لقاء بايدن – ماكرون… توافق على مواصفات الرئيس؟

هيام طوق
هيام طوق

بات من المؤكد أن جلسة يوم غد المحددة لانتخاب رئيس الجمهورية، ستكون كسابقاتها ولن تؤدي الى أي نتيجة وسط معلومات تشير الى أنها ربما ستكون الجلسة ما قبل الأخيرة في شهر كانون الأول لأن الكثير من النواب يمضون عطلة الأعياد خارج البلاد على أمل أن تنشأ تطورات على المستويين الداخلي والخارجي.

ووفق مصدر مطلع، فإن هناك تحركات على كل المستويات، وتواصل بين معظم الأفرقاء على أمل خرق جدار العقم الرئاسي، لكن كل ذلك لم يؤد الى نتيجة حتى الساعة لأن كل طرف متصلب في موقفه من دون الإسقاط من الحسبان أهمية الحركة التي تقوم بها الفاتيكان بسرية تامة، ومواقف البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي التي يطلقها من هناك، والتي سيكون لها صداها في كثير من المحادثات واللقاءات التي ستعقد بين الفاعلين في الساحة الداخلية، وأبرزها القمة المنتظرة بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ونظيره الأميركي جو بايدن بدعوة من الأخير. وسيكون لبنان مدرجاً على جدول أعمال المحادثات الأميركية – الفرنسية، وستحظى الأزمة اللبنانية بأهمية خاصة في ظل التفاهم القائم بين البلدين، ووحدة رؤيتهما للواقع الداخلي، وتأكيدهما على الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تلتزم بالاصلاحات. وهذا التناغم في المواقف، يتجلى في إعطاء الضوء الأخضر الأميركي للفرنسيين بحرية التحرك لبنانياً.

وفيما تؤكد المواقف العلنية أن لبنان ساحة مستباحة خصوصاً بعد كلام مرشد الجمهورية الاسلامية علي خامنئي الذي قال ان “سياسة إيران الفاعلة في لبنان وسوريا والعراق كانت نتيجتها فشل مخطط أميركا في هذه البلدان”، يعترف عدد من النواب إن كان في الموالاة أو المعارضة بأن الاستحقاق الرئاسي خرج كلياً من بين أيادي اللبنانيين والجميع بانتظار تطور خارجي ما أو مفاجأة قد تطرأ على هذا الصعيد.

وسط كل ذلك، هل يمكن القول اننا نشهد على مبارزة ايرانية – أميركية في الاستحقاق الرئاسي؟ وما أهمية مناقشة القضية اللبنانية بين رئيسي دولتين كبريين في زيارة اعتبرتها الرئاسة الفرنسية “استثنائية في طابعها”؟ وهل يمكن أن تحقق هذه القمة مفاجأة على صعيد انتخاب رئيس الجمهورية؟

في حديث لموقع ” لبنان الكبير”، قال مدير التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديموقراطية توم حرب: “اللقاء بين ماكرون وبايدن سيتطرق الى الكثير من الملفات كالوضع في أوكرانيا، الناتو، الغاز، الوضع في الصين، الملف الايراني والسوري والعراقي وصولاً الى الملف اللبناني الذي سيكون جزءاً صغيراً من المحادثات”. وأشار الى أنه “لا يجوز أن ننتظر الاتفاق على رئيس خلال اللقاء، لكن يمكن أن يتفق الرئيسان على صفات الرئيس ومزاياه، والهدف من انتخابه، وعدم التنازل عن الرئيس السيادي، لكن ليس وارداً الاتفاق على اسم معين. في اللقاء، سيتحدث الرئيسان عن الخلل القائم في لبنان، الوضع الاقتصادي، وكيفية وضع خطة مع صندوق النقد الدولي لانقاذ البلد، وتأثير ايران في الساحة اللبنانية، ومساعدة لبنان لاستخراج النفط وتسهيل انتخاب رئيس يهتم بمصلحة البلد أكثر من أي شيء آخر”.

