مقاربات رئاسية مختلفة… وجلسات “اللاانتخاب” الى 2023

هيام طوق
هيام طوق

منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، أصبح الشغل الشاغل لدى المعنيين في الداخل، انتخاب رئيس جديد للجمهورية لأن الشغور ينعكس سلباً على القطاعات كافة التي تعاني أصلاً من الانهيار ولا تحتمل أي خضة أو فوضى نتيجة التأزم السياسي.

ويجمع المحللون والمراقبون على أن هناك حركة خارجية تحاول خرق جدار الاستحقاق الرئاسي لكنها لا تزال خجولة، ولم تؤد الى أي نتيجة الى اليوم مع العلم أن الدول الفاعلة في الساحة الداخلية أكدت مراراً وتكراراً أن على اللبنانيين أن يتحملوا مسؤولياتهم، وألا يتكلوا بصورة كاملة على الحل الخارجي الذي يتحدث عن مواصفات وخطوط عريضة من دون الدخول في التفاصيل والأسماء. وفي هذا السياق، حكي عن مساعٍ لدول عربية وأجنبية، وآخرها الاجتماع الذي قيل انه سيعقد في باريس ‏في 15 كانون الثاني المقبل بدفع فاتيكاني بين الأميركيين والفرنسيين والسعوديين، يتمحور حول لبنان والرئاسة خصوصاً، لكن لا شيء مؤكد حتى اللحظة كما أن نتائجه ليست مضمونة لا سيما أن بعض الأطراف الاقليمية المؤثرة ليس موجوداً ما يعني أنه على شاكلة المبادرات الداخلية “حركة بلا بركة”.

وفي الداخل، ووسط الانقسام الحاصل بين الأفرقاء، لم يكتب النجاح للمبادرات الحوارية، ولم تصل اللقاءات الثنائية والثلاثية الى أي نتيجة، كما أن الجلسات الانتخابية تحولت الى مسرحية هزلية. الا أن البعض يؤكد أنه على الرغم من عطلة الأعياد، هناك تواصل ولقاءات واجتماعات تحصل بين مختلف القوى بعيداً عن الاعلام على أمل التوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية بعد الأعياد، وهذا ما يطالب به البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، في وقت أصبحت هناك قناعة لدى الجميع بأنه لا يمكن الاستمرار في مسرحية الخميس، ولا بد من ايجاد أسلوب جديد في التعاطي مع الاستحقاق الرئاسي كي لا تستمر دوامة “اللاانتخاب” الى ما لا نهاية. من هنا، بدأ الحديث عن أنه مع انطلاقة السنة الجديدة، ستنطلق مقاربات مختلفة للملف الرئاسي، واستبدال التسميات المطروحة بإسم أو اسمين يتم التوافق عليهما من غلابية الكتل النيابية.

في هذا الاطار، اعتبر النائب قاسم هاشم في حديث لـ “لبنان الكبير” أن “اللقاء بين اللبنانيين ضروري في كل الأحوال والظروف، لأن البلد بتركيبته يفرض أن يكون الحوار منطقاً دائماً بين مكوناته لتستقيم أموره. هناك تواصل بين الأطراف، والاتصالات واضحة بين القوى السياسية على أكثر من مستوى، لكن لم تتبلور أي أفكار جديدة الى اليوم، ولم تثمر على أمل أن تتبدل الأحوال نحو الايجابية”، مشيراً الى أن “الرئيس نبيه بري قام بواجبه الوطني والدستوري، ومن رفض الحوار يتحمل المسؤولية. حتى الآن ليست لديه أي أفكار أو مبادرة جديدة الى أن يرى أن هناك ظروفاً معينة أو تفرض المعطيات واقعاً ما، حينها يتخذ القرار الذي يراه يخدم مصلحة اللبنانيين”.

