حادثة “اليونيفيل”… هل من تداعيات دراماتيكية؟

هيام طوق
هيام طوق

منذ العام 2006، تتكرر الاعتداءات على “اليونيفيل” في الجنوب، لكن الحادثة التي وقعت في وقت متأخر من ليل الأربعاء – الخميس، اتخذت طابعاً خطيراً بعد مقتل جندي ايرلندي، اذ لفت رئيس الوزراء الآيرلندي مايكل مارتن الى “أننا نعمل في بيئة عدائية صعبة”. فيما دعا مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في “حزب الله” الحاج وفيق صفا إلى عدم إقحام الحزب في الحادثة التي وقعت في العاقبية بين الأهالي واحدى سيارات “اليونيفيل” من الكتيبة الايرلندية. وطالب في حديث صحافي بترك المجال للأجهزة الأمنية للتحقيق في الحادث، كاشفاً بعض تفاصيل الحادثة كما نقلها الأهالي اذ أن سيارة واحدة تابعة للقوة الايرلندية دخلت في طريق غير معهود أن تعبر منه “اليونيفيل” فيما السيارة الثانية سلكت الأوتوستراد الدولي المعهود المرور به ولم يحصل معها أي إشكال.

وتعددت الروايات حول الحادثة، ومنها أنه أثناء مرور آلية تابعة لقوات “اليونيفيل” في منطقة العاقبية اعترضها أهالي المنطقة لاعتمادها مساراً غير مسارها العادي ما أدى إلى وقوع حادث سير تسبب بانقلاب الآلية، وتطور الأمر إلى إشكال وإطلاق نار من “اليونيفيل”. وأثناء محاولة الانسحاب من موقع الاشكال صدمت الدورية مواطناً من أهالي المنطقة، لكن إصابته طفيفة. فيما أشارت قوات الدفاع الايرلندية الى أن قافلة مكونة من مركبتين مدرّعتين، تقلّ ثمانية جنود كانت متجهة نحو بيروت، تعرّضت لنيران أسلحة خفيفة.

على أي حال، فقد أعلن الناطق الرسمي باسم “اليونيفيل” أندريا تيننتي أن “التفاصيل حول الحادث متفرقة ومتضاربة، وننسّق مع القوات المسلحة اللبنانية، وفتحنا تحقيقاً لتحديد ما حدث بالضبط”. والى حين جلاء حقيقة ما حصل، لا بد من الاضاءة على بعض المجريات التي تتزامن والحادثة، بحيث لفتت منذ أيام قليلة مواقف وزيرة الدفاع الفرنسية السابقة ميشال أليو ماري حين قالت: “حزب الله والنظام السوري مسؤولان سوياً عن اغتيال رئيس الحكومة الأسبق الشهيد رفيق الحريري، وان شخصيات من النظام السوري متورطة أيضاً بجريمة الاغتيال، والمحكمة الدولية حول الحريري تعرضت لضغوط لسحب تورط النظام السوري”. اضافة الى حملة التهديدات الاسرائيلية التي استهدفت مطار رفيق الحريري الدولي، واتهام شركة طيران ايرانية بتهريب السلاح الى “حزب الله” وصولاً الى الزيارة التي سيقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى بيروت في 24 كانون الأول الجاري، للقاء عدد من المسؤولين اللبنانيين بينهم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وفق ما أفاد مصدر لبناني واسع الاطلاع، في تصريحات لـ” سبوتنيك”، وأبلغت السفارة الفرنسية الحكومة اللبنانية بأن ماكرون قرر زيارة بيروت في 24 كانون الأول، وبعد لقاء المسؤولين اللبنانيين، سيتوجه إلى مقر الكتيبة الفرنسية العاملة في إطار القوات الدولية في جنوب لبنان لقضاء ليلة عيد الميلاد مع ضباط الوحدة الفرنسية وجنودها.

