ألمانيا والدور الأوروبي الجديد بقيادة شولتس

حسناء بو حرفوش

لا شك في أن أولاف شولتس قد خلف أنجيلا ميركل في فترة أصبح فيها أقرب إلى ما يعرف بـ “مستشار الأزمة”، في السنة الأولى من استلامه منصبه، حسب مقال في موقع “يورو نيوز” الاخباري الالكتروني. ووفقاً للمقال، “بالعودة إلى العام الذي مرّ منذ استلام شولتس، نجد أنه طبع بإندلاع الحرب على الأراضي الأوروبية بعد شهرين فقط من توليه المنصب، واستمرار الخطاب حول مقدار الدعم العسكري والمالي الذي يجب أن يقدمه الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا عدا عن الجدل حول أكبر اقتصاد في الكتلة.

وفي سياق هذا الجدال، ترددت الاستنكارات لاعتماد ألمانيا منذ عقود طويلة على الطاقة الثقيلة على روسيا، وأدى اندفاع شولتس والدعوة الى إيجاد بدائل للغاز الروسي، إلى توترات بين أحزاب التحالف التابعة للحكومة الألمانية الوليدة وأجبرها على التراجع جزئياً عن أهداف سياسة المناخ الخاصة بها. ويهدد التضخم الانتعاش الاقتصادي بعد انتشار الوباء في جميع أنحاء أوروبا، بينما تمحور القلق الرئيس في أذهان الناخبين الألمان حول القدرة أم لا، على تأمين التدفئة هذا الشتاء. وهذا يطرح السؤال حول كيفية قيام شولتس بتغيير دور ألمانيا في أوروبا؟

ومما لا شك فيه أن ألمانيا لاعب مهم في أوروبا لكنها ليست المهيمنة في القارة كما يودها شولتس. وفي هذا السياق، يعلق كاتب السيرة الذاتية (أولاف شولتس: الطريق إلى السلطة) (Olaf Scholz: Der Weg zur Macht) أن المستشار مقتنع بأن أوروبا لا يمكن أن تستمر في الوجود في العالم في القرن الحادي والعشرين إلا إذا كانت متحدة. يبدو أن الدولة التي أطلقت عليها مجلة (إيكونوميست) في العام 2013 لقب (الهيمنة المترددة) تتراجع لتصبح شريكاً أكثر مساواة في عهد شولتس.

كما يعتقد الكاتب أن التوترات بين ألمانيا وفرنسا ليست بالسوء الذي تعكسه وسائل الاعلام. ويدرك أولاف شولتس بالتأكيد قيمة محور برلين – باريس وهو يعلم أيضاً أن فرنسا هي أهم شريك لألمانيا، على الأقل داخل الاتحاد الأوروبي. وبالتالي، تبرز ضرورة عدم المجازفة أو القيادة في أوكرانيا، وبينما قدمت ألمانيا لها دعماً عسكرياً مؤقتاً ومالياً مستمراً، يعتقد البعض أن برلين تتحمل مسؤولية تاريخية للقيام بدور نشط بصورة أكبر، وليس مجرد رد فعل، في مساعدة أوكرانيا على محاربة الغزو الروسي. وكان المستشار الألماني قد وقف جنباً إلى جنب مع رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين خلال رحلتها إلى برلين في تشرين الأول 2022 وكرر دعوته الى الشركاء الدوليين للموافقة على (خطة مارشال) لأوكرانيا لمساعدتها في إعادة البناء من أضرار الحرب. واعترف بأن الأمر سيستغرق مليارات اليورو والدولارات لسنوات قادمة، مشيراً الى أن إعادة بناء أوكرانيا ستكون (تحدياً للأجيال).

ووصف الدكتور ستيفان مايستر، رئيس برنامج النظام الدولي والديموقراطية في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية (DGAP) ، قرار ألمانيا بزيادة اعتمادها على الطاقة الروسية حتى بعد ضم شبه جزيرة القرم في العام 2014 بـ (السياسة الفاشلة). وقال: (إن هذا القرار إفلاس للسياسة الألمانية … لقد فشل ولم يمنع هذه الحرب). ويقر مايستر بأن ألمانيا فعلت الآن (أكثر مما تمت مناقشته في كثير من الأحيان من حيث توريد الأسلحة والدعم المالي لأوكرانيا، لكن شولتس لا يحب المخاطرة ولا يأخذ زمام المبادرة حقاً في ما يتعلق بأوكرانيا؛ لا في السياسة الداخلية ولا على المستوى الأوروبي. وهذا ما أضعف الاتحاد الأوروبي وجعله أكثر اعتماداً على عمل الولايات المتحدة ورد فعلها).

وبرأي مايستر، يجب أن تكون الاستجابة الألمانية والأوروبية أكثر تفكيراً واستراتيجية، بدلاً من أن تقتصر على مجرد ردود أفعال (مشوشة) للأحداث عند وقوعها. (أعتقد أننا بحاجة الى إعداد أنفسنا لحرب أطول من حيث الدعم لأوكرانيا… لذلك أريد أن أرى خطة مالية تضمن بقاءها في غضون العامين المقبلين، من حيث التمويل الشهري والسنوي للميزانية. ولدي انطباع بأننا بحاجة الى إجراء نقاش حول إعادة إعمار أوكرانيا أكثر بكثير من الكلام عن احتياجاتها للعام المقبل).

لا يزال الدعم لأوكرانيا بين المواطنين الألمان مرتفعاً، لكن شولتس سيحتاج إلى إبقاء الناخبين إلى جانبه إذا استمرت نفقات الحرب في الزيادة لعدة أشهر أو سنوات أخرى. وبينما لا يريد شولتس أن تكون ألمانيا القوة المهيمنة في أوروبا، قد يعتبر كثر أن هذا التردد في تولي المسؤولية هو أقرب الى فشل في التحرك”.

شارك المقال