التسوية الخارجية تكسر روتين الجلسات الانتخابية؟

هيام طوق
هيام طوق

كما هو متوقع عقدت الجلسة السادسة لانتخاب رئيس الجمهورية، وانتهت كسابقاتها بنتيجة تعادل سلبي بين أكبر فريقين في المجلس النيابي، اذ صوّت الفريق الأول لصالح النائب ميشال معوض فيما صوّت الثاني بورقة بيضاء.

وشهدت جلسة الأمس سجالاً بين نواب “الكتائب” ونواب 8 آذار بعد أن توجه النائب سامي الجميل الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بالقول: “يحق لنا أن نسألك الى أي مادة تستند عند الاصرار على نصاب الثلثين في الدورتين؟”. فأجاب بري: “الدستور ينص على أكثريتين أولى للنصاب وأولى للانتخاب”. وبعد انتهاء الدورة الأولى، حصل معوّض على 43 صوتاً مقابل 46 ورقة بيضاء و7 أصوات لعصام خليفة و9 لـ “لبنان الجديد” و3 لزياد بارود وصوت لسليمان فرنجية وصوت لميشال ضاهر وورقتين ملغاتين. وتغيّب 5 نواب عن الجلسة التي طيّر نواب 8 آذار نصابها في الدورة الثانية، ورفعها الرئيس بري وحدد أخرى الخميس المقبل.

هذا السيناريو من الجلسات الانتخابية، سيستمر اذا لم يطرأ أي جديد خصوصاً أن المعلومات تشير الى أن فرنسا وضعت الملف الرئاسي على نار حامية، ولن تسمح بإطالة مرحلة الشغور، وأنه بعد رأس السنة يجب حسم الموضوع وفق تسوية معينة ربما تتضمن التوافق على اسم الرئيس المقبل واسم رئيس الحكومة. وانطلاقاً من هذه المعطيات، يعتبر البعض أن كل الأطراف تنتظر معالم هذه التسوية بحيث أن قوى الموالاة تتريث في اعلان اسم مرشحها، كما أن قوى المعارضة ستتخلى عن مرشحها ما يعني أن القاسم المشترك بينهما كلمة السر أو التسوية الخارجية، لكن كل منهما يمرر الوقت الضائع على طريقته.

وهنا لا بد من التساؤل: هل التسوية الخارجية هي وحدها التي ستكسر روتين الجلسات الانتخابية؟ وهل يصدق من يقولون ان المعارضة تتمسك بمعوض، وتحاول رفع رصيده لتحسين شروطها التفاوضية في التسوية؟ وهل قوى الموالاة تتريث في اعلان مرشحها لتتضح أمامها بنود التسوية وتركيبتها؟

أوضح النائب قبلان قبلان في حديث لموقع “لبنان الكبير” “أننا كنا نتمنى لو حصل الاتفاق بين القوى السياسية التي دعاها الرئيس بري الى الحوار، ورفضته. هدفنا لبننة الاستحقاق، وجعله لبنانياً بالكامل من دون أي تدخل خارجي، وهذا ليس صعباً. وفي حال اجتمع اللبنانيون، وتنازلوا لبعضهم البعض فهذا أفضل بكثير من التنازل للخارج. الأفق ليس واضحاً لجهة انتخاب رئيس الجمهورية. واذا لم يتم التوافق في الداخل، فإن الخارج سيتدخل، وللأسف هناك من يسمع له”.

وأكد أن “لا فريق من الفريقين يمكنه أن يؤمن نصاب الثلثين أو الـ 65 صوتاً لانتخاب الرئيس. والطريقة الوحيدة التي يمكنها ايصال الرئيس تكون عبر توافق الفريقين”، معتبراً أن “اسم ميشال معوض يطرح لحرقه، وهو ليس المرشح الفعلي بحيث هناك أسماء أخرى ليست جاهزة للاعلان عنها حالياً، ويحاولون تحييدها من الاحتراق داخل الصندوق. يبدو أنهم ينتظرون شيئاً ما في هذا الموضوع”.

أضاف: “نحن قلنا ونقول ان سليمان فرنجية لديه كل المواصفات التي تؤهله لأن يكون رئيساً للجمهورية، لكننا لم نبتّ هذا الأمر حتى هذه اللحظة، ولا نطرح الأسماء لأننا نعرف أنه لا يمكننا في الوقت الراهن ايصال مرشحنا الى سدة الرئاسة. وبالتالي، نحن ندعو الأطراف الأخرى الى الحوار، والاتفاق على اسم معين. اليوم نصوّت بالورقة البيضاء لأن ليس لدينا أي استعداد لحرق اسم من أصدقائنا وحلفائنا. وفي المرحلة اللاحقة، سيرى الجميع أن الأسماء المتداولة اليوم ستكون قد أحرقت خلال هذه الجلسات”. وتمنى “التسوية الداخلية وليس الخارجية”، متسائلاً: “هل يجوز أن نقف عاجزين أمام الاستحقاق الرئاسي، وكأننا نقول اننا لم نبلغ سن الرشد السياسي والوطني؟”.

أما النائب وضاح الصادق، فعزا الروتين الذي نراه في الجلسات الى بعض النواب الذين يطيّرون الدورة الثانية، مشيراً الى أنه “حين وضع الدستور، لم يذكر النصاب لأن المشرّع لم يعتبر حينها أن هناك نواباً لا يتحملون مسؤولية تجاه وطنهم. العملية الديموقراطية تقول ان على الجميع الانتخاب والقبول بالنتيجة، لكن، نفتقد العملية الديموقراطية في لبنان. نحن نحاول انتخاب أكثر شخصية يمكن أن تنطبق عليها المواصفات التي نريدها، ونقنع بها الطرف الآخر”. ورأى أن “كلمة السر لا تأتي من الخارج انما موجودة في الداخل بحيث أن هناك بعض النواب الذين ينتمون الى الموالاة، يتحكمون بمصير البلد، وهذا غير منطقي وغير دستوري وغير قانوني”.

وسأل: “ما هي الخيارات الأخرى اليوم غير النائب معوض؟ انها قناعتنا، ونمارس حقنا الدستوري في التصويت له. ثم اذا كانوا يعتبرون أن معوض مرشح تحد، فهل يقبلون بالنائب نعمت افرام مثلاً أو أنهم يريدون رئيساً على قياسهم؟ هذا ما لن نوافق عليه”.

ولم يستبعد أي تسوية في بلد مثل لبنان، لكنه اعتبر أن “تمرير التسويات ليس سهلاً لأن هناك عدداً كبيراً من النواب لا يتلقى التعليمات من الخارج، ولن يقبل بها”، مؤكداً أنه “اذا أتى الخارج كحَكم لأننا لا نملك النضج السياسي الكامل في المجلس، فليكن لتقريب وجهات النظر اما اذا أتى ليفرض تسوية، فلن ينجح في ذلك”.

شارك المقال