صار الوقت لنفكر بالبرامج الحوارية

تالا الحريري

مشهدية برنامج “صار الوقت” ليلة الخميس كانت أشبه بحلبة مصارعة، تدافع فيها مناصرو “التيار الوطني الحر” وعناصر أمن محطة الـMTV ليتطوّر الأمر إلى تضارب عنيف بينهم خارج الاستديو. أمّا المشهد الخارجي فتبدّل سريعاً وسط إطلاق نار وتهجّم على إستديوهات المحطة مع محاولة الدخول مجدداً إلى إستديو “صار الوقت” المعزول عن المبنى الرئيسي.

إحتدم الاشكال لمدة أربع ساعات تقريباً وسط محاصرة ضيوف البرنامج وفريق “لبنان الكبير” مع رئيس تحريره الصحافي محمد نمر إضافةً إلى الجمهور المتبقي.

ويعود أساس هذا الموضوع إلى طبيعة البرنامج الحواري، الذي من المعروف أنّه يتناول المواضيع الساخنة والأكثر جدلاً على الساحة، ويأخذ طابع الحوار المباشر مع ضيف أو أكثر، وهو يعتبر الأكثر ديموقراطية بين البرامج الأخرى لما يفتحه من مناقشات وتبادل آراء.

نخول: المحطة دفعت ثمن الحرية

وفي توضيح لما حصل، أشار منتج برنامج “صار الوقت” جان نخول في حديث لـ”لبنان الكبير” إلى أنّ “الاستفزازات بدأت من الحرس القديم قبل بدء الحلقة وكانت هناك نية لافتعال مشكلة. البرنامج لم يدخل في هذه اللعبة وحاول تهدئتهم لكن للأسف إنجرفت الأمور بهذه الطريقة. النقاش المفتوح بين الضيوف والجمهور بدأ في الأساس من برنامج صار الوقت. كما أنّ حادثاً كهذا من غير الممكن أن يدفعنا الى التخلي عن مبدأ الديموقراطية الذي نعتمده في البرنامج. من لا يريد إحترام أصول الحوار فلا يأتي”.

وأوضح أن “محطة الـMTV اتخذت قراراً بمنع الجمهور العوني من المشاركة حتى إشعار آخر. أساساً كل المشكلات منذ البداية كانت من طرف الجمهور العوني، من غير المعقول أن يلتزم كل جمهور الأحزاب والأطراف الأخرى بالآداب والقوانين وهم يفتعلون المشكلات. الضيوف من التيار الوطني الحر سواء كانوا نواباً أو وزراء أو قياديين من غير الوارد أن نمنعهم ولن نمنعهم. نحن محطة دفعت ثمن الحرية ولسنا نحن من نقمع الضيوف”.

أبو زيد: من يعيش الديكتاتورية فليعشها وحده

وعلّق رئيس “نادي الصحافة” الصحافي بسام أبو زيد على ما حصل بالقول: “من غير المقبول أن يتطور أي نقاش في أي حلقة تلفزيونية إلى أعمال عنف واعتداءات، خصوصاً الاعتداءات على الاعلاميين والمحطات الاعلامية. تبادل الآراء اليوم يجب أن يكون بإنفتاح وحضارة وأن يتقبل كل طرف الرأي الآخر برحابة صدر”.

وأكد أن “المناقشات في لبنان تخرج عن طورها وتتخللها شتائم وكلمات غير مقبولة لكن كل هذه الأمور لا تعالج بالعنف ولا بالتعدي على الاعلام ووسائله وعلى الاعلاميين. ما حدث في حلقة صار الوقت كان مباشراً على الهواء وكلّه موثق بواسطة المحطة والجمهور الموجود، لذلك يستطيع أي شخص العودة اليه للتدقيق بما حصل”.

واعتبر أنّ “الاعلام في لبنان تحول إلى مكسر عصا. بالطبع هناك مخالفات في الاعلام وتحدث في أي إعلام في العالم، لكن هناك معنيون لملاحقة من يرتكب المخالفة، من غير المقبول أن يقال في كل مرة إنّ الاعلام مأجور وتابع وخائن وإلى آخره… لبنان بلد الحريات والاعلام يجب أن يبقى حراً ومن يعيش الديكتاتورية فليعشها وحده”.

