الجلسة مرّت… بوشيكيان “الملك” والمقررات استثنائية

هيام طوق
هيام طوق

البلبلة الكبيرة التي رافقت الجلسة الوزارية قبل يومين من انعقادها، تلاشت بالامس بعد أن انعقدت في السراي الحكومي برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، ومشاركة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، ووزراء: التربية والتعليم العالي عباس الحلبي، الداخلية والبلديات بسام المولوي، الاتصالات جوني القرم، الاعلام زياد المكاري، البيئة ناصر ياسين، الزراعة عباس الحاج حسن، الصحة العامة فراس الأبيض، التنمية الادارية نجلا الرياشي، العمل مصطفى بيرم، الشؤون الاجتماعية هكتور حجار، الثقافة محمد وسام مرتضى، الشباب والرياضة جورج كلاس، المال يوسف خليل، الصناعة جورج بوشيكيان والأشغال العامة والنقل علي حمية.

قبل ساعات من الجلسة، أشيعت أجواء أنه لن يكتب لها الاجتماع لأن نصاب الثلثين لن يتأمن خصوصاً بعد البيان الذي صدر بتوقيع 9 وزراء، للاعلان عن مقاطعتهم، الا أن المفاجأة كانت بحضور وزيرين ورد اسماهما في بيان المقاطعة، هما: هكتور حجار وجورج بوشيكيان، في حين اعتبرت مقاطعة وزير الاقتصاد أمين سلام سابقة وغير مسؤولة اذ لم تجرِ العادة أن يكون وزير سني ضد رئيس الحكومة وتوجهاته بهذا الشكل الفاضح، ويتعاطى مع الجلسة بهذه الخفة وفق أحد المحللين السياسيين.

وفيما أكدت مصادر الرئيس ميقاتي أنه لن تكون هناك جلسة ثانية الا اذا كان هناك أمر طارئ له علاقة بحياة الناس مباشرة، اعتبرت مصادر “التيار الوطني الحر” أن الجلسة استفزازية، وفيها الكثير من التحدي والنكاية السياسية، وبأهداف شعبوية لا أكثر ولا أقل. والرئيس ميقاتي استخدم الشعارات الانسانية لعقد جلسة غير دستورية تضمنت بنوداً كثيرة فضفاضة، ولم يتشاور في بنود عملها مع أحد كما وعد بذلك سابقاً.

وقد حاول بعض الأطراف اقناع الرأي العام بأنها جلسة مجلس وزراء غير حاصل على ثقة البرلمان، وتستهدف طائفة معينة، والسيطرة على صلاحيات رئيس الجمهورية الا أن مصادر من مختلف الكتل المسيحية أكدت لـ “لبنان الكبير” أنهم لا ينطلقون في مواقفهم من الجلسة من اعتبارات طائفية لا من قريب ولا من بعيد انما بناء على الدستور الذي يحصر عمل حكومة تصريف الأعمال بالأمور الطارئة والضرورية والملحة. ونحن مع انعقاد جلسة لها علاقة بحياة الناس وبصحتهم من دون تردد، لكن ما دعا الى الشك في الجلسة التي عقدت أمس، جدول أعمالها الفضفاض بحيث أن الأمور الطارئة لا يمكن أن تصل الى عشرات البنود. أما الذين حاولوا اللعب على وتر بكركي، فإن جلسة الأمس تظهر أن الرئيس ميقاتي التزم بكل كلمة قالها للبطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي بأنه اجتماع بالحد الأدنى لاقرار القضايا الملحة التي أقرت.

