في ذكرى اتفاق الطائف شكراً وألف شكر للسعودية 

الشيخ حسن مرعب

عشية ذكرى اتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان، وكرّس مبادئ الوفاق الوطني والعيش المشترك بين اللبنانيين، بكل طوائفهم ومذاهبهم، تجد المتضررين من هذا الاتفاق، الذين بنوا حياتهم السياسية على النكد والخلاف، والتآمر والسلطوية، والمليشيوية والشعبوية، وادعوا الدفاع عن حقوق طائفية، يحاولون عبثاً مرة أخرى، الإنقضاض على هذا الإتفاق، ولو كلف ذلك العودة الى الوراء، إلى أيام المتاريس والدشم، والمدافع والخراب والدم، غير آبهين بحياة ومستقبل شعب بأكلمه، ولو كان يرفع صورهم، ويهلل بشعاراتهم الفارغة، لأن هؤلاء وقود حربهم، فهم لن يقاتلوا بأبنائهم الذين يعيشون حياة الملوك والأمراء، وإنما بهؤلاء المساكين والفقراء، الذين يلعبون بمشاعرهم، فيقودونهم الى حتفهم، بحجة الدفاع عن الحقوق والوجود والبقاء .

والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا التغيير في هذا الاتفاق والعبث به الآن، ونحن نمر بأصعب ظروف اقتصادية ومعيشية منذ العشرينيات من القرن الماضي؟ وما البديل عن اتفاق الطائف؟ وهل ستتفق الأطراف السياسية على دستور جديد، وهي غير قادرة على الاتفاق على اسم لرئاسة الجمهورية؟ وكم سيستغرق ذلك من الوقت؟

وإذا كانت الفكرة أن “حزب الله” يحرّك دميته جبران باسيل، للتهويش والتشويش على اتفاق الطائف، فقط لأن البصمة السعودية واضحة فيه، فهي من رعته، واحتضنت الساسة اللبنانيين للاتفاق والتوقيع عليه، فهل الخلاف مع السعودية والكره لها، يؤدي بكم إلى إطلاق النار على أنفسكم؟ وهل السعودية بحاجة اليكم؟ وحتى لو أسقطتم اتفاق الطائف ماذا ستخسر السعودية؟ فبصمتها وإنجازها قد سجله التاريخ، وسيبقى الى أن يشاء الله رب العالمين، ولن يضيرها إن تغير بأيدي العابثين بعد عشرات السنين .

ولكن الخسارة الكبرى هي للبنان واللبنانيين… لأنهم سيخسرون بلداً شقيقاً وقف الى جانبهم، وقدم لهم كل الدعم، بشتى أنواعه على مدار السنين، وفي كل أزمة كان أول المنقذين .

وأيضاً من الذي سيحل محل المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي إن تخلوا عن لبنان؟ 

إيران مثلاً التي لم تقدم يوماً شيئاً للبنان، اللهم إلا ما تقدمه لربيبها “حزب الله”، ذراعها العسكرية التي تعبث من خلالها بأمن المنطقة؟ وقبل أن تقدم للبنان، فلتقدم لشعبها الذي يعيش أزمة اقتصادية كالتي يعيشها لبنان بل وأسوأ!.

والحقيقة التي هي كالشمس الساطعة، أنه لا يملأ فراغ السعودية أحد، مهما علا كعبه وارتفع صوته، فهي شامة العرب وعزهم وفخرهم، وفيها قبلتهم وقبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم .

ولبنان اليوم، وهو يتذكر هذا الاتفاق، لكي ينهض من كبوته ونكبته التي خلفها هؤلاء المتضررون المخربون المفسدون، بعد حكمهم لست سنوات عجاف سوداء أشد من سواد الليل الحالك، لهو بأمس الحاجة الى وقوف المملكة العربية السعودية بجانبه، وكل أشقائه من دول الخليج والبلاد العربية، وبدونهم لن تقوم له قائمة، وسيبقى في جهنم التي أوصله اليها ميشال عون وصهره، ومن خلفهما “حزب الله” راعيهما ومشغلهما .

وفي الختام من الواجب على اللبنانيين، كل اللبنانيين، بشتى طوائفهم ومذاهبهم، مسلمين ومسيحيين، الحفاظ على اتفاق الطائف، والوقوف صفاً واحداً في وجه من يريد العبث به وتخريبه وتغييره، وقبل الحديث حتى عن تعديله، فلتطبق بنوده كاملة من غير نقصان، وسنجد أننا بألف خير، وستنطلق عجلة النظام والقانون، ونضع قدمنا على سلم النهوض مرة أخرى .

والبداية من انتخاب رئيس يعيدنا مرة أخرى الى الحضن العربي، حافظاً للود وراعياً له .

وأقل القليل أن نقول عشية هذه الذكرى، شكراً للمملكة العربية السعودية على انجازها اتفاق الطائف، ورعايتها له، والذي من خلاله حقنت دماء اللبنانيين وضمدت جراحهم، ونزعت فتيل الحرب في ما بينهم، وأعادت بناء وطنهم لبنان.

شارك المقال