عون… ووسام الاستحقاق من رتبة “فاشل أكبر”!

ياسين شبلي
ياسين شبلي

ست سنوات عجاف أمضاها اللبنانيون في ظل عهد ميشال عون، ربما هي الأصعب في تاريخهم الحديث على الرغم مما مرت به البلاد خلال السنوات الـ50 الماضية.

كثيرة هي الأسماء التي يمكن أن تطلق على عهد ميشال عون، من عهد جهنم إلى عهد الإنهيار، ومن عهد الصفقات إلى عهد السرقات وأكبرها سرقة العصر التي أودت بأموال المودعين، من عهد الإنعزال عن المحيط والعالم إلى عهد الفراغ، عهد الطوابير والإذلال المعيشي، عهد تفجير المرفأ وتدمير الخدمات في المطار وهما واجهة لبنان وبوابته على العالم واليه، حتى الكوليرا لم يسلم منها الناس في عهده نتيجة دمار البنية التحتية وتلوث المياه، فكان أن سلَّمها البلد قبل رحيله عوض تسليمه لرئيس آخر.

عندما انتخِب ميشال عون رئيساً للبلاد تحت ضغط الفراغ وسلاح التعطيل الدستوري الذي مارسه “حزب الله” وأدى إلى “تفاهمات وتسويات بالإكراه”، كان لدى البعض من الناس، بعضٌ من أمل في أن يكون الرجل قد تغير بسبب عامل السن والخبرة، وبسبب أنه توَّج مسيرته بأعلى منصب في الجمهورية فلا بد من أن يكون حريصاً على نجاح عهده وتبييض صفحته السابقة، وهو الذي له في ذاكرة اللبنانيين تجربة مرَّة في الماضي من العام 1988 وحتى العام 1990 تاريخ هروبه من قصر بعبدا تاركاً عائلته وجيشه في مهب ريح الانتقام والموت، ولكن يبدو فعلاً كما يقال بأن الطبع يغلب التطبع، فلم يستطع الرجل التطبع مع قيَم المنطق والقانون والشرعية والمصلحة العامة، وقد غلبه طبعه “الأناني” ككل ديكتاتور نرجسي لا يرى سوى نفسه، خصوصاً وأنه تهيأت له بطانة فاسدة منافقة تزين له أفعاله وأقواله وتنفخ في ذاته، معطوفة على حليف سياسي وعسكري قوي ومتسلط صاحب مشروع في لبنان والمنطقة لا يقوم إلا على هذه النوعية من البشر، فكان هو “ولي نعمته” السياسية منذ العام 2006 تاريخ توقيع ما يسمى “ورقة التفاهم” بين الجانبين التي كانت هي بداية الطريق إلى جهنم التي يعيشها اللبنانيون اليوم.

لم يكتفِ ميشال عون بالتعطيل – وهو الضليع في هذا المجال – الذي فرضه على البلد طيلة فترة ولايته، والذي ناهز تقريباً نصف عمر العهد عبر إختراع والتمسك بـ “هرطقات” دستورية أملاها عليه كل من “كبير السحرة” و”صغيرهم” لديه وأدت إلى عرقلة تشكيل الحكومات، بل واصل هذا النهج حتى وهو يغادر القصر عبر حركة “صبيانية” لا يقوم بها هاوِ في السياسة، ولا تليق برجل سياسي ولا بإنسان بلغ من العمر عتياً، ونقصد توقيعه مرسوم قبول إستقالة الحكومة التي هي في وضعية تصريف الأعمال، ليبدو وكأن هناك عُرفاً جديداً أدخله على الدستور وهو الاستقالة من تصريف الأعمال، وهو إجراء مضحك – مبكٍ في بلد يفتقد لترف تضييع الوقت في ظروفه الصعبة وهو بحاجة الى كل ثانية عمل جدي ومسؤول حتى يستطيع الخروج مما هو فيه .

لقد ضرب ميشال عون وهشَّم إبان حكمه كل مقومات الدولة من الميثاق الوطني إلى الدستور، ومن السياسة إلى القضاء، فالأمن والإقتصاد، لم يعد هناك من هيبة دولية – ولو بالحد الأدنى الموجود قبل توليه – للدولة اللبنانية في المحافل العربية والدولية، بحيث بتنا دولة غير طبيعية ومختلفة عن كل دول العالم، حتى الأوسمة وتوزيعها جعل منها أضحوكة في الأيام والأسابيع الأخيرة، بحيث صرف معظم وقته على توزيعها على المريدين والأتباع والأبواق من الذين أدوا له خدمات سياسية وإعلامية – بإستثناء قلة قليلة – وكأنها أوسمة خاصة بتياره، غير أنه والحق يقال ترفَّع عن تقليد نفسه الوسام الذي يستحق عن سنواته الست – إذا ما تغاضينا عن سنوات ما قبل الرئاسة – وهو وسام الاستحقاق الشعبي من رتبة “فاشل أكبر”، وهو الوسام الذي يستحقه عن جدارة لم تتوافر لسواه من الرؤساء السابقين، ولن تتوافر لبعده من القادمين، لأنه نسيج وحده وهو “الثالوث المقدس” في أعين “دراويشه”، إنه ميشال عون الجنرال، وميشال عون السياسي، وميشال عون الرئيس، بينما لم يترك لبقية اللبنانيين ما يقولونه عن ولايته الرئاسية سوى “تنذكر وما تنعاد”، وحسبه بذلك وساماً.

شارك المقال