وعن التوقعات التي تتحدث عن امكان حصول مفاجأة رئاسية بعد اللقاء في واشنطن، اعتبر حرب أنها “بعيدة عن الواقع لأن الوضع في لبنان لم ينضج. المهم اليوم، استمرار الكتل السيادية على موقفها، وعدم التنازل أو ارتكاب خطأ انتخاب الرئيس السابق ميشال عون وصولاً الى تدويل القضية اللبنانية الا اذا تم التوافق على شخصية من السياديين أو قريبة من الفكر السيادي، فليكن. لكن اذا لم تجرِ الأمور في هذا السياق، فمن الأفضل أن يستمر الشغور”. وشدد على ضرورة “أن يضغط الأميركيون والفرنسيون على ايران لتسهيل انتخاب الرئيس، وربما العماد جوزيف عون هو الأفضل في هذه الظروف لتولي سدة الرئاسة”، مؤكداً أن “الوضع في ايران ليس بأفضل حال، وعليها التنازل عن بعض الأوراق لصالح الغرب ومنها الورقة اللبنانية كي لا تصطف الدول الأجنبية والأوروبية ضد النظام القائم الذي يواجه انتفاضة شعبية”.

ورأى أن “اللبنانيين أنفسهم هم الذين سمحوا بأن يتحول لبنان الى ساحة مبارزة بين الدول”، قائلاً: “في لبنان، نعتبر أننا محور الكون، وننتظر دائماً الدول لتقوم بدورها بسبب فقدان الثقة بأنفسنا، وقلة انتاجية المسؤولين لدينا. ليس هناك أي بلد في العالم يدير مسؤولوه الشأن العام بهذه الطريقة. الفوضى العامة في المجلس النيابي، تدفع الجميع الى عدم تحمل مسؤولياتهم”. ولفت الى أن “لا أحد مهتم بلبنان، لا فرنسياً ولا أميركياً ولا أوروبياً ولا عربياً لأن هذه الدول تحاول ايجاد حلول للأزمات، لكن اذا لم تلمس أن هناك محاولة داخلية لتقريب وجهات النظر، والانقاذ، فهذه الدول تنسحب نحو حل أمور تصب في مصلحة بلدانها وليس لمصلحة بلد لا يتجاوب مع المساعي الخارجية”.

وأوضح الأستاذ في العلاقات الدولية الدكتور وليد عربيد أن “اللقاء بين الرئيسين الفرنسي والأميركي، هو لقاء بين دولتين متحالفتين في الحرب الروسية – الأوكرانية، وهذا لا يمنع التفاهم والحوار حول عدد من المشكلات في مناطق عديدة من العالم بينها منطقة الشرق الأوسط حيث هناك تلاق في وجهات النظر بين الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا في الملف النووي الايراني. ويجب على لبنان ألا ينسى أن فرنسا قامت بمبادرات عدة لاسيما بعد انفجار مرفأ بيروت ما يؤكد أنها تهتم بلبنان من الناحية الاستراتيجية لأنه رأس الحربة للسياسة الفرنسية في الشرق الأوسط، والولايات المتحدة تريد أن يتقدم حلفاؤها في مواجهة ايران التي أعلنت أنها مع حلف شنغهاي”.

وقال: “اليوم تطرح فرنسا مبادرات عديدة، وهذا يتطلب التعاون والتحالف والاستشارة مع الولايات المتحدة لأن العالم منقسم بين ما يسمى الشرق والغرب. بايدن وماكرون سيتطرقان الى موضوع العقوبات الجديدة على ايران”. وشدد على أن “الصراع اليوم مع ايران أكبر من انتخاب الرئيس اللبناني انما يتمحور حول تموضع لبنان، شرقاً أو غرباً، وهذا ما يجعلنا في حالة فوضى”.

شارك المقال