واقعتان تهزّان نقابة محامي طرابلس!

إسراء ديب
إسراء ديب

ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي في مدينة طرابلس بخبر شكّل صدمة بين الحقوقيين شمالاً، إذْ وقع إشكال كبير خلال اجتماع الجمعية العمومية لمناقشة الموازنة العامّة لنقابة محامي طرابلس، في وقتٍ انتشرت معلومات عن أنّ الاشكال حدث بين النقيب الأسبق للمحامين فهد المقدّم والمحامي نهاد سلمى، الذي تحدّث عن “ملف الاختلاس المدعى عليه ضدّ المقدّم”، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً بسبب حساسية هذا الملف من جهة، وعدم الوصول حتّى هذه اللحظة إلى قرار يُدين المقدم أو يُبرئه، من جهة ثانية.

في الواقع، إنّ مداخلة سلمى في الجلسة لم تمرّ مرور الكرام أبداً، وتساءل فيها أمام نقيبة المحامين ماري تيريز القوّال عن مصير ملف الاختلاس الذي طرح في عهد النقيب السابق المحامي محمّد المراد، بعد تحدّث عدد من المحامين حول كشفهم عن أموال مهدورة ومختلسة في العهود السابقة إثر عريضة أعدّوها لهذا الهدف، وهم لا يُدركون حينها سبب هذا الهدر، ومصدره وقيمته، ليردّ عليهم المراد حينها بأنّه سيطلب من شركة تدقيق مالي الكشف لمعرفة التفاصيل ضمن فترة زمنية محدّدة، وذلك بعد ضرورة إعدادهم توصية منهم ليتحرّك، وما حدث أنّ شركة التدقيق التي جاءت من بيروت بيّنت وجود هدر، واتضح أيضاً أنّ كل هذا الهدر حصل في عهد المقدّم الذي ادّعى عليه القضاء، أمّا نقابة المحامين فقد ادّعت ضدّ مجهول حينها، وذلك وفق ما يُؤكّد مصدر مطّلع على هذا الملف لـ “لبنان الكبير”.

وفي التفاصيل، فقد ردّت القوّال على تساؤل سلمى، مؤكّدة أنّ الملف لا يزال في عهدة القضاء الذي يثقون به، لكن على ما يبدو، ووفق سلمى، فإنّ المقدّم قد استشاط غضباً في الجلسة بعد مداخلته والحديث عن هذا الملف الذي لم يذكر فيه صراحة اسم المقدّم، وحصل توتر في الجلسة التي تعقد سنوياً “الأمر الذي دفع المقدّم إلى الطلب من ابنه جلب السلاح من السيارة، فخرجا مسرعين من الجلسة للتوجه إلى موقف النقابة في المبنى، ولحق بهما عدد من المحامين الذين سحبوا منه السلاح كيّ لا تقع مشكلة أكبر وعاد المقدّم إلى الجلسة، لكنّه بقي غاضباً منّي وينظر الي بغضب”.

أضاف سلمى لـ “لبنان الكبير”: “بعد انتهاء الجلسة بساعة ونصف الساعة، تعرّضت للضرب من النقيب الأسبق الذي استعان بعدد من الأشخاص منهم محامون أقرباء له، ونقلت إلى المستشفى حيث كشف على الضربة طبيب شرعيّ مع تعرضي لكدمات وغيرها، ويُمكن القول إنّ هذا التهجم والاعتداء الجسدي إضافة إلى سحب السلاح هما واقعتان لا يُمكن إغفالهما أبداً وقد استغربت كثيراً حمله السلاح والدخول به إلى النقابة، مع العلم أنّ من المفترض أن يكون قدوة للمجتمع، لذلك كنت قد تقدّمت بادّعاء مباشر أمام قاضي التحقيق الأوّل وبدأت دعوى الحقّ العام ضمن الـ 24 ساعة”.

في المقابل، لفتت معطيات لـ “لبنان الكبير” إلى أنّ المقدّم الذي كان قد ترشح للانتخابات النيابية في دائرة الشمال الثانية (طرابلس، المنية والضنية) للعام 2022، كان ينتمي إلى تيار “المستقبل”، وخرج من هذه العباءة حينها بعد عزوف الرئيس سعد الحريري سياسياً وانتخابياً في هذه المرحلة، ما يعني أنّه بات ينتمي إلى فئة “قدامى المستقبل” في المدينة، لكنّه واجه في مرحلة الانتخابات هجوماً أيضاً، بعد تذكيره بهذا الملف الذي عاد وطرح من جديد لأنّه بقي عالقاً قضائياً.

ومع أنّ المعطيات لا تلفت إلى تغطية سياسية تحمي المقدّم، إلا أنّه لا يزال بريئاً حتّى تثبت إدانته، في وقتٍ تُشير معطيات أخرى إلى أنّ المقدّم “يتباهى بما فعله وبالضربة التي وجهها الى سلمى، خصوصاً وأنّه مدرّب رياضياً على القتال”، فيما لفتت معطيات أيضاً إلى أنّ أوساط المقدّم تتحدّث عن وجود مجموعة أخرى تساند سلمى كانت تريد ضربه أيضاً، وهو ما ينفيه سلمى تماماً “فلو كانت معي مجموعة كما قيل لما كنت واجهت هذه الضربات وحدي حين اعتدى عليّ النقيب المسلّح، فأنا لا أؤمن بالسلاح ولا بهذه المجموعات الخارجة عن القانون لأنني رجل قانون أساساً”، وفق سلمى.

ويُمكن القول إنّ طرح قضية الاختلاس في الجلسة أشعرت المقدّم بالاهانة وأنّه بات متهماً قبل الاثبات، من هنا لا بدّ للقضاء من أن يحسم هذه القضية والتحقيق في الواقعتين اللتين هزتا نقابة محامي طرابلس التي كانت ولا تزال تُصارع من أجل القانون واحترام العرف.

في السياق، ستتولّى نقابة المحامين في طرابلس التحقيق في المعطيات “ليُبنى على الشيء مقتضاه”، لكنّها اهتمت أيضاً بالتأكيد أنّ عمليتيّ التضارب أو سحب السلاح لم تحصلا في الجلسة المخصّصة لاقرار الموازنة بل خارج القاعة، وهذا ما شدّدت عليه في بيانها الأخير، وهو ما كان مؤكّداً بعد سرد الأحداث التي حصلت خلال الجلسة وبعدها.

شارك المقال