أكبر مفاجآت الحرب الأوكرانية

حسناء بو حرفوش

عندما غزت القوات الروسية أوكرانيا في أواخر شباط، توقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومراقبون آخرون أن تنهار البلاد بسرعة. لكن وبعد مرور أكثر من 10 أشهر على ذلك، ما زالت أوكرانيا قائمة لا بل تطور الوضع حتى استطاعت قواتها تحرير بعض أراضيها التي سقطت في قبضة الروس. وخلال هذا الصراع، سجلت مفاجآت من كلا الجانبين. في ما يلي 5 من أكبر التقلبات وفقاً لموقع “بيزنس إنسايدر” الالكتروني الأميركي:

“عندما ألقى الرئيس الروسي إعلان الحرب المتلفز في 24 شباط، وأرسل قواته لتنفيذ غزو واسع النطاق، توقع سقوط كييف في غضون أيام، وهو تقويم خطير رددته المخابرات الأميركية والغربية أيضاً، كما هو الحال مع العديد من الخبراء ومحللي الفكر. بعد أكثر من 10 أشهر، لا تزال المدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 3 ملايين نسمة في أيدي الأوكرانيين. لم تنجح قوات البلاد في تجاوز غزو موسكو على جبهات متعددة فحسب، بل دفعت القوات الروسية إلى التراجع في بعض المناطق، وحررت آلاف الأميال المربعة من الأراضي التي سقطت في أيدي القوات الروسية في وقت مبكر من الحرب.

كما أعلن المسؤولون الأميركيون أن جهود بوتين الحربية في أوكرانيا (فاشلة). ومع ذلك، لا تلوح في الأفق حتى الآن نهاية لهذا الصراع المدمر الذي تسبب بسقوط مئات الآلاف من الضحايا وترك المدن الأوكرانية في حالة من الخراب. لقد فاجأ الأداء الضعيف للجيش الروسي بوتين والمراقبين الآخرين، لكنه ليس سوى أحد التحولات غير المتوقعة في الأشهر العشرة الماضية من الحرب. في ما يلي بعض اللحظات الأخرى غير المتوقعة:

الاخفاقات التي رافقت الغزو

لعل المفاجأة الأولى، وربما هي الأكبر، تكمن في الطريقة التي نفذت بها روسيا غزوها لأوكرانيا. بدا أن بوتين يبالغ في تقدير قوة قواته المسلحة ويقلل من إرادة أوكرانيا للمقاومة. فتوقع بوتين، وبعض الاستخبارات الغربية، أن كييف لن تكون قادرة على الصمود لأكثر من بضعة أيام. ومع ذلك، تسببت الحسابات الخاطئة من القيادة الروسية مقرونة بضعف إبلاغ الأهداف للضباط والقوات المكلفة بخوض الحرب، بمجموعة من الأخطاء الروسية خلال الأيام الأولى من الحرب، مثل الوحدات التي وجدت نفسها معزولة أو تكافح مع مشكلات لوجستية كبيرة.

كان من المتوقع أن تتحرك القوات الروسية في مجموعات كبيرة من جنود ومدرعات ومدفعية، وتقوم بحرب أسلحة مشتركة مع دعم جوي وأصول أخرى، لكن هذا لم يحدث. يعلق جيفري إدموندز، الخبير الروسي في مركز التحليلات البحرية والمحلل العسكري السابق في وكالة المخابرات المركزية: (كنا نظن أنهم سيقومون بعملية مدروسة جيداً. لكن اتضح العكس)، مشيراً إلى أن روسيا لم تقد حملة جوية مكثفة وأن جنودها طُلب منهم فقط التوجه إلى كييف.