وأوضح أن “الجلسات الانتخابية يفرضها الدستور والقانون، والرئيس بري قال في الجلسة الأخيرة انه سيدعو الى جلسة بعد الأعياد، ولن ينتظر كثيراً، لكن هذا لا يمنع أن الاتصالات مهما كان حجمها قد تثمر أو لا تثمر. الرئيس بري كان واضحاً منذ بداية الشغور أن الحوار أقصر الطرق الى انهاء الشغور وعدم اطالة أمده”.

ولفت الى أن “البعض يعوّل على الاجتماعات والمبادرات الدولية، لكن الموضوع سيادي بامتياز، وعلينا أن نعمل على حل أزماتنا خصوصاً على مستوى الاستحقاقات والملفات السيادية بأنفسنا من دون انتظار املاءات الآخرين وارشاداتهم. علينا ألا ننتظر أي تأثير لمثل هذه الاجتماعات اذا كنا فعلاً ننطلق من المصلحة الوطنية الخالصة. وعلى الرغم من كل المواقف وادعاء الحرص على لبنان، فالخارج لا يعمل كالجمعيات الخيرية انما يفتش عن مصالحه وكيفية تأمينها من خلال بعض التدخلات لحل الأزمات. ونحن لا نرى أن مثل هذه الاجتماعات أساسية في أي ظرف من الظروف”.

وأكد النائب عبد الرحمن البزري أن “هناك حركة للقوى السياسية التقليدية المختلفة، تحاول ايجاد صيغة للتلاقي في ما بينها، لكن هناك حركة جدية أيضاً ولو كانت ديناميتها لا تزال بطيئة لقوى تغييرية ووسطية لاطلاق لائحة من اسمين ثم الاتفاق على اسم واحد، وتسميته في جلسات الانتخاب بدل أن نكون مبعثرين. وقد يشكل هذا الاسم باباً للحوار مع القوى الأخرى، لكن كل هذه الجهود لم تترجم ولم تتبلور الى اليوم”، مشدداً على أنه “لا بد من التقارب، والمطلوب أن يكون الوسط نقطة استقطاب لكلا الطرفين المختلفين. لا نعرف متى ستعقد أول جلسة بعد الأعياد، ولا ندري ما اذا ستكون الجلسات مختلفة أو بالنمط نفسه، لكن هناك احتمال كبير أن تكون الجلسة الأولى والثانية كسابقاتها الا اذا طرأ طارئ. العام المقبل حاسم في الرئاسة، والحديث عن شهري كانون الثاني وشباط في حسم الرئاسة غير دقيق خصوصاً أن ليس هناك أي مستجد يوحي بهذا الأمر”.

ورأى أن “مشكلة عدم انتخاب الرئيس داخلية أكثر مما هي مشكلة خارجية، والمواصفات المطلوبة من الرئيس داخلياً هي الأساس”، معتبراً أن “تحقيق أي خرق في الملف الرئاسي يستوجب أن تكون هناك مقاربة داخلية مختلفة أو أن تقترب جهة الى منتصف الطريق وتلاقيها الجهة الأخرى.”

وقال: “التفاهم الفرنسي والسعودي والأميركي والقطري وغيره، يساعد لبنان على استعادة عافيته، لكن من المؤكد أن المخلصين للبنان خصوصاً الأشقاء العرب الذين ليست لديهم مصالح فيه، يشترطون على اللبنانيين مساعدة أنفسهم للمساعدة ما يعني أنه علينا اثبات أننا مقبلون على مرحلة تخلو فيها ادارة البلاد من الشوائب ومن الاختلاسات والتعديات والتجاوزات التي كانت موجودة في المرحلة السابقة”. وأعرب عن اعتقاده أن “اللقاء الدولي حول لبنان مهم لكن لا يجب أن ينتظر اللبنانيون نزول الرئيس اليهم في مظلة، بل أن يكون لديهم الاستعداد لاختيار شخصية ربما لا يرضى عنها الجميع لكن يطمئن اليها الجميع حتى لو اختلفوا معها”.

شارك المقال