باسيل في بكركي… استثمار في الشحن الطائفي؟

هيام طوق
هيام طوق

يبدو أن الزوبعة التي تسببت بها جلسة مجلس الوزراء الأخيرة لم تهدأ بعد خصوصاً بالنسبة الى “التيار الوطني الحر” على اعتبار أنها تعدّ واضح على صلاحيات رئيس الجمهورية، ولا تتسم بالدستورية والميثاقية في ظل غياب عدد من الوزراء المسيحيين عنها، إذ سجلت زيارة لافتة في توقيتها لرئيس “التيار” النائب جبران باسيل قبل ظهر أمس الى بكركي لتليها زيارة الرئيس السابق ميشال عون بعد الظهر.

وفي ظل التشنج بين “التيار” و”حزب الله” على خلفية الجلسة الوزارية، وما رافقها من اتهامات متبادلة، لفتت مصادر مطلعة لموقع “لبنان الكبير” الى أن باسيل من خلال زيارته الى الصرح البطريركي، يحاول الاستثمار في الشحن الطائفي بحجة الحفاظ على حقوق المسيحيين، وأن الخطر اليوم على وجودهم ودورهم ومواقعهم، وأهمها رئاسة الجمهورية، وكأن هناك نوعاً من محاولة الاستغناء عنها، في ظل تحالفات واصطفافات بدأت تظهر وتتجلى في أكثر من استحقاق وملف وقضية. وبالتالي، هناك العديد من الملفات والمسائل التي تم التطرق اليها خلال اللقاء، ومنها: تداعيات جلسة مجلس الوزراء الأخيرة على الوضع الداخلي وعلى صلاحيات رئيس الجمهورية، الاستحقاق الرئاسي الذي يعتبر العنوان الأبرز الذي يطالب الراعي بحسمه خلال عظاته المتتالية ولقاءاته وجولاته الخارجية، الطلب من البطريرك جمع القادة المسيحيين تحت جناحه في الصرح البطريركي لتبديد الخلافات القائمة بينهم، ومحاولة التفاهم والتوافق أقله بالنسبة الى رئيس الجمهورية، لكن ربما هذا الطلب لن يلقى آذاناً صاغية ولن يجد تشجيعاً من البطريرك الذي سبق وقام بخطوة سابقة ولم تصل الى الهدف المنشود بسبب حدة الخلافات بين القادة واستحالة اتفاقهم وفق المصادر.

واعتبر النائب الياس اسطفان أن “باسيل يحاول طلب النجدة من البطريرك الماروني للحفاظ على موقعه وانطلاقاً من رغبته في الترشح لرئاسة الجمهورية. يريد اعادة تجربة انتخاب الرئيس ميشال عون، ونحن نقول ان (من جرب المجرب كان عقله مخرب)، ومن أجل التوافق والتفاهم المسيحي – المسيحي، قبلنا بوصول الرئيس عون الى سدة الرئاسة، ووصلنا الى ما نحن عليه. أي مرشح ينتمي الى الثامن من آذار هو ضد مصلحة البلد، ولن نقبل به”.

وقال: “في حال كانت هناك دعوة الى القادة المسيحيين للاجتماع في بكركي، لا يمكن اعطاء رأينا اليوم، لكن عموماً، العملية ليست بالتحاور والتفاهم انما بتطبيق الدستور، والتوجه الى انتخاب رئيس سيادي انقاذي واصلاحي، لا يخضع للترغيب والترهيب. واذا توافقت الأكثرية على اسم لديه هذه المواصفات، نسير به”.

ورأى أن “باسيل هو رجل الأنا وليس رجل الحوار، ولو كان رجل الحوار لما كنا وصلنا الى ما نحن عليه اليوم. من يحمل لواء الدفاع عن المسيحيين يجب أن يدافع عنهم فعلاً، فأين هم المسيحيون اليوم؟ ثم لماذا الحديث بلغة طائفية دائماً وليس بلغة وطنية للوصول الى دولة تحمي كل أبنائها؟ نحن تهمنا مصلحة الوطن، وما نقوم به لبناء الدولة، وهذا لن يحصل بالتوافق وتدوير الزوايا”.

ولفت النائب جيمي جبور الى أن “بكركي معنية بحماية المواقع الدستورية وخصوصاً موقع رئاسة الجمهورية ثم ان زيارات باسيل الى البطريركية، دورية، والتنسيق مع البطريرك دائم. التشاور مع بكركي ضروري في هذه المرحلة لأن هناك مساساً بصيغة العيش المشترك التي أرساها اتفاق الطائف والدستور الذي تم خرقه في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة. وبكركي كما كل القوى الحريصة على العيش المشترك ووحدة لبنان وصيغته لديها موقف”.

وشدد على أنه “لا يهم من يقف الى جانبنا في القضايا الوطنية والمحقة والتي تحافظ على صيغة العيش المشترك، واذا كنا وحدنا ندافع عنها، فهذا شرف كبير لنا، لكن هناك الكثير من اللبنانيين الذين يرفضون الوقوف الى جانب الباطل”، مشيراً الى أن “لا شيء يمنع أن نستمد القوة من البطريرك، ونلجأ الى بكركي في الأوقات الصعبة، والتي كانت مواقفها بارزة عبر التاريخ خصوصاً خلال الأزمات، لكن في الوقت نفسه ليس شعوراً بالضعف انما بالعكس شعور بالقوة لأننا ندافع عن الحق. موقع بكركي مصان وموجود لنصرة المظلومين، وتتخذ دائماً المواقف الوطنية”. وأوضح أن “هناك بحثاً مع البطريرك في الملف الرئاسي، ولكن أساس النقاش في الزيارة تمحور حول اجتماع الحكومة وتخطي الدستور وضربه عرض الحائط بالوحدة الوطنية والميثاقية”.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي جورج علم أن “العودة الى بكركي كسقف، وربما باسيل يحاول ايجاد هذا السقف في حال قرر الغاء اتفاق مار مخايل والقطيعة مع الثنائي الشيعي. هو يؤسس لموقع سياسي جديد، سيخسر أو يربح، هذا رهن التطورات. ربما ما يشغل باسيل ثلاثة أمور: أولاً، يحاول السعي الى الرئاسة ورصيده الى اليوم تحت الصفر. ثانياً، استقلاليته عن حزب الله، ربما تساعده أميركياً في رفع العقوبات عنه خصوصاً أنه يقول ان خلفية العقوبات ليست الفساد انما نتيجة تحالفه مع الحزب. يحاول أن يكون المعارض في أي عهد الا اذا كان صاحب العهد على علاقة جيدة معه أو ينتسب اليه. وفي لبنان، المعارضة دائماً تجذب، وتكون مستقطبة للشارع، وهذا ما يراهن عليه باسيل. ثالثاً، حركته الخارجية اقتصادية استثمارية بقدر ما هي سياسية”، مؤكداً أن “هناك موضوعين محوريين تم البحث فيهما في بكركي: المصارحة حول هوية الرئيس الذي يجب أن يأتي بحيثية مسيحية وليس بحيثية الثنائي الشيعي، وطرح لامركزيات فاعلة انمائية على الأقل، طالما أن المناطق المسيحية هي أكثر المناطق التي تدفع الضرائب للدولة في حين أن الكثير من المناطق الأخرى لا تدفع وتستثمر”.

شارك المقال