جبهة المراسيم… نكد سياسي بنكهة “البرتقالي”

هيام طوق
هيام طوق

يبدو أن السجال السياسي وحرب البيانات والردود بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي و”التيار الوطني الحر” على خلفية دستورية انعقاد الحكومة المستقيلة والمراسيم الصادرة عنها، مستمر، ويأخذ منحى تصاعدياً مع انطلاق العام الجديد، اذ بعد اتهام “التيار” لميقاتي بالتزوير والاحتيال في ما يخص طريقة إصدار المراسيم، يرتقب أن يقدم وزراؤه طعوناً أمام مجلس شورى الدولة بالمراسيم الصادرة عن الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، اذ سيتقدم وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار بالطعن في المراسيم.

وفيما أكد رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب أن الطعن بالمراسيم لا يحصل أمام المجلس الدستوري بل أمام مجلس شورى الدولة، لأن الأول لا ينظر في الطعون بالقوانين أو المواضيع التي لها قوة القانون. ووفق هذا الأمر، فإن مجلس شورى الدولة سيقدم الشورى فقط، ولن تكون لقراراته الصفة التعطيلية للمراسيم”، لفتت مصادر مطلعة لموقع “لبنان الكبير” الى أن خطوة “التيار” تأتي في اطار تسجيل الموقف، والنكد السياسي لا أكثر ولا أقل خصوصاً أن الدستور واضح في هذا الاطار، والخشية اليوم من أن يتحول ملف الكهرباء الى بازار سياسي بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وميقاتي من جهة، و”التيار” من جهة أخرى.

وفي هذا الاطار، أشار المُستشار الاعلامي لرئيس الحكومة، فارس الجميّل الى أن “نشر وثيقة الكهرباء تأتي في إطار الرد على ندى البستاني، والتيار افتعل السجال يوم الجمعة والعنوان الأبرز (يا بتعطونا 68 مليون دولار أو ما في كهرباء). وشرط البنك الدولي لتمويل قطاع الكهرباء ضرورة إقرار الهيئة الناظمة للقطاع ورئيس الحكومة عندما تحدث عن 10 ساعات كهرباء كانت لديه ضمانات عربية ولكن صعوبات سياسية أخّرت هذا الموضوع إضافة إلى العناد المستمر في الداخل”. لترد النائب ندى البستاني، قائلة: (يلي استحى مات بهالبلد). الفجور الاعلامي هو الكذب على العالم. والسؤال (كيف بتنعمل مناقصات بدون رصد إعتمادات؟ ولو اتنفذت خطة الكهربا ما كنا وصلنا لهون)”.

وفي وقت تشير المعلومات الى أن هناك زيارة مرتقبة للرئيس ميقاتي الى عين التينة للتشاور في المسار الحكومي، أوضح الرئيس السابق لمجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “المراسيم تقسم الى قسمين: المرسوم التنظيمي والمرسوم الفردي. في المرسوم التنظيمي، تتم استشارة مجلس شورى الدولة، وهذه الاستشارة ملزمة للحكومة قبل اصدار المرسوم. وفي حال لم يخضع المرسوم لاستشارة مجلس شورى الدولة، بحيث أن الاستشارة جوهرية في المرسوم التنظيمي، يصبح عرضة للابطال. واذا كان المرسوم حاصلاً على استشارة مجلس شورى الدولة، وكانت هناك ملاحظات لم يأخذ بها مجلس الوزراء، حينها من يقدم الطعن بالمرسوم يمكن أن يعرّضه للابطال امام مجلس شورى الدولة. وبالتالي، مجلس شورى الدولة يمكن أن يعطل المراسيم كما يحق لمجلس الوزراء ألا يأخذ برأيه لكن حينها في حال تم الطعن بأي مرسوم، فيأخذ قراراً بإبطاله. واذا تمت الاستشارة، ووافق مجلس شورى الدولة على بنود المرسوم، يصبح من الصعب ابطاله لاحقاً طالما حصل على الموافقة الا في حالات نادرة واستثنائية جداً”.

وقال: “طالما التيار الوطني الحر لم يقدم الطعون بعد، لا يمكن معرفة إن كان يستند الى أسباب جدية أو غير جدية. ومن المتداول أن أحد أسباب الطعن، عدم توقيع المراسيم من الـ 24 وزيراً. وهنا نشير الى أن نصاب الجلسة هو الثلثان، واذا عقدت الجلسة بحضور الثلثين، فيصبح توقيع الوزراء كاملاً ليس في محله لأن هناك أكثرية الثلثين حاضرة وموافقة. وفي الحالات العادية أكثرية الثلثين تجعل من المرسوم سليماً قانوناً. ومراسيم الجلسة الأخيرة تسلك مسار التنفيذ اذا كانت مستوفية الشروط أي اذا تمت استشارة مجلس شورى الدولة بها”.

ولفت صادر الى “الزكزكة بين التيار والرئيس ميقاتي بحيث أن الاول لم يهضم الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء. انها حفلة كباش بين الطرفين بحيث يرى فريق الرئيس ميقاتي أنه اذا شكلت بنود الجلسة حالة ضرورة فيمكن لمجلس الوزراء أن يجتمع في حين يعتبر التيار أن ذلك يتطلب اجماعاً وتوافقاً، وهذا اختراع غير منصوص عنه في الدستور وغير مقبول”، مؤكداً أن “الحكومة المستقيلة تمارس تصريف الأعمال بالمعنى الضيق، ولا تتوسع صلاحياتها الا في حالة الضرورة، وهناك علامة استفهام حول ملف الكهرباء إن كان يعتبر حالة ضرورة”.

وفي ظل الاشتباك بين الطرفين، والتحضير لتقديم الطعون، لا بد من التساