حكومة نتنياهو… إعلان حرب

زاهر أبو حمدة

ما إن شكل بنيامين نتنياهو، حكومته من “الليكود” وأحزاب تحالف “عظمة يهودية” برئاسة إيتمار بن غفير و”الصهيونية الدينية” برئاسة بتسلئيل سموتريتش، وحركة “نوعام”، والأحزاب الحريدية “شاس” و”يهودية التوراة”، وتمثّل هذه مجتمعة غالبية 64 من أصل 120 نائباً في الكنيست؛ حتى وقع عدداً من الاتفاقات الائتلافية، وكان أهمها قانون يتعلق بسحب الجنسية والاقامة من فلسطيني أدين بعمل نضالي ضد العدو، وترحيله بعد ذلك من وطنه. قدم العضوان أوريت ستروك وآفي ديختر، مشروع القانون وينص على أنه إذا كان الفلسطيني مواطناً داخل إسرائيل أو مقيماً في القدس ويتلقى تعويضاً من السلطة الفلسطينية في أعقاب عملية نفذها خلال فترة وجوده في الأسر الاسرائيلي، سيكون من الممكن سحب جنسيته أو إقامته وترحيله إلى مناطق السلطة الفلسطينية.

هذا أول القوانين المقترحة للحكومة الجديدة، حيث تتشارك الأحزاب الحريدية المتدينة وتحالف “الصهيونية الدينية” الممثل للمستوطنين في مشاريعها وأجنداتها المتعلقة بفلسطينيي 48 وبمصير القدس والضفة الغربية ومبدأ “يهودية الدولة”، وهذا ينعكس تلقائياً على آليات عمل الحكومة الجديدة. ومن التداعيات على الفلسطينيين الحاملين للجنسية الاسرائيلية المعركة الوجودية التي ستكون في النقب لمنع مصادرة 800 ألف دونم وهدم وتشريد 40 قرية لا تعترف بها حكومة إسرائيل. ومما لا شك فيه أن أهل النقب سيواجهون هذه الاجراءات وستكون المواجهة تعرية واضحة لـ”ترانسفير” جديد. أما بالنسبة الى القدس والمقدسات، فستسعى حكومة نتنياهو خلال العام 2023، إلى حسم معركة السيادة على المسجد الأقصى، وسحب الوصاية الدينية عليه من الأردن، ويبدأ ذلك بفرض أمر واقع بالتقسيم الزماني والمكاني داخل المسجد وربما تفرض قانوناً يلزم الحكومات التالية بذلك.

وفي الضفة ستكون المواجهة الأكبر، حيث المخطط هو تعزيز الاستيطان والاستيلاء على الأراضي وضم المستوطنات ومناطق “ج” التي تشكل 62% من الضفة، ما يعني انهاء مشروع إقامة دولة فلسطينية. ولذلك أصر بن غفير على نقل صلاحيات 72 وحدة المسماة “حرس الحدود الاسرائيلي” العاملة في الضفة إلى إمرته، إضافة إلى تشكيل ميليشيات مسلحة من المستوطنين لديها الصلاحيات بإطلاق النار والهجوم ضد الفلسطينيين. ويلاحظ أن حكومة نتنياهو الجديدة تدفع نحو تفكيك السلطة الفلسطينية، وفقاً للاتفاقات الائتلافية بحيث نصّت على تولّي سموترتيش، مسؤولية “الادارة المدنية” في الضفة. في مقابل ذلك، تتصاعد المقاومة الفلسطينية لا سيما في شمال الضفة، وكان عام 2022 الأكثر فاعلية في العمليات الفدائية منذ العام 2015. وأمام المخططات الاسرائيلية لا بد من ارتفاع منسوب الاشتباك الفردي والجماعي. فالحكومة الإسرائيلية “الكاهانية” هي إعلان حرب ضد الفلسطينيين، ولن يكون أمامهم سوى الرد على هذه الحرب، والدم لا يواجه إلا بالدم.

شارك المقال