حلفاء أميركا يبتعدون عن فلكها لصالح الصين؟

حسناء بو حرفوش

أطلق قادة فرنسا وألمانيا مؤخراً تحدياً لرئيس الولايات المتحدة المقبل، يتمحور حول إدراك التحولات الكبيرة في المصالح والحاجة المقابلة الى الابتعاد عن الاستراتيجية التي اعتمدها الرئيس جو بايدن في أوروبا، وفقاً لمقال في موقع “واشنطن إكزامينر”. وحسب المقال، “سيتعين على الرئيس الأميركي القادم إعادة تركيز علاقات الولايات المتحدة ذات الأولوية في أوروبا تجاه دول شمال القارة وشرقها. ويرتبط هذا التحول بكلمتين: الصين الشيوعية.

وتشكل الصين تحت حكم الرئيس شي جين بينغ تهديداً وجودياً للنظام الديموقراطي الأميركي لما بعد العام 1945. وعلى النقيض من الاتحاد السوفياتي، يمكن للصين الافادة من التجارة والاستثمارات الضخمة مقابل الولاء السياسي الغربي. وستشكل الصين مع تعزيز قدرات أسلحتها النووية بصورة كبيرة في وقت لاحق من هذا العقد، تهديداً أكبر للولايات المتحدة مما فعله الاتحاد السوفياتي. أما إذا نجحت الصين في استبدال النظام الديموقراطي الذي تقوده الولايات المتحدة بنظام إمبراطوري من المذهب التجاري الاقطاعي، فلن تتم حماية الازدهار العالمي والحرية. وبالتالي، يتوجب على الولايات المتحدة إعطاء الأولوية لعلاقاتها مع الحلفاء الذين يدركون التحدي الذي تواجهه بكين والمستعدون لمواجهته.

وتبرز أستراليا واليابان في منطقة المحيط الهادئ، لكن هناك بعض النقاط الايجابية الأخرى. ومن الواضح أن الهند، التي منحت ذات يوم بصيص أمل للصين، تنظر إلى شراكتها مع الولايات المتحدة على أنها طريق باتجاه واحد. كما يبدو أن كندا والمملكة المتحدة غير متأكدتين مما إذا كانتا ستدعمان جهود الولايات المتحدة بقوة لتقييد الامبريالية الصينية. وتطرح سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد بنيامين نتنياهو علامة استفهام أخرى.

عندما يتعلق الأمر بالدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، يتزايد التناقض الحاد بين أولئك الذين يشاركون مخاوف أميركا وأولئك الراغبين في وضع الصين في المرتبة الأولى. وتُخفي زيارة الدولة الأخيرة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى واشنطن حقيقة أكثر صعوبة، وهي أن فرنسا تتخلى عن فلك السياسة الخارجية الأميركية لصالح تحالف المصالح مع الصين. وأظهر ماكرون قدراً كبيراً من الازدراء للرئيس بايدن عندما ألقى، قبل أسبوع فقط من زيارته إلى واشنطن، خطاباً رئيساً في منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ شدد فيه على خطاب شي حول تجنب المواجهة الدولية. كان ماكرون بمثابة لعبة حسابية لصالح شي، صُممت لكسب قابليته للاستثمارات الجديدة في الاقتصاد الفرنسي.

ويتبنى المستشار الألماني أولاف شولتس سياسة تعاطف أكثر صراحة مع الصين. وأصبح أول زعيم للاتحاد الأوروبي يجتمع مع شي في بكين، بعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي. وعندما يتعلق الأمر ببكين، لا يشكل تفكك مظلة السياسة الخارجية لواشنطن محل نقاش. وفي مقال جديد، تكلم شولتس عن (تحول تكتوني تاريخي)، في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط. وتعهد بزيادة كبيرة في الانفاق الدفاعي الألماني. وقال إنه سينهي سنوات من نقص الاستثمار في الجيش الألماني وسيحقق هدف إنفاق الناتو البالغ 2٪ من الناتج المحلي الاجمالي.

وفي حين أن هذا قد يحبط إدارة بايدن، الأمر الأكثر إثارة للقلق هو ادعاء شولتس أن (صعود الصين لا يستدعي عزل بكين أو كبح التعاون). قد يبدو هذا معقولاً لكن الرسالة هنا هي رفض برلين جهود الولايات المتحدة لعزل الصين عن سلع التكنولوجيا العالية وسعي بكين وراء مزايا أخرى متعلقة بالأمن. ومع توقع المحللين العسكريين الأميركيين هجوماً صينياً على تايوان في 2023 – 2030، تقف الولايات المتحدة أمام احتمال مواجهة عسكرية مع الصين بصورة كبيرة، وقد يموت الآلاف من الأميركيين في مثل هذا الصراع. كما أن احتمالات هزيمة الصين لتايوان موضع تساؤل. لقد دق ناقوس الخطر. وفي المقابل، يجب أن تبدأ هياكل تحالف الولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين بأولئك المستعدين للانضمام إلى جهودها لردع أو حتى هزيمة الامبريالية الشيوعية الصينية، إذا لزم الأمر”.

شارك المقال