بايدن ينعى الاتفاق النووي… وايران في موقع ضعف

هيام طوق
هيام طوق

 

ظهر مقطع فيديو جديد للرئيس الأميركي جو بايدن على وسائل التواصل الاجتماعي، يتحدث فيه على هامش تجمع انتخابي في 4 تشرين الأول الماضي وأشار الى أن الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران “قد مات”، وأن الولايات المتحدة “لن تعلن رسمياً عن وفاة الصفقة”. وبحسب مواقع الكترونية أميركية، فإن ذلك التصريح تأكيد قوي حتى الآن على أن إدارة بايدن تعتقد أنه لا يوجد طريق للمضي قدماً في الصفقة الايرانية، مما يترك أسئلة رئيسة حول مستقبل برنامج طهران النووي.

وفي أواخر تشرين الأول، لفت المبعوث الأميركي لايران روب مالي الى أن الادارة لن “تضيع الوقت” في محاولة إحياء الاتفاق النووي الايراني في هذا الوقت بالنظر إلى قمع طهران للمتظاهرين، والدعم الايراني للحرب الروسية في أوكرانيا، ومواقف ايران حول برنامجها النووي.

في حين قال وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان: “حضرت مؤتمر بغداد 2 في الأردن لنؤکد دعمنا للعراق، وعلى هامش الاجتماع أتيحت لي الفرصة أيضاً للتحدث الودي مع بعض نظرائي، ومنهم وزراء خارجية عمان، قطر، العراق، الكويت، والسعودية”. وأشار في تصريح عبر وسائل التواصل الاجتماعي الى أنّ “وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، أكد لي استعداد بلاده لاستمرار الحوار مع طهران”.

وفي قراءة لهذه المواقف، أوضح مدير “المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات” حسان قطب في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “المفاوضات تكون بين طرفين متوازنين أي يكونان في موقع قوة، ويقدم كل طرف بعض التنازلات للآخر للوصول الى حل وسط. عندما يكون هناك طرف قوي وآخر ضعيف تكون عملية استسلام بحيث أن القوي يفرض شروطه على الضعيف. ايران كانت تفاوض من موقع قوة أي ليس أنها أقوى من الآخرين انما كانت لديها أدوات قوة تحارب بها مثل لبنان وسوريا والعراق واليمن، وكان لديها استقرار داخلي وتعمل على تطوير برنامجها النووي. اليوم تغيّر الوضع حيث لا استقرار، وأي دولة لديها قلق داخلي تكون سياستها الخارجية خاضعة للوضع الداخلي. ايران حالياً في موقع ضعف، ولا يمكنها القيام بأي صراع سياسي أو أمني، والدليل على ذلك، عدم ردها على أي عدوان اسرائيلي إن كان في سوريا أو على الحدود العراقية بحيث بات بقاء النظام الايراني أولوية على أي مشروع آخر. وفيما كان المشروع النووي لحماية النظام، أصبحت حماية النظام مسألة داخلية حيث لا يمكن استخدام النووي”.

أضاف: “ازاء هذا الوضع وموقع ايران الضعيف، تجد الولايات المتحدة نفسها غير مضطرة للتفاوض مع ايران التي كانت مطالبها واضحة: أن يستمر المشروع النووي بحدود معينة، أن لا تكون هناك ضوابط على السلاح الصاروخي الباليستي، وأن تكون حصتها الاقليمية في المنطقة محفوظة. لذلك، سمعنا أحد المسؤولين الايرانيين منذ فترة يقول ان هناك 4 عواصم عربية بيدنا، هي بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء. كما قال أحد قادة الحرس الثوري ان من يريد أن يحارب ايران عليه أن يهزم 6 جيوش”. ورأى أن “ايران كان بإمكانها التفاوض، والمناورة، والمماطلة، وشراء الوقت لأن وضعها كان يسمح بذلك. اليوم الأمور مختلفة تماماً. وبالتالي، السؤال هنا: من أي موقع قوة يمكنها التفاوض؟ وما هي الشروط التي يمكن ان تفرضها؟ لذلك، يقول الرئيس الأميركي ان الاتفاق قد مات”.

وتحدث عن “عوامل القوة الى جانب الأميركيين اليوم لناحية التغير في الموقف الأوروبي الذي لطالما كان الوسيط لايران، لكن بما أن فرنسا اتخذت موقفاً الى جانب المعارضة في ايران كونها راعية الحريات في العالم، وبعد أن اعتقلت ايران بعض المواطنين الذين يحملون الجنسية المزدوجة، شعرت فرنسا بالخطر، وغيّرت من مواقفها. بالاضافة الى أن الصين خلال القمة الخليجية – الصينية، اتخذت موقفاً ايجابياً من المطالب العربية، وعدم عسكرة المنطقة، لذلك، غضبت ايران من هذه المواقف”، مؤكداً أن “كل ذلك، يعطي زخماً للأميركيين الذين يفاوضون من موقع قوة أكبر من السابق من دون أن ننسى ضغط الكونغرس الذي يطالب بدعم المعارضة الايرانية أكثر. في حين نرى أن تصريحات وزير الخارجية الايراني مختلفة بحيث يتحدث عن التفاوض واعادة احياء المفاوضات للوصول الى حل كما عن اعادة فتح السفارة في الرياض وحسن العلاقات مع السعودية، وأن ينظم اجتماع لوزراء خارجية دول الخليج بما فيهم ايران لتأمين أمن المنطقة وأمن الممرات المائية. لماذا هذه النوعية من المواقف اليوم؟ لأن هناك شعوراً بالضعف الداخلي”.

أما بالنسبة الى تأثير ذلك على الوضع اللبناني، فأشار قطب الى أن “أول اشارة ايجابية يمكن أن نلمسها أن حزب الله الذي كان يفرض الرئيس، تراجع وأدرك أنه عاجز عن اعادة فرض مرشح رئاسي بالطريقة التي كان يقوم بها في السابق. ويسعى اليوم الى تسوية مع المرشح الرئاسي بتأييد أميركي – عربي والتفاهم معه حول مستقبله. وهو يرفع راية الحوار بما معناه ضمان استمرار المقاومة والمحافظة على سلاحه، ثم التحاور في القضايا الداخلية بانتظار تطورات جديدة”.

شارك المقال