قائداً لجيش فاعل”.

الإقرار بالضعف وتوجيه الرسائل

ومن المحتمل أن تعكس استراتيجية بوتين قراءة أخرى. وفقاً للمؤرخ العسكري سيدريك ماس، “نحن أمام خدعة وقوة مزيفة بصورة واضحة. فلماذا إظهار القوة؟ ربما هذا يعني الخوف من الاختفاء على أرض المعركة. ولو أن القوات الروسية كانت تحصد الانتصارات، لما احتاج بوتين الى هذا النوع من الاستراتيجية”. وتحاول روسيا منذ عدة أسابيع، عكس رواية الحرب، متهمة كييف بالتحضير لاستخدام “قنبلة قذرة”، وهو أمر لا يستند إلى أي واقع عسكري. وفي المقابل، تتهم كييف موسكو بالتذرع بهذه القنبلة من أجل تبرير التصعيد. ويضيف ماس في هذا السياق: “نحن نشهد على هجوم إعلامي يهدف الى ثني الغرب عن دعم أوكرانيا. ولا يغيب عن ذاكرة أحد كيف انتشرت هذا الصيف الدعاية التي تحذر من أن الأوروبيين لن يصمدوا في الشتاء. هذه رسالة إلى الغرب”.

وتختم رينيل: “هذا لا يؤدي الى زيادة حالة التأهب النووي. فالردع نغمة تتكرر في أوقات الحرب والسلام، ولا يجدر بنا القلق إلا عندما تتوقف”.

شارك المقال