تايوان: خطر “الاصطدام المباشر” بين واشنطن وبكين

حسناء بو حرفوش

يؤكد خطاب وزير الخارجية الصيني وانغ يي المتشدد مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن على تراجع العلاقات الثنائية وانعدام الثقة الاستراتيجية بين الصين والولايات المتحدة، حسب ما حذر مراقبون في مقال بموقع South China Morning Post الالكتروني الصيني. وحث وزير الخارجية الصيني الولايات المتحدة على وقف “احتواء وقمع” بكين. وحذر من التكتيكات المعتمدة في تايوان، قائلاً إنها قد تؤدي إلى “تصادم مباشر”.

وعلى الرغم من أن بكين تسعى الى الحوار مع واشنطن، وأن الولايات المتحدة عرضت لقاحات لمساعدة الصين على التعامل مع الارتفاع الهائل في إصابات كورونا، لا يزال البلدان في حالة تصادم على مستوى العقوبات المتبادلة بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الانسان. وفرضت الصين الجمعة، عقوبات على مستشار رئيسي لسياسة الصين لوزير الخارجية السابق مايك بومبيو ونائب مدير موظفي اللجنة التنفيذية للكونغرس بشأن الصين تود شتاين. وجاءت هذه العقوبات انتقاماً للعقوبات الأميركية الأخيرة بشأن انتهاكات بكين المزعومة لحقوق الانسان في التبت. وأكد بلينكن لوانغ يي على هامش مجموعة العشرين في روما، على عدم تغير موقف الولايات المتحدة بشأن الصين الواحدة حول تايوان. وتعهد وانغ، عضو المكتب السياسي وأكبر مساعد للسياسة الخارجية للرئيس شي جين بينغ، بـ”الدفاع بحزم” عن سيادة الصين وأمنها ومصالحها التنموية، وحث واشنطن على الاهتمام بمخاوف بكين و”وقف احتواء وقمع تنمية الصين”.

وقال إن الولايات المتحدة يجب ألا تستمر على وجه الخصوص، في تحدي الخطوط الحمر للصين، مشيراً الى مبيعات الأسلحة والتبادلات رفيعة المستوى. وبلغت التوترات عبر المضيق ذروتها في آب بعد رد بكين العسكري القاسي على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي. وتعتبر بكين الجزيرة جزءاً من أراضيها التي يجب إعادة توحيدها يوماً ما، بالقوة إذا لزم الأمر. وخفت حدة التوترات في وقت لاحق وفي علامة على تحسن العلاقات، استأنف الجانبان الحوار والاتصالات بشأن المناخ والمجالات الأخرى التي علقتها بكين بعد زيارة بيلوسي.

كما أجرى مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ دانييل كريتنبرينك وكبيرة مديري مجلس الأمن القومي لشؤون الصين وتايوان لورا روزنبرغر في وقت مبكر من هذا الشهر، محادثات مع نائب وزير الخارجية الصيني شيه فنغ في لانغ فانغ، حول الاستعدادات لرحلة بلينكن الأولى الى الصين. ووصف وانغ الجمعة، اجتماع لانغ فانغ بأنه “متعمق وبناء”، قائلاً إنه يجب على الجانبين “تكثيف المشاورات” و”تعزيز الحوار على جميع المستويات”. لكنه ألقى اللوم بصورة مباشرة على الولايات المتحدة في أسوأ دوامة هبوط في العلاقات الثنائية، وحذر من أن تفكير واشنطن لن يؤدي إلا إلى “تصادم مباشر”.

وبعكس قراءة بكين التفصيلية، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بياناً مقتضباً، أعلنت فيه أن بلينكن “ناقش الحاجة الى الحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة وإدارة العلاقات بين الولايات المتحدة والصين بصورة مسؤولة”، مشيرة إلى الصين باسمها الرسمي. كما أثار الوزير مخاوف بشأن الحرب الروسية ضد أوكرانيا والتهديدات التي تشكلها على الأمن والاستقرار الاقتصادي العالمي. وناقشوا الوضع الحالي لكورونا، وشدد الوزير على أهمية الشفافية بالنسبة الى المجتمع الدولي.

وفي حديثه في وزارة الخارجية الخميس، لفت بلينكن إلى أن واشنطن مستعدة لمساعدة جميع الدول بشأن كورونا، بما في ذلك الصين، لكنه قال إن الأخيرة لم تطلب المساعدة الأميركية. وأضاف أن الولايات المتحدة كانت قلقة بشأن ظهور متغيرات جديدة لفيروس كورونا وأن تفشي الفيروس في الصين كانت له “آثار واضحة على الاقتصاد العالمي بسبب إغلاق الصين على مستويات متعددة”.

ونقل البيان الصيني عن بلينكن تأكيده على سياسة الصين الواحدة تجاه الولايات المتحدة ومعارضتها لاستقلال تايوان. كما كرر وانغ موقف الصين من الغزو الروسي لأوكرانيا، بحسب البيان الصيني، مؤكداً دعم بكين لجهود “تعزيز السلام والمحادثات” واستعدادها للعب دور بنّاء في حل الأزمة بطريقتها الخاصة. وجاء التبادل بشأن الوضع في أوكرانيا بعد أن شدد شي على الأهمية التي توليها بكين لعلاقاتها مع روسيا خلال اجتماع يوم الأربعاء مع الرئيس الروسي السابق الزائر دميتري ميدفيديف. كما أعرب عن أمله في أن تظل جميع الأطراف عقلانية وأن تبدأ المحادثات، على الرغم من امتناع الصين حتى الآن عن إدانة العدوان الروسي أو تقديم الدعم للعقوبات الغربية. ومن السابق لأوانه الحديث عن الانفراج بين الولايات المتحدة والصين. ولا بد من الانتظار حتى الاستفزاز أو حتى الأزمة التالية والتي ربما ليست بعيدة، لمعرفة ما إذا كان استئناف الديبلوماسية الشخصية له أي تأثير ذي مغزى على السلوك الصيني أو الأميركي”.

شارك المقال