تحليل غربي: ماذا وراء مقتل رجال أعمال روس؟

حسناء بو حرفوش

هل يخفى شيء وراء وفاة بعض رجال الأعمال في روسيا؟ يسلط مقال في موقع “ذا هيل” الالكتروني الأميركي الضوء على ما يعتبره “عدداً متزايداً من الوفيات في صفوف القلة الروسية في الحكم مثل الملياردير بافل أنتونوف، العضو في حزب (روسيا المتحدة) الحاكم، وأحد أغنى نوابها، وصديقه فلاديمير بودانوف الذي توفي على أثر نوبة قلبية”.

ووفقاً للمقال، “ربما هي مصادفة، ولكن ربما لا. أما في الغرب على وجه الخصوص، فهناك سوء فهم واسع النطاق لموقف الأوليغارشية وللمكانة في هرم بوتين للسلطة في موسكو. ونقلت شبكة (سي أن أن) مقتل ما لا يقل عن اثني عشر (رجل أعمال روسياً انتحاراً أو في حوادث غير مبررة)، ستة منهم من داخل شركة غازبروم المملوكة للدولة في الكرملين، منذ بدء الحرب في شباط.

وهناك وفيات أخرى تطرح علامات استفهام حول الغموض المحيط بها، وتذكر بأهمية فهم هرم السلطة في روسيا، اذ أن فهم هذا الهرم أساس. يجلس بوتين على القمة ويؤمن موقعه في السلطة جهاز الأمن الفيدرالي، وتعمل شرطته السرية والمنفذون المسلحون والحرس البري الشبيه بجهاز الخدمة السرية تحت إمرته. وتحت هذه الطبقة، تتنافس طبقات أخرى على السلطة السياسية، كما أن هناك وسائل الاعلام التي تسيطر عليها الدولة الروسية والأوليغارشية.

وبالنظر إلى كل حالة وفاة غير مفسرة لحكم الأوليغارشية، يفترض المقال أن جهاز الأمن الفيدرالي هو المشتبه به الأكثر ترجيحاً، وهذا الأمر قد يعني أيضاً أن بوتين، افتراضياً، يتحمل مسؤولية ما ينظر إليه الغرب كجرائم قتل. وإذا كان الأمر كذلك، فيطرح السؤال: لماذا هذا القتل؟ هل يعتبر هؤلاء أمثلة على العقاب الذي يلحق بالمنتقدين؟ أم أنه شيء أكثر أهمية وأمر ضروري لبوتين لضمان بقائه في السلطة في الوقت الذي تنهار فيه الحرب الروسية في أوكرانيا؟

من الاحتمالات التي يعالجها المحلل، استخدام التصفية للتعامل بسهولة مع الأوليغارشية المتمردة التي تنتقد حرب بوتين من خلال إبعادها. وليس من السهل التخلص من الفساد الذي ظهر نتيجة لإخفاقات الجيش الروسي في أوكرانيا، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن بوتين نفسه هو الذي قام بتشجيع الفساد ورعايته كوسيلة لإثراء نفسه.

ربما أصبحت الأوليغارشية، كطبقة، عبئاً وجوداً على بوتين بين مدوني اليمين المتطرف والعسكريين. وتنتقد وسائل الاعلام الحكومية الروسية بصورة متزايدة وعلنية الأوليغارشية وأنماط حياتهم الفاخرة، كما أن هناك دعوات إلى (تأميم الشركات) على نطاق واسع لدعم المجهود الحربي.

وبالمثل، من أجل الفوز، بدأ بوتين بتحويل روسيا إلى حالة حرب شاملة. وأعلن أن موسكو توسع جيشها النظامي إلى 1.5 مليون جندي. وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو عن زيادة الإنفاق الدفاعي الروسي بنسبة 50% لعام 2023 إلى ما يقرب من 100 مليار دولار. قد يكون جزء من هذا خدعة لإجبار الغرب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على التفاوض بشروط مواتية لموسكو.

وعلى الرغم من أن بوتين قال إنه مستعد للتفاوض، من غير المرجح أنه يقصد ذلك. إنه يحاول تجميد الصراع في أوكرانيا لكسب الوقت لجيوشه لاعادة تجميع صفوفها لشن هجمات متجددة في الربيع، إن لم يكن قبل ذلك. يعني جزء من ذلك أيضاً التضييق على الأوليغارشية ممن ليسوا على استعداد للالتزام بحرب شاملة. كما أن هذا يعني ضمان عدم وجود الأوليغارشية المعترضة لفترة كافية لتمويل انقلاب، ولا أي جنرالات روس قد يختارون المحاولة. لكن من المفارقات أنه في الوقت الحالي، يحتاج بوتين إلى بريغوزين ومجموعة فاغنر لدرء الهزيمة العسكرية الكاملة في أوكرانيا، وخصوصاً في باخموت، التي أصبحت ستالينغراد في عهد بوتين، الذي يتطلب منه هذا الكثير من الحذر”.

شارك المقال