“التيار” غاضب… لكن لا قنابل سياسية باتجاه الحزب

هيام طوق
هيام طوق

ليست المرة الأولى التي يختلف فيها “التيار الوطني الحر” مع “حزب الله” في الخيارات السياسية الداخلية على خلفية جلسة مجلس الوزراء أول من أمس، بحيث اعتبر كثيرون أن مشاركة وزراء الحزب رسالة مباشرة الى “التيار” الذي لفتت مصادره الى أن الرسالة وصلت، لكن ربما تكون المرة الأولى التي يوجه فيها “البرتقاليون” اللوم بصورة مباشرة الى الحزب و”الثنائي الشيعي” بتغطية انعقاد الجلسة في ظل الشغور، كما وبتعطيلهم جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، مع التأكيد أن المراهنة على تعبهم من أجل التفاوض على مرشح “الثنائي” رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية لن تنجح.

وفيما يرى البعض أنه لا يمكن لوم الحزب على مشاركته في الجلسة في وقت يقف “التيار” كسد منيع في وجه ايصال فرنجية الى القصر الجمهوري، يعتبر بعض المحللين أن الكباش السياسي سيتطور ويأخذ منحى أكثر خطورة، وسيتجلى في أكثر من استحقاق في حين يؤكد آخرون أن الاختلاف لا يزال تحت السيطرة، ولا يهدد أسس العلاقة والتحالف بين الفريقين على الرغم من الاعترافات العلنية بأن اتفاق مار مخايل بات بحاجة الى نوع من الصيانة أو الحوار حول كثير من القضايا.

على أي حال، فإن الاشتباك السياسي متوقع في ظل وضع البلد الشاذ، لكن، لـ “التيار الوطني الحر” وضع استثنائي لأنه على خلاف مع معظم الأطراف، وتحالفه الوحيد مع الحزب على المحك خصوصاً أنه يشعر بغضب كبير لا بل بالخيانة بعد جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، وهو اليوم أمام خيارات عدة يمكن أن يتخذها لتكون بمثابة رسائل مضادة على رسائل الحزب. وتحدثت معلومات عن أن “التيار” يهيئ “قنابل سياسية”، منها أن يختار بعض النواب التصويت للنائب ميشال معوض في جلسة انتخاب الرئيس غداً، وفي حال استمر التشنج على ما هو عليه، فالتصعيد وارد في تبني ترشيح معوض وتأمين وصوله الى بعبدا كما جرى الحديث عن أن “التيار” في صدد التحضير لتقديم دعوى باسم الوزراء الثمانية الذين قاطعوا جلسة مجلس الوزراء، أمام مجلس شورى الدولة طلباً لابطال قراراتها.

وهنا لا بد من التساؤل: هل هذه الخيارات واردة وواقعية أو أنها تدخل في اطار الزكزكة والنكايات السياسية؟ وما هي الخيارات السياسية لـ “التيار الوطني الحر” في ظل الواقع المستجد خصوصاً أنه يعتبر أن الجميع يصطفون لمواجهته؟

رأى الكاتب والمحلل السياسي يوسف دياب في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “باسيل يشعر للمرة الأولى أنه ليس الحاكم بأمره في البلد منذ أن انقلبوا على حكومة الرئيس سعد الحريري سنة 2011، وشكلوا حكومة اللون الواحد برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي. منذ ذلك الحين وهو حاكم بأمره من خلال رئاسة الجمهورية وتحالفه مع حزب الله. اليوم بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، يشعر باسيل أنه فقد السيطرة على القرار في البلد، وبالتالي، انتقل من مرحلة ادعاء مركزية القرار الى مرحلة ادعاء المظلومية، وأن كل الأطراف تكتلت ضد هذا الفريق المسيحي لتستهدف الوجود المسيحي كاملاً. هذه الأعذار لم تعد تنفع حتى مع حليفه الذي لم يعد بإمكانه تأمين الغطاء له في كل المحطات السياسية. معركة باسيل اليوم مع كل اللبنانيين. معركة بين الواقع والشواذ. وأول محطة من محطات انهزام باسيل بدأت تتبلور، والحزب لا يريد أن يستمر في حمل عبئه في المرحلة المقبلة لأنه بات مكلفاً الى حد كبير”.

واعتبر أن “باسيل يحاول رد الصفعة الى الحزب عبر خيارات معينة، لكنه لن يذهب الى منحى تسمية معوض، ويفضل أن يبقى في موقع المعارضة على أن يسمّي أي خصم سياسي له سواء فرنجية أو معوض أو حتى قائد الجيش. لن يذهب الى المواجهة مع الحزب بل لا يزال يحاول المقايضة لأنه اذا لم يصل الى الرئاسة أو لم يتمكن من ايصال رئيس من محوره، فيريد أن يحصل من الرئيس المقبل على ضمانات، وأي مرشح حالي لن يلتزم بهذه الضمانات أي بعدم فتح ملفاته أقله في وزارة الطاقة، وبالتعيينات في الفئات الأولى وفي السلك الديبلوماسي والأمني والعسكري، وحماية مكتسباته التي ثبتها خلال العهد السابق. نستبعد الذهاب الى خيار معوض، لكن لا ندري إن كان يحضر لشيء يفاجئ الجميع”.

أما الكاتب والمحلل السياسي بشارة خير الله، فأعرب عن اعتقاده أن “باسيل لن يذهب الى حالة انتقامية، ويسمّي معوض رداً على مشاركة الحزب في الجلسة الوزارية انما يمكن أن يفتح الباب على المعارضة بطريقته الخاصة ويتوافق معها على شخصية أخرى غير النائب معوض الذي لن يقبل به كرئيس. وهكذا، تحصل عملية جراحية انقاذية للبلد، ويأتي الرئيس بنوع من الاجماع المسيحي، وبغطاء سني”، مشدداً على أن “جلسة مجلس الوزراء دستورية ولا تشوبها أي شائبة، ومن يعترض عليها، فليطبق الدستور، وينتخب الرئيس ولا يعطل جلسات انتخابه”.

وأشار الى أن “العلاقة بين الحزب والتيار ستعود الى طبيعتها بحيث أن باسيل حاجة للحزب، لكن هناك ضرورات أهم من هذه العلاقة، وهذا ما حصل في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة. الانتكاسة هي للتيار الذي يشعر أنه متروك، لكنه يدفع ثمن رهانه على الحزب الذي لا يمكن أن يحيد عن مصلحته لأي كان”، مؤكداً أن “الحزب يريد مرشحاً يرتاح له لتخفيف أعباء المقاطعة الخارجية عنه، وهو لن يعارض رئيساً لديه علاقات مع الغرب لأنه هو نفسه على علاقة معه والا ما كان حصل الترسيم البحري”.

شارك المقال