بايدن يريد استبدال بوتين: “احذر مما تتمناه”

حسناء بو حرفوش

لفت الرئيس الأميركي جو بايدن في وقت سابق من هذا العام، الأنظار في وارسو، عندما صرح بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “لا يمكنه البقاء في السلطة”. وعلى الرغم من الاجماع الغربي على معارضة العدوان الروسي، أثار هذا التصريح قلق الحلفاء وفاجأهم حتى سارع المسؤولون في الادارة الى نفي دعوة الرئيس لتغيير النظام. الحقيقة هي أن بايدن عبّر عما يراود العديد من صانعي السياسات سراً، خصوصاً أولئك الذين يعتقدون على وجه التحديد، أن بوتين يجب أن يرحل. وفي حين أن هذا الرأي يعد “بشكل متفائل بتغيير القيادة الروسية وإنتاج موسكو أقل تشدداً وأكثر انفتاحاً على الغرب، إلا أنه افتراض إشكالي يتجاهل التاريخ والواقع السياسي المحلي لروسيا”، حسب قراءة في موقع “نيوزويك”.

دولة صعبة الحكم

ووفقاً للمقال، “ليست روسيا بالدولة التي يسهل حكمها. فقد اعتمد قادتها على هيكل قيادة نشأ في عهد القياصرة، وتم تلخيصه في الحقبة السوفياتية، وهو موجود اليوم. وعندما يظهر قادة جدد، سيحتاجون الى العمل بلا هوادة، لتعزيز سيطرتهم على الدولة وعلى المجتمع. حتى أن المتخصصين الاقليميين يفشلون أحياناً في إدراك الظروف القاسية التي تنتظر القادة الروس الجدد الذين سيحتاجون الى استخدام العنف بصورة استراتيجية للحفاظ على حكمهم. وفي الماضي، عندما حل ليونيد برجنيف محل نيكيتا خروتشوف في أعقاب أزمة الصواريخ الكوبية، تطلع الكثير من الناس إلى علاقات أفضل بين الشرق والغرب. وتلاشى هذا الأمل مع ابتعاد الاتحاد السوفياتي عن الغرب من خلال تبني توجه أكثر تحفظاً ودفاعاً. وواجه ميخائيل غورباتشوف معركة داخلية خطيرة عندما حصل على رئاسة الوزراء وكان بحاجة إلى ترسيخ قيادته. وسعى إلى إعادة صياغة مطالبة موسكو بالتفوق الدولي من خلال إعادة بناء الاقتصاد وإنعاشه. وقد خلق هذا فرصة لعلاقة خاصة مع رونالد ريغان أدت إلى العديد من معاهدات تقليص الأسلحة وتعزيز التعاون.

وواجه القادة الجدد الذين أجبروا على استخدام القوة صعوبات في تعزيز موقفهم. فاستخدم بوريس يلتسين، على سبيل المثال، العنف في الداخل للحفاظ على حكمه. وبالمثل، عندما وصل بوتين إلى السلطة، شكل العنف ضد الشيشان وسيلة لإحكام سيطرته وتعزيز سلطته. واستهدف العنف أيضاً المعارضين في المدن الروسية الكبرى. وسيتعين على أي شخص يخلف بوتين مواجهة منافسين أقوياء، وستعتمد قدرتهم على ابقاء القدرة على التغلب على هذا التحدي. وبالتالي، لن يتمكن من يخلفه من ترسيخ سلطته من دون اللجوء إلى العنف.

“سيناريو الكابوس”

وتشهد روسيا تحولاً ديموغرافياً بحيث يتناقص عدد السكان السلافيين بينما ينمو عدد سكان آسيا الوسطى والسكان الأصليون. وسيواجه بديل بوتين مزيداً من المعارضة الداخلية مما يضطره الى استخدام القوة للحفاظ على الحكم. وعندما يرحل بوتين، ستتمرد الشيشان مجدداً وتحاول الحصول على استقلالها. وبالنظر إلى النمو في عدد السكان المسلمين في مناطق آسيا الوسطى في روسيا، من المحتمل أن ترتفع مناطق إضافية أيضاً وتحاول الانفصال. حينها، سيكون التوتر بين السلاف وآسيا الوسطى كبيراً لدرجة أنه من الممكن اندلاع حرب أهلية، حرب يمتلك فيها الطرفان أسلحة نووية. سيناريو الكابوس هذا هو احتمال حقيقي وشيء يحتاج العالم إلى مراعاته.

ونظراً الى أن موقف الخلف سيعتمد على استخدام العنف، سيواجه من يأتي بعد بوتين معارضة غربية لسلوكه على الفور. وستتطلب الظروف من القائد الجديد استخدام القوة على نطاق واسع وهذا سيصعب للغاية بناء علاقات بناءة مع الغرب. وينظر العديد من الأميركيين إلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، كبديل محتمل لبوتين. وفي حين أن لافروف محبوب في الغرب، لا تتناسب خلفيته الديبلوماسية مع صورة زعيم روسي. لذلك، السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أن الخليفة سيأتي من مجتمع الاستخبارات وستكون له علاقات مع الجهات الفاعلة الأكثر معارضة لاعادة اندماج روسيا في الغرب. ومن غير المرجح أن يتبنى بديل بوتين في نهاية المطاف الغرب ويكون أكثر انفتاحاً على التسوية. الاحتمال الأرجح هو أن أي زعيم جديد سيعارض واشنطن وحلف شمال الأطلسي بنشاط لإرضاء قاعدته ولحشد الرأي العام الروسي”.

شارك المقال