هل يقترب النظام الايراني من صافرة النهاية؟

حسناء بو حرفوش

تزامن يوم الأربعاء الماضي مع الذكرى الأربعين لمقتل الشابة الإيرانية مهسا أميني، وهو يوم اكتسب أهمية ثقافية بالنسبة الى الإيرانيين، حسب قراءة في موقع “ذا هيرالد” الالكتروني الاسكتلندي. وحسب المقال، “آخر ما يريده النظام في طهران هو مواجهة معارضة حكمه وهي تنجح خارجياً، في إيجاد طريقة لايصال رسالتها متخطية قمع الاحتجاجات الجماهيرية في الداخل.

وشكلت وفاة أميني في الحجز، الشرارة التي أشعلت على مستوى البلاد، احتجاجات تستمر حتى الآن وشكلت أكبر تحدٍ للنظام منذ سنوات. وفي حين أن الايرانيين من جميع الأعمار والأعراق والجنس انضموا الى المظاهرات، إلا أن الأجيال الشابة هي التي نزلت إلى الشوارع. ويعلق المتحدث باسم منظمة Hengaw لحقوق الإنسان ومقرها النروج راميار حسني، بالقول: (بدأت النساء موجة الاحتجاجات هذه، لكن سرعان ما انضم الجميع إليها. النساء والرجال جنباً إلى جنب). وأكد في مداخلة عبر شبكة (يورونيوز) التلفزيونية قبل أيام قليلة (أن إيران متحدة)، مضيفاً كل أنواع الاحتجاجات (السلمية وغير العنيفة) قد استخدمت تقريباً في إيران.

واستمرت الاحتجاجات يوم الجمعة حيث شهدت البلاد موجة من المظاهرات في سيستان وبلوشستان، وشاركت حشود ضخمة في المظاهرات في شوارع خاصة في زاهدان. وبالمثل، تجمهر الناس في شوارع العاصمة طهران، في مختلف الأحياء وقامت قوات الأمن بإطلاق النار على المتظاهرين. وقتل حتى الآن، ما لا يقل عن 402 شخص، بينهم 58 طفلاً، بينما جُرح المئات، وتواصل أجهزة الأمن الايرانية قمعها، وفقاً لوكالة أنباء (إيران واير)، التي أنشأها صحافيون إيرانيون من بين المغتربين. كما سجل اعتقال العديد من الصحافيين (بمن فيهم أولئك الذين أبلغوا عن وفاة أميني) والمحامين والمشاهير ونجوم الرياضة ومجموعات المجتمع المدني.

ولكن على الرغم من الجهود التي يبذلها النظام لقمع المعارضة باستخدام أدوات القمع اللانهائية المتاحة، لا تحافظ الاحتجاجات على الزخم في الداخل فحسب، بل بدأ صداها يتردد الآن خارج حدود إيران. وقد نُظمت بالفعل مظاهرات تحمل شعار (المرأة، الحياة، الحرية) في العديد من المدن الكبرى بما في ذلك نيويورك وباريس ولندن وملبورن وستوكهولم وسيدني وروما وأوكلاند. وبينما يستمر الشباب الايراني في ما يقرب من شهرين من احتجاجات الشوارع، تبحث دول أخرى عما إذا كانت هناك أشياء يمكنها القيام بها لدعم مطالب الايرانيين بمزيد من الحرية.

ووجه النمساوي فولكر تورك، المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الانسان، نداءً قوياً الى السلطات الايرانية لوقف استخدامها غير الضروري وغير المتكافئ للقوة ضد المتظاهرين في إيران، في خطاب ألقاه أمام مجلس حقوق الانسان بشأن الأزمة المستمرة. وكانت هيئة الأمم المتحدة بصدد مناقشة اقتراح تقدمت به مجموعة من حوالي 50 دولة بقيادة ألمانيا وايسلندا لانشاء بعثة تحقيق جديدة لتقصي الحقائق في الانتهاكات المزعومة من النظام الإيراني منذ بدء الاحتجاجات في البلاد. وقال تورك في أول خطاب له أمام المجلس منذ بداية الشهر الماضي، إننا نواجه “(أزمة حقوق إنسان كاملة)، مشدداً على ضرورة إنهاء الاستخدام غير الضروري وغير المتناسب للقوة، قبل أن يشير إلى مقتل أكثر من 400 شخص في الاحتجاجات واعتقال حوالي 14000 شخص حتى الآن.

ولكن في حين أن تدخل هيئة دولية مثل الأمم المتحدة أمر مرحب به، يرفع الايرانيون أنفسهم دعواتهم من أجل الحرية على المنصة العالمية على كل المستويات. وهذا ما ظهر الأسبوع الماضي جلياً على شاشات التلفزة، حيث عبّر فريق كرة القدم الايراني عن موقفه السياسي مع رفض جميع اللاعبين باستثناء لاعبين غناء نشيدهم الوطني ضمن مباريات كأس العالم في قطر.

قلة هي التي تشك في أن هؤلاء اللاعبين الذين قدموا مثل هذا العرض العلني للمعارضة سيواجهون عقوبة صارمة عند عودتهم إلى ديارهم، وقد زاد هذا من غضب محبي (الفريق الوطني). وفي هذا السياق، أوضح جولنار نيكبور، الباحث في التاريخ الفكري والثقافي الايراني الحديث، في حديث لصحيفة (نيويورك تايمز) قبل أيام قليلة، أنه “بغض النظر عن نتيجة مباريات فريق ملي الايراني، لقد فاز اللاعبون بالفعل من خلال تضامنهم مع المتظاهرين المعرضين لمخاطر كبيرة”.

المصدر: www.heraldscotland.com

شارك المقال