ميقاتي في بكركي… تسجيل هدف بمرمى باسيل؟

هيام طوق
هيام طوق

أسبوع حاسم باللقاءات والحوارات النيابية والوزارية إن كتب لها النجاح، ففي حين ينتظر رئيس مجلس النواب نبيه بري رد الكتل على الحوار الذي دعا اليه يوم الخميس علّه يتمكن من خرق جدار تعطيل الانتخابات الرئاسية، يبدو أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي هو أيضاً يسعى الى الحوار والتفاهم مع الوزراء على الخطوات التي يمكن القيام بها في المرحلة المقبلة، وذلك إثر البلبلة التي نتجت عن الاجتماع الأخير للحكومة.

ميقاتي الذي زار بكركي أمس، بحث مع البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي في آخر التطورات الرئاسية والحكومية، وشرح له الأجواء المتعلقة بالجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، انطلاقاً من اعتبار البطريرك أن هناك ربما بعض الأمور الدستورية والميثاقية والسياسية والطائفية، وقال له: “الجلسة دستورياً جاءت في موقعها الصحيح، وطائفياً أنا لا أسمح بالحديث في هذا الموضوع بتاتاً، لأن الموضوع ليس طائفياً ولا تمييز بين مواطن وآخر. اما في ما يتعلق بالميثاقية، فلا يجوز في كل مرة أن نتحجج بها، وكان هناك تمثيل كامل لكل الطوائف في مجلس الوزراء. اما في الشق السياسي، فالمسألة هي محور أخذ ورد، ولكن سنبقى مصرين على متابعة أمور المواطنين ومعالجتها. لفت نظري البطريرك الى أنه ربما كان من الأفضل التشاور مع جميع الوزراء قبل انعقاد جلسة مجلس الوزراء، واتفقنا على جلسة تشاور قريباً للتفاهم على الخطوات في المرحلة المقبلة”.

زيارة ميقاتي الى الصرح البطريركي، جاءت بعد لقاءي الراعي يوم الجمعة الفائت مع كل من الرئيس السابق ميشال عون، ورئيس تكتل “لبنان القوي” جبران باسيل، اللذين أحاطا البطريرك بظروف انعقاد مجلس الوزراء، مكررين موقفهما من عدم دستورية اجتماعات حكومة تصريف الأعمال، وأيضاً بعد اشارة البطريرك الراعي في عظة الأحد إلى أنه كان قد تمنى على ميقاتي “إعادة النظر في انعقاد الجلسة وتأجيلها من أجل مزيد من التشاور. لكن الحكومة مع الأسف عقدت جلستها بمن حضر وكان ما كان من معارضة”، مناشداً “الحكومة التأني في استعمال الصلاحيات حرصاً على الوحدة الوطنية ومنعاً لاستغلال البعض مثل هذه الاجتماعات لأغراض سياسية وطائفية”.

وفي هذا الاطار، يتبادر الى الأذهان الكثير من الأسئلة، جاءت الاجابة عنها على ألسنة المعنيين من الطرفين في تصريحات لموقع “لبنان الكبير”.

وأشار النائب أسعد درغام الى أن “موقفنا من انعقاد الحكومة مبدئي، وبالتالي، ليس رهناً بالتطورات التي ستحصل. كان هناك اتفاق على أن تجتمع حكومة تصريف الأعمال في حالة الضرورة القصوى وبعد التشاور مع الوزراء”، لافتاً الى أنه “في حال تم التشاور مع الوزراء، وكان موقفهم جامعاً على المشاركة في الجلسة التي قد تنعقد، يكون موقفنا ايجابياً. هناك فرق بين التشاور وبين اعطاء العلم والخبر. التشاور يكون على البنود وما هي الضرورات لانعقاد المجلس الوزاري، وهذا ما تم الاتفاق عليه في مجلس النواب. فلنرَ ماذا سيحصل في لقاء التشاور، والوزراء يقوّمون مشاركتهم من عدمها في الجلسة التي يمكن الدعوة اليها على الرغم من أن موقفنا مبدئي من انعقاد الحكومة في ظل الشغور، ولا يخضع لأي نوع من التنازلات. القضية لا تكمن في الانفتاح أو اقفال الباب انما مبدئية”.

