كيف تساعد أوروبا المتظاهرين الايرانيين؟

حسناء بو حرفوش

يمكن للحكومات الأوروبية دعم المتظاهرين الايرانيين بثلاث طرق، حسب تحليل لجوليان بارنز داسي في الموقع الالكتروني للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث (ECFR). ووفقاً للكاتب، “لا شك في أن حركة الاحتجاج التي تجتاح ايران هي بقيادة ايرانية. ومع ذلك، هذا لا يعني أن الحكومات الأوروبية غير قادرة على لعب دور ما من خلال التركيز على الاجراءات التي تساعد في حماية المحتجين.

(…) وصعّد النظام من ردود الفعل ضد الاحتجاجات المندلعة منذ أربعة أشهر في جميع أنحاء البلاد، حيث قام مؤخراً بإعدام اثنين من المتظاهرين بعد محاكمات صورية. وأدانت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، البالغ عددها 27 دولة بصورة مشتركة يوم الاثنين تصرفات ايران في بيان الاتحاد الأوروبي الأكثر صرامة في السنوات الأخيرة. وسارع الاتحاد أيضاً الى تبني سلسلة من حزم العقوبات التي تستهدف الأفراد والكيانات من المسؤولين عن الحملة. وشدد وزير الخارجية الألماني على أنه لا يمكن أن تبقى العلاقة معهودة مع ايران كما في السابق. لكن عدا عن العقوبات والبيانات، ماذا يتوجب على الأوروبيين فعله الآن؟

تطالب حركة الاحتجاج التي تقودها النساء بتغيير بعيد المدى، مع هتافات تدعو الى إسقاط جمهورية ايران (…) ولكن حتى الآن، ما زالت هذه الاحتجاجات عضوية إلى حد كبير وبلا قيادة. ولم يصل المتظاهرون بعد إلى مستوى الحشود الكبيرة التي تجمعت خلال احتجاجات الحركة الخضراء التي استمرت شهراً في العام 2009، كما لم يحشدوا لدعم الدوائر الانتخابية الرئيسة مثل قطاع الأمن. وعلى الرغم من أن الاضطرابات تشهد تصعيداً، يجب على الاحتجاجات أن تؤدي إلى إضرابات عامة متواصلة في قطاعات رئيسة من الاقتصاد بطرق تشكل تحدياً وجودياً للنظام. ولكن في حين أن تحقيق انهيار الجمهورية الاسلامية سيتطلب بذل جهود كبيرة، من الواضح أن المشاعر الثورية تغلي في جميع أنحاء شوارع إيران وأن حركة الشباب لن تختفي. كما من الواضح أن انتظام الاحتجاجات واتساع نطاقها والطبيعة غير المسبوقة لمطالبها، تشكل تحدياً مباشراً لشرعية النظام الحالي.

وبينما يُتوقع من الحكومة تصعيد استخدامها للقوة القمعية، ينذر ذلك بصراع طويل الأمد على الأرض ويتطلب من الأوروبيين معالجة دورهم وقدرتهم على تشكيل التغيير بصورة متواضعة. ولا شك في أن الأوروبيين يمتلكون رغبة واضحة في بذل المزيد من الجهد لدعم المحتجين، خصوصاً أن الحق في حرية تكوين الجمعيات والاحتجاج في صميم القيم الأوروبية، تماماً كما يستحق استخدام القوة القمعية الادانة الصريحة (…) وتركز الدول الأوروبية حالياً على حاجة طهران الى إنهاء حملة القمع الداخلي وتقديم المساعدة. ويتعين على الحكومات الأوروبية كخطوة أولى، الاعتراف بأن هذه حركة تقودها إيران وأن التغيير لا يمكن أن يأتي إلا من الداخل (…) وفي هذا السياق، يجب أن ينصب التركيز الفوري للاتحاد الأوروبي على الاجراءات التي تساعد في حماية المحتجين وزيادة الدعم بثلاث طرق رئيسة: تسليط الضوء وتسهيل الهروب ودعم مبادرات المجتمع المدني.

أولاً، على الدول الأوروبية تسليط الضوء بقوة على الانتهاكات والعمل على حشد الفاعلين الدوليين خارج التحالف الغربي للضغط على ايران وتركيز الجهود على وقف عمليات إعدام أخرى للمتظاهرين (…) في هذه اللحظة الحرجة التي تحاول فيها طهران زرع غطاء من الخوف في البلاد. لكن قدرة أوروبا والولايات المتحدة على التأثير على ايران وحدها محدودة. لذلك يجب العمل مع جيران ايران ذات الغالبية المسلمة وشركاء طهران في الجنوب العالمي لاستخدام جميع القنوات الديبلوماسية المتاحة والضغط لمنع المزيد من عمليات الاعدام.

ثانياً، يتعين على الحكومات الأوروبية توفير مسارات قانونية لأولئك الذين يحتاجون إلى الهروب من ايران، بما في ذلك الوصول السريع إلى التأشيرات واللجوء. وهذا يشير إلى ضرورة الحفاظ على شكل من أشكال الوجود الديبلوماسي على الأرض. لن يسمح هذا للحكومات الأوروبية بفهم ما يحدث بالفعل بصورة أفضل وحسب، بل سيمكنها أيضاً من الاستجابة للعدد المتزايد من عمليات احتجاز المواطنين الأوروبيين ومعالجة طلبات الحصول على التأشيرات بسرعة.

(…) وأخيراً، يجب على الحكومات الأوروبية توفير الدعم التقني والقدرات لأولئك الذين يساعدون المجتمع المدني الايراني عبر منظمات موثوقة خارج ايران. وهذا يتطلب منها تحديد الشركاء الشرعيين القادرين على دعم المبادرات التي تهدف الى حماية المتظاهرين على الأرض”.

شارك المقال