“منتحل زعامة” يخفق فؤاده للسراي… و”14 شباط” الأصيل آت

رواند بو ضرغم

سباق وراثة “بيت الحريري” السياسي والساحة السنية، وتشرذم نوابها بعد تعليق الرئيس سعد الحريري عمله السياسي وتياره في الانتخابات الأخيرة، وضع الطائفة السنية ومواقعها الدستورية في مرمى الاستهداف والاستضعاف، وأكثَرَ من الطفيليات التي أخذت من برودة الزعامة السنية مكاناً لتمددها. ولكن شتان ما بين زعامة المواقف الوطنية و”المستزعمين” بزنود السفارات وشراء الأصوات.

الحوار الوطني الذي يسعى رئيس مجلس النواب نبيه بري للدعوة الى عقده، كشف أن النواب السنة جسد بلا رأس، ولا مرجعية لهم أو ممثلاً عنهم. كما أن أوراق النواب السنة في انتخابات رئاسة الجمهورية كشفت تضعضعهم، وانقسامهم ما بين الشعارات و”لبنان الجديد” وبين دعم النائب ميشال معوض. اجتماعات دورية حاول النواب السنة أن يعقدوها، بهدف توحيد الصف السني، الا أن مصيرها كان الهلاك وكيل الاتهامات بحق بعضهم وخروج البعض الآخر منها، وحصر النقاش بهموم المناطق بعيداً من الكلام في السياسة. أما محاولة تسلق النائب فؤاد مخزومي على ظهر زملائه النواب، من خلال طرق أبواب السفارات تارة، والتودد الى السفراء تارة أخرى واستقبالهم، وتقديم نفسه على أنه الوريث وإطلاق مواقف سياسية باسم النواب السنة على المنابر، لا تمت الى مداولات الاجتماعات المعقودة بأي صلة، فأغاظت النواب السنة الذين أداروا حملة في وجهه، ما دفعه الى الاعتذار منهم وفق ما أكدت أوساطهم لموقع “لبنان الكبير”.

ومن قتامة المشهد السياسي، أن يُسوّق لمخزومي على أنه حالة وطنية عابرة للطوائف والمناطق، وأن يُنظر اليه على أنه حالة اصلاحية نظيفة وغير فاسدة، وأن خطابه السياسي واضح. تناسى الداعمون الجدد أنه من أبرز المنسقين مع “حزب الله” وتودد له، ما قبل استخدام سلاحه في البازار الانتخابي، وهو نفسه الذي قايض مقام رئاسة الحكومة وصلاحياتها بحلمه الرئاسي، وزحف صعوداً نحو بعبدا وتذلل أمام المستشار الرئاسي سليم جريصاتي وصهر العهد جبران باسيل الذي امتحنه ووعده برئاسة الحكومة. وما لبثوا أن رموه خارج السباق الحكومي، حاله كحال الرئيس السابق حسان دياب، ومؤخراً الوزير أمين سلام.

عابر الطوائف والمناطق، قرر خوض الانتخابات في بيروت بلائحة مكتملة تُسجّل على اسمه، ولم يحجز من مقاعدها سوى مقعد يتيم. زحمة الأفكار في رأس مخزومي، أطاحت إمكان تحقيق أي منها، فذهبت وعوده بنزع سلاح “حزب الله” ومعاركه من أجل بناء الدولة أدراج الرياح، واستعاض عنها بالسعي الى تقليد زعيم “المستقبل” سعد الحريري أو وراثته.

والفرق كل الفرق بين الأصلي والتقليد، بين الزاحف المتعجرف والمدعي، وبين العفوي مالك الكاريزما ومحبة الناس. جددت الناس عهدها للزعيم الأزرق في ذكرى 14 شباط 2022 ونطقت الوفاء بلسانه، ولن تتخاذل في شباط 2023 عن تذكير المتسلقين بأن زعيمهم، “متى عاد… جمع ووحد”، ليس السنة فحسب، إنما كل المكونات الوطنية.

هستيريا وراثة الشارع السني والزعامة، باتت تستلزم معالجة بيولوجية ونفسية. أما علاجهم فبالانصراف نحو العمل لأجل من انتخبوهم، والاقتناع بأن للزعامة أرباباً، فلينسوها!

شارك المقال