وقال: “الحكومة تعمل على تسيير أمور الدولة في ظل الشغور الرئاسي، بصورة طبيعية. وهنا نسأل: القضايا الطارئة اليوم، لم تكن موجودة في السابق؟ وكأن الانهيار حصل اليوم. نحن الى جانب الناس وهناك عدة مخارج بغض النظر عن انعقاد مجلس الوزراء، والتحجج بأمور الناس الانسانية والصحية”.

وأوضح النائب السابق علي درويش أن “زيارة الرئيس ميقاتي الى بكركي تأتي في اطار الزيارات التي يقوم بها بصورة دورية الى المرجعيات الأساسية، ويعتبر البطريرك الراعي أحد هذه المرجعيات. الزيارة ليست رداً على أي زيارة أخرى انما لتوضيح اللغط حول اجتماع الحكومة الذي اتخذ منحى طائفياً اضافة الى مناقشة بعض المسائل”، معتبراً أنه “عندما يكون من واجب حكومة تصريف الأعمال تسيير شؤون الناس، يكون من واجب الجميع التعاون وليس العرقلة بحيث أن الرئيس ميقاتي لم ولن يدعو الى جلسة وزارية الا وفق ما تقتضيه الضرورات والأمور الملحة التي لها علاقة مباشرة بشؤون الناس. رئيس الحكومة لا يرغب في استعداء أحد أو استفزاز أي فريق انما من واجبه الدعوة الى جلسة في حال اقتضت الحاجة الى ذلك”.

وأكد أن “التواصل يتم مع كل الوزراء حالياً، وفي حال حصل اللقاء سيكون للتشاور في خارطة طريق الجلسات المقبلة حين يستدعي الأمر، والتخفيف من الاحتقان، وعدم السماح بالتذرع بعدم التشاور قبل الجلسات. من الأفضل للجميع التلاقي في هذه المرحلة حول العناوين المعيشية والحياتية والاقتصادية، وعدم اللجوء الى الاصطفافات الطائفية”، مشيراً الى أن “الرئيس ميقاتي لم يشر الى أنه سيدعو الى جلسة، لكن اللقاء مع الوزراء يضع النقاط على الحروف حول دواعي الجلسة وظروفها، ويكون الجميع في أجوائها اذا حصلت. وهكذا تصبح الأمور واضحة أمام الجميع بعيداً عن اختلاق الالتباس، مع الاحتفاظ بحقه الى دعوة مجلس الوزراء عندما يكون هناك بعض الأمور الملحة التي تحددها حاجات الناس”.

في حين رأى أحد المراقبين أن زيارة ميقاتي الى بكركي بمثابة توجيه رسالة الى الزائرين عون وباسيل بأن زيارتهما لم تغير في استراتيجية الدولة، وسير الأمور. والرئيس ميقاتي حين يتحدث من الصرح البطريركي عن وجوب عقد لقاء تشاوري مع الوزراء قبل انعقاد الجلسة، وكأنه يقول إن البطريرك يوافق على وجهة نظره في انعقاد مجلس الوزراء متى دعت الحاجة. وعظة الأحد تؤكد أن الراعي لم يقتنع بكلام عون وصهره، ولم يستخدم توجههما الصدامي في الحديث عن حقوق المسيحيين وحماية رئاسة الجمهورية. لكن في الوقت نفسه، كأن البطريرك يطلب من ميقاتي عدم الوقوع في تكرار التجربة السابقة أي جدول أعمال طويل يتضمن في أكثر بنوده أموراً غير ملحة، انما الاكتفاء ببنود ضرورية للناس أي مراعاة وضعية الحكومة المستقيلة.

شارك المقال