في ظل هذه المعطيات، وانسداد الأفق الرئاسي والتأزم الداخلي، وعدم نضوج أي تسوية خارجية، هل هناك من رسائل جراء هذه الحادثة؟ وما هي تداعياتها وانعكاساتها على الوضع في الداخل وعلى مهام قوات “اليونيفيل” في الجنوب؟

أشار أحد المحللين السياسيين الى أنها “ليست الحادثة الأولى على الرغم من أنها الأخطر لأنه حصل اطلاق رصاص. ومن المعيب الاتهام الدائم للأهالي، والاستخفاف بعقول الناس. من هم هؤلاء الأهالي؟ ومن يملك صلاحية اطلاق النار على القوات الدولية؟ وهل يملك الأهالي خارطة بالطريق التي يجب أن تسلكها القوات الدولية؟ وكيف هم في جهوزية كاملة للتصدي ومصادرة الأسلحة واطلاق النار. هناك أمر لم يعد مقبولاً لأنه يعرّض لبنان لخطر كبير ويضعه في مواجهة مع المجتمع الدولي. من يتحمل مسؤولية التصعيد في وجه القوات الدولية؟ ليس هناك من قرية في الجنوب الا وتستفيد من اليونيفيل بالاضافة الى التوظيف، كما أنها تحمي المجتمع اللبناني من الاعتداء الاسرائيلي، ولو كانت الضمانة لاسرائيل لكانت موجودة هناك. نحن ذاهبون نحو الهاوية”.

ورأى أن “مثل هذه الحوادث تدل على أن القوات الدولية مستهدفة، وأي معركة مقبلة، لن تسلم منها، وستكون عرضة للهجمات، وهذا أمر بالغ الخطورة”، مشيراً الى أن “الحادثة تتزامن مع حملة التهديدات الاسرائيلية التي استهدفت مطار رفيق الحريري الدولي، واتهام شركة طيران ايرانية بتهريب السلاح الى حزب الله. والرسالة هنا أن المنطقة بأكملها قابلة للاشتعال والانفجار في حال حصل أي تطور. والبيان الاسرائيلي حول تهريب السلاح عبر المطار، ونشر الصور، يذكرنا بالسيناريو الذي سبق انفجار المرفأ من دون أن ننسى الوضع الايراني المأزوم الذي يؤثر على الوضع الداخلي بصورة مباشرة”.

وسأل: “هل سيتخذ قرار بسحب القوات الدولية نتيجة الاعتداء؟ وهذا يؤدي الى فتح الحدود أمام اسرائيل. وهل يمكن تفعيل الفصل السابع أي تتصرف القوات الدولية في منطقة الجنوب كما تريد؟ علينا انتظار رد الفعل الدولي، وايرلندا دولة أوروبية، ولا بد من أن هناك تداعيات للحادثة لكن الى أي مدى؟ لا أحد يعلم خصوصاً في ظل التصعيد السياسي والأمني في المنطقة. والأخطر بعد انتهاء المونديال الذي فرض حالة من التهدئة”.

واعتبر أحد المطلعين أن “التحقيق لا بد من أن يكشف ماهية ما حصل خصوصاً أن الموضوع يتعلق باليونيفيل، ونسمع الكثير من الروايات، وهناك أمور غير مقنعة، لكن ليست لدينا المعلومات. على أي حال، هنا لا بد من التساؤل عن الجهوزية في استخدام السلاح. ثم لماذا لا يتحدث أحد عن مطلقي النار، ويتم الحديث عن الأهالي عموماً؟ هل المقصود الاعفاء من المسؤولية وتضييع الطاسة؟”.

وقال: “القضية لها أبعادها التي تعكس شعور الحزب، وكأن هناك تغييراً في التعامل السياسي الاقليمي والدولي معه. هذا التغيير قد لا يكون بمظاهر بارزة ودراماتيكية بصورة واضحة، لكن بشكل سياسة إهمال ونوع من الحصار السياسي وعدم التجاوب مع متطلباته على مستوى معالجة انتخاب الرئيس والتسوية في لبنان”.

أضاف: “لا بد من أن هناك تداعيات للحادثة، والموقف السلبي من لبنان عموماً سيبرز أكثر، وكيفية التعامل معها أمر مهم اذ ليس المطلوب الاستنكار بقدر ما هو مطلوب كشف الحقيقة. اليونيفيل اليوم في موقع التساؤل ان كانت ستبقى أو تغادر. وعلى الرغم من خطورة المسألة، لا نرى أن الأمور ستذهب في اتجاه دراماتيكي أو تطورات نوعية انما الى مزيد من الاستنزاف واظهار البلد كأنه لا يمكن التعامل معه بصورة طبيعية وأن لا استعداد لبنانياً للتعامل مع الآخرين للخروج من أزمته”.

شارك المقال