الترسيم البحري ينعكس رئاسياً… في الربيع؟

هيام طوق
هيام طوق

يعقد مجلس النواب جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية اليوم، لكن كالعادة سيتكرر السيناريو نفسه الذي شهدته الجلسات الست السابقة التي لم تؤد الى نتيجة بفعل التوازنات في المجلس، وعدم التوافق بين القوى حتى داخل الفريق الواحد.

كثيرون يقولون ان ستاتيكو التعطيل القائم سيستمر أقله الى ما بعد الأعياد المقبلة في وقت تسجل حركة داخلية باهتة في الشأن الرئاسي، تقتصر على زيارة تنسيقية من هنا أو تشاور وحوار بين بعض النواب من هناك، لكنها كلها لن تقدم ولن تؤخر في الاستحقاق الرئاسي الذي لا يزال عالقاً في نفق مظلم أقله الى اليوم. وبحسب أحد المراقبين، فإن الأسماء المطروحة حالياً ربما لن تكون من ضمن سلة الأسماء حين نصل الى مرحلة الجد على الرغم من سعي هؤلاء مع الأطراف والدول المؤثرة في السياسة الداخلية. وفي الوقت الضائع، سنشهد ارتفاع حظوظ هذا الاسم تارة وانخفاضه طوراً، والمرحلة دقيقة الى بداية الربيع حيث ستتضح الأمور، وسيكون هناك رئيس جديد للجمهورية.

وبين من يشدد على ضرورة لبننة الاستحقاق، وعدم السماح بتمرير التسويات خصوصاً أن الدول الكبرى لديها همومها ومشكلاتها، وتكرر موقفها الداعم من “بعيد لبعيد” كالولايات المتحدة، وبين من يؤكد أن الرئاسة لا يمكن أن تكون من انتاج لبناني صرف، والحركة الفرنسية في هذا الاطار خير دليل، مترافقة مع مساع فاتيكانية، يبقى التساؤل: لماذا لم ينعكس الترسيم البحري تسهيلاً لانتخاب الرئيس مع العلم أن الأجواء التي رافقت مرحلة الترسيم كانت توحي بأن الاتفاق الاقليمي والدولي ستكون تداعياته ايجابية على الملف الرئاسي على اعتبار أنها الدول ذاتها المؤثرة في اللعبة السياسية الداخلية؟ وهل الجهات الداخلية تنتظر تسوية رئاسية شبيهة باتفاق الترسيم؟

أشار النائب السابق سيزار معلوف في حديث لموقع “لبنان الكبير” الى أن “الترسيم بوابة للخروج من النفق تدريجاً، لكن الحرب الروسية – الأوكرانية، حوّلت اهتمامات الدول نحو مشكلاتها وقضاياها الداخلية بحيث أن أوروبا تشهد مظاهرات ووضعها الاقتصادي على أبواب الشتاء سيء. وبالتالي، الملف اللبناني ليس أولوية، وموضوع في الثلاجة مؤقتاً أي أنه لن يذهب الى مزيد من التأزم، ولا الى الحل، الى حين التسوية الكبرى”، كاشفاً “أننا يمكن أن نشهد في آذار المقبل على حديث جدي في الاستحقاق الرئاسي بحيث ستكون المعركة محصورة بين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزيف عون”.

أضاف معلوف: “ليس هناك من انفراج قبل الربيع لأن من المتوقع أن تحصل تسوية بين المخابرات الأميركية والروسية لوقف الحرب الروسية – الأوكرانية بعد رأس السنة، حينها يتم البحث جدياً في الملف الرئاسي. ويبقى الملف الأميركي – الايراني بحيث أن ايران اقتربت من الحصول على قنبلة نووية، ما سيسرع وتيرة التفاوض بين البلدين للتسوية في الملف النووي. كل ذلك لن يتم قبل شهر آذار”.

واعتبر النائب السابق علي درويش أن “التركيبة اللبنانية والتوازنات في البرلمان لم تصل حتى الآن الى مرحلة النضوج والتوافق حول شخصية معينة. كانت هناك مبادرة للحوار دعا اليها الرئيس نبيه بري، ونتوقع من المرجعيات الروحية أن تلعب دور جمع الأفرقاء السياسيين في لقاء يمكن أن ينتج رئيساً لاحقاً. نحن في مرحلة انتظار عسى ألا تطول خصوصاً أن المخاطر ستكبر تدريجاً بأشكالها كافة، الاقتصادية، والمعيشية والأمنية.”

وشدد على ضرورة “الأخذ في الاعتبار أن يكون الاستحقاق داخلياً، لكن في التركيبة اللبنانية، لبنان يتأثر بالخارج أما شكل التأثير، فيترك للأيام المقبلة. وهناك حقيقة لا يمكن نكرانها بأن هناك قوى اقليمية ودولية تؤثر في الاستحقاق الرئاسي. والى اليوم، لم تنضج التسوية الخارجية”، مؤكداً أن “تسريع توقيع اتفاق الترسيم يعود لمصالح دولية، لكن في انتخاب رئيس الجمهورية، تختلف طريقة التعاطي ووتيرتها”.

أما السفير خليل خليل، فلفت الى أن “الترسيم لم يحصل من دون التوافق الايراني – الأميركي، وهو بحد ذاته خطوة في وضع المنطقة ككل وليس في ما يتعلق بانتخاب الرئيس في لبنان وحسب. وبالتالي، يمكن القول انه حصل نوع من التناغم والتفاهم حول موضوع الرئاسة. ولكي يوافق حزب الله على الترسيم يعني أن ايران وافقت عليه، وهي لن تقبل بموقف اقليمي اذا لم يكن لديها مصلحه فيه. ومصلحتها من الترسيم يمكن ايجازها بأمرين: تخفيف الاحتقان الاسرائيلي ضدها، وتحقيق تطلعات الحزب في لبنان”.

وقال: “لا شك في أن بعض الجهات اللبنانية تنتظر تسوية شبيهة باتفاق الترسيم الذي يحمل معه تأمين مصالح بعض الأفرقاء”. ورأى أن “الفريق الملتزم بخط ايران قادر على انتخاب الرئيس، لكنه لا يريد أن يخسر حليفه التيار الوطني الحر الذي لن يقبل بفرنجية”.

وأشار الى أن “الناس لم ينتخبوا النواب التغييريين لشعبيتهم بل لمواقفهم ضد الفساد، ومطلوب منهم الالتزام بهذا الموقف. واذا لم يتخذوا موقفاً صلباً وجدياً ضد هؤلاء الفاسدين الذين ألغوا دور لبنان الاقليمي والدولي، يخونون الرأي العام لأنهم يتخذون مواقف معاكسة له. هم ليسوا أحراراً في الخيارات لأنهم انتخبوا وفق مبادئ معينة، وعليهم الالتزام بها”.

شارك المقال