وفي حين أن الدستور لا يحرم حكومة تصريف الأعمال من الاجتماع، ولا يجب عليها تقديم التبريرات لانعقادها، فقد أكد أحد المطلعين على التحضيرات للجلسة أن الرئيس ميقاتي وضع الوزراء في أجوائها، وهم وضعوا شؤون وزاراتهم كبنود على جدول أعمالها والا من أين أتت كل هذه البنود؟

وأشار الرئيس ميقاتي الى أن “مجلس الوزراء إنعقد تحت سقف الدستور اللبناني، والنظام الداخلي لعمل مجلس الوزراء، وأقرينا معظم بنود جدول الأعمال. مجلس الوزراء قام بدوره كاملاً حسب الأصول. الجلسة استثنائية بكل معنى الكلمة والأكثر استثناء فيها هو الملف الطبي الذي كان شرارة عقدها، وهو المتعلق بحقوق مرضى السرطان وغسيل الكلى”، داعياً الى “فصل السياسة عن العمل الحكومي المطلوب لخدمة أمور الناس ومعالجة الملفات التي تهم المواطنين”.

وفي هذا الاطار، أشار الأمين العام لحزب “الطاشناق” رئيس “كتلة الأرمن” النائب هاغوب بقرادونيان الى أن “الوزير بوشيكيان لم يلتزم بقرار الحزب، وحضر الجلسة على مسؤوليته الخاصة. هو صديق الرئيس ميقاتي. تواصلت معه، وحدثته عن البيان عشية الجلسة، ووافق على أن يرد اسمه من بين المقاطعين، لكن لا نعرف ماذا حصل لاحقاً، ولم يلتزم بالبيان”، معتبراً أنها “جلسة التصعيد، وهي لزوم ما لا يلزم”.

وقال: “كان اتفق سابقاً على أن مجلس الوزراء لا ينعقد الا للضرورة القصوى، وبعد توافق الأطراف، وهذا لم يحصل. لم يطلع الوزراء على البنود وجدول الأعمال كما أن الامور الطارئة لا يمكن أن تصل الى أكثر من 300 بند لكي تتقلص لاحقاً. انه استغلال لوجع الناس لضرب الدستور. انها جلسة شعبوية، وكان هناك طرق أخرى يمكن اللجوء اليها لتسيير الشؤون الصحية”. وشدد على أنه “تصعيد واستفزاز ليس في محله. ومن اليوم وصاعداً ستتخذ الجلسات الوزارية طابع التحدي. علينا الهدوء لنرى ماذا يمكن أن يحصل”، متسائلاً: “هل يمكن اعتبار كل القضايا العالقة، ضرورة وملحة؟.”

أما النائب فادي كرم، فلفت الى أنه “لا يمكن استخدام شعار الضرورة والاستثنائي لعقد جلسة وزارية على جدول أعمالها 65 بنداً، هذا البرنامج فضفاض. وتقليص البنود الى 25 بنداً، يعني أن ليس هناك من جدية، وكأن الجلسة تحولت الى بازار أو ربما جس نبض لمعرفة رد الفعل عليها”، مؤكداً “أننا لسنا ضد اجتماع مجلس الوزراء لأمور استثنائية وطارئة لا بل قد نطلب من الرئيس ميقاتي أن يدعو الى جلسة لأمور ملحة، لكن الجلسة لن تكون استثنائية وطارئة عندما تكون فضفاضة البنود الى هذا الحد، وعندما تكون الأمور غير جدية اضافة الى أنه تم الاتفاق عند الشغور الرئاسي خلال جلسة نيابية على أنه لا تتم الدعوة الى جلسة وزارية الا بالاتفاق على جدول عملها مع كل الأطراف السياسية الأساسية في البلد كي لا نذهب الى جدل عقيم”.

وأوضح “أننا لا ننظر الى الجلسة من منطلق طائفي انما من منطلق دستوري فقط لا غير لأنه بغياب رئيس الجمهورية لا يمكن أن تنتظم شؤون البلد، لذلك ندعو الى ملء الشغور الرئاسي. ولا يجوز أن نتعود على سير البلد بدون رئيس جمهورية، هذا ما نرفضه ولن نقبل به. المسألة تبدأ بالانتخاب، وكل ما يطرح تحت شعارات استثانئية وضرورية، محاولات لتأجيل انتخاب الرئيس بانتظار نضوج التسوية الخارجية وترتيب الأمور بصورة تحاصصية كما جرت العادة”.

شارك المقال