الخوف من الحوار… لا علاقة له بالرئاسة

محمد شمس الدين

جلسة عاشرة لمحاولة انتخاب رئيس للجمهورية باءت بالفشل كسابقاتها، وهي الجلسة الأخيرة قبل عطلة الأعياد، ما يعني أن العام 2022 سينتهي بفراغ في الرئاسة الأولى. وكانت جميع الكتل تعلم أن نتيجة الجلسة سلبية مثل سابقاتها، إلا أن اللافت هذه المرة هو تعطيل الحوار مجدداً، تحديداً من جهة “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، الذي تحجج بأن الوقت قصير لعقد حوار جدي وفاعل قبل نهاية السنة، بينما “القوات” أوضحت أن قبولها بالحوار تحت قبة البرلمان قصدت به جلسات مفتوحة للهيئة العامة لمجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية، لا حواراً بين الكتل الأساسية، وتطالب الفريق الآخر بالكشف عن مرشحه، من أجل انتخاب رئيس وفق العملية الديموقراطية، ولكن هل هذا الأمر يمكن أن يفضي إلى انتخاب رئيس فعلاً؟

اتجاه “حزب الله” وحلفائه، باستثناء “التيار الوطني الحر”، الى التخلي عن الورقة البيضاء، وتسمية رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية مرشحاً رسمياً لرئاسة الجمهورية، لا ينهي المراوحة الحاصلة في الاستحقاق الرئاسي، ففرنجية يمكن أن يصل إلى ما بين 40 و55 صوتاً من دون “التيار” في أحسن الأحوال، وهذا إن انتخبته بعض الكتل التي تمتنع اليوم عن التسمية والانتخاب، وبالتالي ستكون الأصوات مقسمة بين فرنجية والنائب ميشال معوض والاسم الذي يختاره “التيار”، إن كان بدري ضاهر أو “الميثاق” بحسب ما انتخب في آخر جلستين، وهذا يعني أن لا أحد من المرشحين يحظى بـ 65 صوتاً.

مصادر نيابية مطلعة رأت في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “طرح الجلسات المفتوحة هو مضيعة للوقت، ومحاولة مفضوحة للشعبوية، تحت عنوان العملية الديموقراطية، وربما نسي هؤلاء أن البلدان الأخرى ليست فيها انقسامات متعددة مثل لبنان، وأن أقرب تشبيه لوضعه هو عند العدو الصهيوني، الذي فشل مرات عدة في تشكيل حكومة مما اضطره الى إعادة الانتخابات للوصول إلى غالبية تستطيع تشكيل الحكومة لديه، وهذا الأمر صعب في لبنان، لأن إجراء الانتخابات يأخذ وقتاً، وفي هذا الظرف الحساس ستكون كلفته باهظة على البلد.”

وتساءلت المصادر: “ما المانع من إجراء حوار؟ ماذا سيخسر أي فريق يقبل بالحوار؟ حتى لو كانت نتيجته سلبية، هل يختلف تضييع الوقت بين جلسات في مجلس النواب وجلسات حوار؟”.

واعتبرت أن “كل هذا الرفض القاطع للحوار، لا يمكن أن يعني إلا شيئاً واحداً، أن هناك من ينتظر كلمة السر من الخارج، ليفرج عن الملف الرئاسي، لا سيما أن رؤساء جمهورية لبنان الـ 13، باستثناء واحد، وصلوا إلى سدة الرئاسة، نتيجة توافق، لا عملية ديموقراطية، وهذا طبيعي في بلد سمته الأساسية التعدد. ولذلك من الواضح أن دعاة هذه الفكرة، بغض النظر عن صحتها عموماً، يعلمون تماماً أن اللحظة الاقليمية لم تأت بعد لانتخاب رئيس، وهم فقط يضيّعون الوقت بالشعبوية.”

ولكن هل هم وحدهم من يضيّعون الوقت؟ هل يمكن للحوار الداخلي أن ينتج رئيساً من منطلق لبننة الاستحقاق؟ مصدر سياسي مطلع أجاب: “كلا، الحوار لن يستطيع إنهاء الفراغ وانتخاب رئيس جمهورية.”

ورأى المصدر أن “الحوار لا يهدف الى انتخاب الرئيس، بل ان هذا العنوان لجلسات الحوار سيكون ضمنه حوار لملفات أساسية عدة في البلد، ولذلك يتجنب العديد القبول به، لأنه قد يتسبب بتسوية محلية يخسر فيها أصحاب الشعارات الرنانة غير القابلة للتطبيق خسارة مدوية، مما قد يكشفهم شعبياً، لذلك يفضل هؤلاء استمرار الوضع كما هو عليه، بل يفضلون أن يأتي الرئيس عبر تسوية دولية أو إقليمية. ”

أما لجهة الفريق الآخر، فاعتبر المصدر أن “موضوع الرئاسة عنده ليس أولوية، ولكنه لا يمانع من انتخاب رئيس، طالما لن يكون رئيس مواجهة له، فهو في مرحلة يريد الهدوء في البلد لا التصادم”.

شارك المقال