مبادرة الحزب الى معايدة التيار تؤسس للتهدئة؟

آية المصري
آية المصري

علاقة “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” واجهت مطبات عديدة تكتيكياً، تهتز كثيراً بانتظار وقوعها لكن الوقائع الاستراتيجية تحميها لا بل تحصنها. فالصهر المدلل للرئيس السابق ميشال عون والذي تربى في حضن “حزب الله” جبران باسيل يعي الايديولوجيا السياسية لمعلميه ويخاف تخطيهم. وعلاقته مع الحزب أقوى من علاقة عمه، وكان وسيبقى مندوب عون لدى الحزب والعكس صحيح.

خطابات وبروباغندا اعلامية هزيلة يقدمها باسيل شاكياً من حليفه بصورة متواصلة، واتهامات في السر والعلن ليست سوى لشد عصب طائفته ومحازبيه، فهو أذكى من أن يخسر الداعم الأول لمسيرته. وفي ظل سوء هذه العلاقة حالياً، أجرى مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في “حزب الله” وفيق صفا اتصالاً بكل من الرئيس عون والنائب باسيل مقدماً التهاني بالأعياد المجيدة باسم الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، كما أكد في حديث صحافي أن ما من قطيعة بين الحزب والتيار، آملاً أن تحمل الأيام المقبلة مزيداً من الحوار والتواصل لما فيه مصلحة الوطن وخير الطرفين.

وبهذا يكون الحزب من بادر أولاً الى ترميم العلاقة مع التيار، مع العلم أنه حكي في الفترة الأخيرة عن لقاء سيجمع عون بنصر الله لكنه لم يحدث حتى هذه اللحظة، فهل سيتم هذا اللقاء؟ وهل من جديد في علاقة الحلفاء، وستعود المياه الى مجاريها؟

مصدر رفيع في “التيار الوطني الحر” رفض عبر موقع “لبنان الكبير” التعليق على معايدة “حزب الله” لعون وباسيل، معتبراً أن “هناك فرصة اعلامية خلال هذه الفترة ولا يمكن التحدث عن أي حدث يطرأ على الساحة”.

في حين أوضحت مصادر مطلعة على سياسة “حزب الله” أن “هذه المعايدة أتت ضمن سياقها الطبيعي خصوصاً في ظل هذه المناسبة الاجتماعية الوطنية والدينية وتحديداً لدى المسيحيين، وبالتالي من البديهي أن يبادر الحزب بها خصوصاً أنه حريص على حفظ العلاقة مع الوطني الحر”.

ورأت هذه المصادر أنه “عندما تهدأ الأوضاع يصبح هناك مجال للتحدث، وهذه الخطوات تؤسس للتهدئة مع التيار وبعد ذلك تفتح المواضيع لتناقش بكل محبة ووضوح وصدق بين الطرفين”، معتبرةً أن “الحزب بعد الانتخابات كان واضحاً من ناحية أنه يريد من كل الكتل التعاون والتواصل مع بعضها البعض، ولم يستثنِ القوات اللبنانية لأنه يعتبر هذا التواصل ضرورياً داخل المجلس النيابي”.

ووصفت المصادر المعلومات عن زيارة لعون الى نصر الله بـ “الشائعات لاسيما أن الفكرة لم تطرح اطلاقاً”، مؤكدةً أن “عون لم يبادر الى طلب لقاء السيد نصر الله والأخير لم يطلب لقاءه، ومن الممكن أن تأتي ظروف معينة لاحقة لتجمع الاثنين مع بعضهما البعض، لكن في هذه المرحلة الفكرة غير مطروحة”.

الأمين: الأرجحية ستبقى للحزب

ورأى المحلل السياسي علي الأمين أن “الحزب والتيار بحاجة الى استمرار العلاقة بينهما وحكماً ستستمر لكن ليست كما كانت عليه، والأرجحية كانت ولا تزال للحزب أي هو الطرف الذي يقرر بالدرجة الأولى مسار هذه العلاقة وليس الطرف الآخر”، مذكراً بأنه “كان هناك الكثير من الاعتراضات من الوطني الحر خلال عهد ميشال عون على الحزب، ووصفه بأنه لا يتجاوب معهم في القضايا المتعلقة بالاصلاح وغيرها، اضافة الى أن التيار يعتبر أنه أعطى الحزب كل ما يريد لكن الأخير لم يعطه ما يريده فعلياً”.

ولفت الى أن “ميشال عون لم يعد رئيساً وبالتالي العلاقة ستتراجع بين الحزب والوطني الحر لكنها لن تسوء، وهذا الشق لم يفهمه بعد الوطني الحر لكنه في نهاية المطاف سيعيه جيداً. وبالتالي لم نرَ حتى هذه اللحظة أي مؤشرات تدل على أن التيار اتخذ موقفاً إستراتيجياً يشكل قلقاً أو نقزة عند الحزب، على العكس يؤكد دائماً أنه على توافق مع خيارات الحزب الاستراتيجية”.

وأكد الأمين أن “لا مصلحة للتيار ولا لباسيل أو لميشال عون في الخروج عن هذه العلاقة لأنهم لا يملكون خيارات بديلة عن الحزب، وبالتالي يعتبرون البقاء في هذه العلاقة مضمونة أكثر، خصوصاً وأن الحزب يثق كثيراً بباسيل أكثر من أي شخص آخر وأكثر من ميشال عون نفسه، فباسيل تربى وترعرع في حضن حزب الله”.

من الواضح أن الحليفين مهتمان بعودة علاقتهما الى سابق عهدها، وهذا الأمر وراء سعي “حزب الله” بشتى الطرق الى المبادرة أولاً ومصالحة “التيار الوطني الحر”، فيما يبادله هذا الأخير بلامبالاة علناً ربما لأنه ينتظر أن يلبي الحزب مطالبه بصورة رسمية، فهل عودة هذه العلاقة تحتاج الى وعود أكبر في السنة الجديدة؟

شارك المقال