أوكرانيا تعيد الروس إلى الوراء

استهانت روسيا إلى حد كبير بإرادة الشعب الأوكراني للدفاع عن وطنه وقوة جيش البلاد وقدرته القتالية. يكمل إدموندز: (المفاجأة الأخرى كانت مستوى قدرة الأوكرانيين على الدفاع ضد الغزو، على الرغم من الأخطاء الروسية). وهذا استمر طوال الوقت. لم تتمكن أوكرانيا من حماية كييف من تقدم القوات الروسية فحسب، بل تمكنت أيضاً من إجبار هذه الأخيرة على الانسحاب من منطقة العاصمة بعد أسابيع قليلة فقط. علاوة على ذلك، تمكنت القوات الأوكرانية منذ ذلك الحين من تحرير آلاف الأميال المربعة من الأراضي من الاحتلال الروسي خلال مختلف الهجمات المضادة على طول الجبهتين الشمالية الشرقية والجنوبية للحرب. ومن الانجازات المهمة تحرير خيرسون مؤخراً. وصنعت الأسلحة التي وضعت في متناول أوكرانيا فرقاً هائلاً. حسب إدموندز، فاقت فعالية نظام الصواريخ المدفعية عالي الحركة الذي قدمته الولايات المتحدة (HIMARS)، وقدرة أوكرانيا على دمج هذه الأسلحة في ترسانتها، كل التوقعات.

مفاجأة هجوم خاركيف المضاد

بعد شهور من القتال في صراع طاحن وبطيء الحركة في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا، شنت قوات كييف هجومين مضادين رئيسين على طول الجبهتين الشمالية الشرقية والجنوبية للحرب. لم يكن من المتوقع سوى الهجوم الجنوبي لاستعادة السيطرة على خيرسون، ولكن عندما تحركت القوات الروسية للدفاع على طول الجبهة الجنوبية، ضربت القوات الأوكرانية فجأة بقوة من اتجاه غير متوقع. بدأ الهجوم المضاد في شمال شرق أوكرانيا، والذي كان مركزاً في منطقة خاركيف، في أواخر الصيف وشمل هجوماً على غرار الهجوم الخاطف على المواقع الروسية. سرعان ما تحول التقدم إلى هزيمة أجبرت القوات الروسية على التخلي عن كميات هائلة من الأسلحة وشهدت أوكرانيا تحرر مساحات شاسعة من الأرض. يضيف إدموندز: (شكل هجوم خاركيف المضاد (مفاجأة كبيرة) للجميع، بمن فيهم الأوكرانيون، خصوصا بالنظر إلى (مدى وسرعة) تقدم أوكرانيا).

هجمات تفجيرية خلف الخطوط الروسية

جانب آخر غير متوقع للحرب في أوكرانيا هو عدد الهجمات التي تقع وراء الخط في الأراضي التي تسيطر عليها روسيا. كانت هناك هجمات في مناطق محتلة مثل شبه جزيرة القرم وكذلك في روسيا. يكمل إدموندز: (لا أعتقد أن أحداً توقع أن تكون لديهم مسيرات قادرة على الوصول إلى روسيا ومهاجمة القواعد الجوية الاستراتيجية). ولم تكن تلك الضربات حالات فردية. فقبل بضعة أسابيع، بدا أن أوكرانيا تهاجم القوات البحرية الروسية في سيفاستوبول جنوب شبه جزيرة القرم باستخدام المركبات السطحية بدون طيار (USVs) والمسيرات.

مدى الدعم الغربي لأوكرانيا

سارعت الدول الغربية منذ هجوم شباط، الى التكاتف لإدانة بوتين لشن الهجوم، وهو رد لم يتوقعه الزعيم الروسي، على الأقل ليس بالمستوى الذي لمسناه طوال الحرب. وبعد مرور عشرة أشهر على هذا الصراع، ظلت دول الناتو والاتحاد الأوروبي موحدة نسبياً منذ ذلك الحين في دعمها لأوكرانيا، بحيث قدمت المساعدات العسكرية والانسانية بينما فرضت جولة بعد جولة من العقوبات على روسيا. وفي غضون ذلك، فتحت حسابات بوتين الخاطئة بشأن قوة الرد الغربي الموحد الباب أمام توسع الناتو، وهو أمر طالما عارضه بشدة. حتى أن الحرب قادت بعض البلدان، مثل ألمانيا وسويسرا، إلى عكس السياسات العسكرية والأجنبية والمالية المختلفة. وفي الوقت الحالي، تستمر الحرب بدون نتيجة واضحة في الأفق وعلى الرغم من الانتكاسات الكبيرة التي واجهتها، تصر موسكو على أنها تعتزم مواصلة قتالها. وكان بوتين قد أكد بنفسه أن هذه ستكون عملية طويلة، وهذا يعني أن أوكرانيا تستمر في 2023 بالاستعداد للمزيد من الهجمات الروسية”.

شارك المقال