الهند والصين: لا تطبيع للعلاقات قبل تهدئة الحدود

حسناء بو حرفوش

أعلنت الهند أن التطبيع مع الصين غير ممكن إلا إذا استوعبت هذه الأخيرة مصالحها. فمع حصول الزعيم الصيني شي جينبينغ على فترة ولاية ثالثة بصورة غير مسبوقة، سينصب تركيز بكين، وفقاً لقراءة في موقع “ناشيونال إنترست” الالكتروني الأميركي، على إصلاح العلاقات والوصول إلى الدول الصديقة، على الأقل في المستقبل القريب. ويبدو أن بكين تحاول التحرك نحو استئناف الحوار والتطبيع الجزئي. ومع ذلك، من يضمن أن الهند على قائمة الصين؟ من غير المرجح أن تختار الصين تعاوناً مستداماً ودائماً مع الهند. وبات من الواضح أن أي إعادة ضبط للعلاقات بين الصين والهند سيتبع الآن شروط الأخيرة.

وفاجأ التوغل الصيني في وادي جالوان المتنازع عليه، الهند على حين غرة، كما حدث بعد قمتين غير رسميتين في الصين والهند في 2018 و2019 على التوالي. كما أدت المواجهة الحدودية في دوكلام في العام 2017 بين بكين ونيودلهي بالفعل إلى تدهور العلاقات بين البلدين. وولت الأيام التي تغاضت فيها الهند عن مفاتحة الصين بشأن الحدود، لا بل باتت هذه المسألة أحد الشروط المهمة للتطبيع، ومن المطلوب أن تظهر الصين جهداً حقيقياً لنزع فتيل التوترات على الحدود. ما غيّر نظرة الهند إلى الصين هو الادراك أن النزاع الحدودي المستمر منذ أكثر من سبعة عقود لم يعد منوطاً بالتصورات المختلفة لخط السيطرة الفعلية بل هو مجرد محاولة من الجانب الصيني لإبقاء الهند منشغلة.

ويعمل المسؤولون، حسب سارة هاشمي، كاتبة المقال والباحثة في الشؤون السياسية، على نقل مخاوف الهند وتعزيز مصالحها كما لم يعودوا يترددون بالاعتراف بأن الصين تشكل تهديدًا لأمن الهند القومي. في حين أن المواجهات الحدودية كانت سمة منتظمة للعلاقات بين الهند والصين منذ العام 1986 على الأقل، تعتقد إدارة مودي أنه لا يمكن التطبيع من دون محاولات حقيقية لنزع فتيل التوترات على الحدود. وكان التواصل الخارجي للهند تحت إدارة مودي جديراً بالملاحظة. وعلى مر السنين، حاولت الهند الحفاظ على علاقات مستقرة مع الصين، لذلك، لم تعلق، حتى بعد التوغلات العنيفة في جالوان، الحوار الذي استمر على المستوى الديبلوماسي العسكري معها.

ويسود عدم توافق بين مقاربات الهند والصين، فبينما تريد نيودلهي حلاً للقضايا التي طال أمدها، تجادل بكين بأن الهند يجب أن تهدئ النزاع الحدودي. لكن هل الصين حريصة على إعادة العلاقات مع الهند؟ يبدو أن الجواب هو بالنفي. لقد تبنت الصين نهجاً قتالياً في تعاملها مع الهند ولم تترك مجالاً كبيراً للتنازلات. وتبرر العديد من الأسباب هذا الموقف: أولاً، ترى الصين منطقة المحيطين الهندي والهادئ كمسرح لاستراتيجية الولايات المتحدة لاحتوائها، والهند جزء مهم من تلك الاستراتيجية. وتعارض الصين فكرة تولي الهند دوراً أكبر في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وهي غير مستعدة للتعامل معها كند لها. ثانياً، نجحت طريقة الصين التقليدية في التعامل مع الهند ومن المستبعد جداً أن تتغير. لقد ساعد عرض التهديد على جبهتين واستمرار النزاع الحدودي ومساعدة باكستان ضد الهند، الصين على احتواء الهند. ثالثاً، يُنظر إلى الهند بصورة إيجابية ومتزايدة من قبل شركائها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. ومع ظهور بنية المحيطين، تتمتع الهند الآن بالموقف الإقليمي الذي طالما طمحت الصين إلى تحقيقه. ويمثل ظهور الهند المتزايد وإمكان موازنة الصين في المنطقة تحدياً مهماً للصين. الخلاصة، إذا كانت الصين ترغب في حل خلافاتها مع الهند، فعليها فصل موقف الهند تجاه الولايات المتحدة والغرب عن نظرتها المتغيرة تجاه الصين”.

شارك المقال