الهلال الخصيب… مهدد بالزوال

حسين زياد منصور

كغيرها من المناطق التي تتأثر بالتغير المناخي والعوائق الناتجة عنه، ها هي منطقة الهلال الخصيب من أبرز المتأثرين والمتضررين منه. والماء من العناصر المهمة والأساسية لاستمرارية الشعوب والحضارات.

يعتبر العراق من الدول التي تعاني من الجفاف وشح المياه، على الرغم من وجود نهري ‏دجلة والفرات، ‏التي نشأت على ضفافهما أولى المدن في العصور القديمة، واشتهرت حينها بلاد ما بين النهرين بالزراعة والري.

اما اليوم فالحالة اختلفت، وأصبحت بعض الأنهر العراقية جافة، وهذه الأزمة يواجهها العراق وسوريا بصورة كبيرة، كونهما من أكبر دول الهلال الخصيب. وهذا الجفاف المستمر منذ مدة ليست قصيرة وكانت نتائجه مخزية، تفاقم في السنوات الأخيرة وأصبح يعوق سبل العيش إثر تراجع الأمطار بصورة ملحوظة ويؤثر على الزراعة والمزارعين في سوريا والعراق وحتى تركيا.

وهذه الأزمة التي تواجهها دول الهلال الخصيب من شأنها تغذية المزيد من الاضطرابات والمشكلات في المنطقة حيث تتصارع المجتمعات على موارد المياه المتضائلة كي تؤمن استمراريتها.

واليوم كل ما تعاني منه هذه المنطقة هو التصحر وتحويل المياه الشحيحة إلى أماكن أخرى للحفاظ على ما تبقى من الزراعة، خصوصاً أن بعض التوقعات والدراسات الصادرة عن معهد بحوث “تسوكوبا” الياباني يفيد بأن الهلال الخصيب مهدد بالاختفاء عن وجه الخارطة هذا القرن إن استمر تراجع شحّ المياه في الأنهر العراقية.

ويتعرض العراق للأذى المتعمد من جيرانه من خلال سياسات تركية وإيرانية فاضحة تحجز مياه الأنهر وبناء السدود عليها… وهذه الخطوات أضرت بالزراعة في كل العراق وبالأهوار في جنوبه ما أدى الى موت الأشجار وتحديداً النخيل وانتشار ظاهرة الجفاف والتصحر في كل أرجاء البلاد وهو ما يهدد انهيار بقية المدن فيه.

وتعتبر الزراعة التي تطورت في بلاد الرافدين منذ آلاف السنين مدمرة في الوقت الحالي، بسبب انخفاض هطول الأمطار والصراع المستمر على مدى عقود وانخفاض تدفق المياه في النهرين الرئيسين دجلة والفرات.

تعاني مناطق عدة من حالات النقص في المياه في جنوب العراق، الى جانب قلة الأمطار ونقص مياه الأنهار في شمال العراق وسوريا، فضلاً عن الصراعات الدائرة وتهميش المجتمعات الريفية، في الوقت الذي يشير فيه مسؤولون عراقيون الى أن هذا الموسم سيكون الرابع توالياً من ناحية الجفاف، ولا يوجد ما يدعو الى التفاؤل خصوصاً أن الخزانات خارج الخدمة بالكامل، في الوقت الذي أصبحت فيه المياه الجوفية والأمطار مصادر مهمة، في ظل السدود الموضوعة على الأنهار عند المنبع، كالذي تقوم به تركيا، حتى أن إنتاج القمح في إقليم كردستان في شمال العراق تهاوى نحو 70 بالمئة هذا العام إلى 300 ألف طن، مما دفع السكان الى حفر الآبار على الرغم من كونه ليس حلاً استراتيجياً ولكن لعدم وجود بديل سريع.

تأثر الهلال الخصيب وخصوصاً العراق بالتغير المناخي، وأصبح يحتل المرتبة الخامسة في العالم بين الدول الأكثر عرضة لتداعيات الاحتباس الحراري بسبب ارتفاع درجات الحرارة وتراجع هطول الأمطار والملوحة والعواصف الترابية.

شارك المقال