نعيم: من قاموا بهذا التصرف خلفيتهم قمعية

ووصف الصحافي وناشر موقع “سياسة” رامي نعيم ما تعرضت له الـMTV بأنه “مدان وغير مقبول ولا علاقة له بحرية الرأي”، معتبراً أنه “يدل على أنّ الأشخاص الذين قاموا بهذا التصرف خلفيتهم قمعية وهم في الأصل من كانوا ينادون بالحرية واحترام الآخر. الا اذا كان التيار الوطني الحر غيّر نهجه بعد ما صار شريك حزب الله والحزب القومي والسوريين، فبدلاً من أن يحثهم على تقبل الآخر حثوه على رفض الآخر وعدم تقبل أفكاره”.

وعن ثقافة البرنامج في إعتماد النقاش المفتوح، قال نعيم: “أعتقد أنّ النقاش المفتوح كان مهماً والناس كانوا سعداء بأنّ هناك تبادل أفكار ولم يكن هذا سبب الخلاف. وأعتقد أنّ شربل مارون لم يكن في مأزق، أي أن الامر لم يكن يستدعي هذه المشكلة. الناس الذين تواجدوا هناك في الأصل أرسلوا محقونين ضد البرنامج والمحطة. مشكلتهم أنّهم حولوا لبنان كله ضدهم بطريقة تعاطيهم في الحكم إن كان من طرف ميشال عون أو جبران باسيل أو الوزراء ومن حقدهم تجاه ردود الفعل على منتقديهم أصبحوا (مزروكين). لذلك، عليهم تغيير سياستهم أو تغيير انتمائهم السياسي”.

وأشار نعيم الى أنّه “تضارب وانتهى والاعتذارات متتالية حتى قياديو التيار ومسؤولوه أرسلوا اعتذارات لأنّهم أُحرجوا وتبهدلوا. التضامن اللبناني الكبير السياسي والاعلامي والثقافي وكل الجوانب الأخرى أحرجت التيار أكثر فأكثر”.

بولس: شباب “التيار” يبنون ميليشيا

وشدد ناشر موقع “الشفافية نيوز” الصحافي طوني بولس على أنّ “برنامج صار الوقت وقناة الـMTV ليسا اعلاماً تقليدياً، بل اعلام ناجح ومتميز. والمحطة لطالما رفضت المساومات، وتنقل صوت الرأي العام والحقائق وهي فسحة للجميع. صار الوقت هو أكثر برنامج ديموقراطي في لبنان ويعطي مجالاً للآراء المتعددة للمواطنين والقوى السياسية. لكن عملياً المحاولة المقصودة البارحة (أول من أمس) مدبرة عن سابق اصرار وتصميم ومخطط من ميليشيا التيار الوطني الحر”.

أضاف بولس: “من الواضح اليوم أنّ شباب التيار يبنون ميليشيا لهذا الهدف حتى يستفيدوا من تجربة حزب الله ويقمعوا الرأي العام والاعلام وحرية الرأي والتعبير. هذا التيار الذي يعمل دائماً للبروباغندا الاعلامية ويخبئ الحقائق خصوصاً عندما تنكشف ولا تكون لديه حجة دفاع عن فشله، لذلك ليس لديه أسلوب سوى الاعتداء على أي صرح ديموقراطي يؤثر على الرأي العام”.

ورأى أن “هذا البرنامج والـMTV وكل الاعلام الحر هي من كشفت فساد ميشال عون في عهده الفاشل والمؤامرة التي كان يدبرها مع تياره على الشعب اللبناني بالانقلاب على الدولة وتسليمها الى الدويلة وبالتالي تغيير المنظومة ونطام الحكم. ولا ننسى أنّ هذا التيار لديه مشروع انقلابي عبر تطيير نظام الطائف والقيام بنظام سياسي جديد يلائم حزب الله وايران في لبنان. انكشاف هذا المشروع يدفعهم الى أن يكونوا في مواجهة الاعلام وفي الأساس عهد ميشال عون أكثر عهد مشهور بقمع الاعلاميين والحرية الاعلامية”.

ولفت الى أن “هذا العهد بما أنّه رحل وسقط يستخدم وسائل وأدوات أخرى بهدف استكمال ضرب الاعلام ومواجهته بالعنف لأنه غير قادر على مواجهة الصوت الحر سوى بهذه الطريقة لذلك يتشابه مع حزب الله، الذي يقتل فيما التيار يعتدي ويكسر ويدمر”.

شارك المقال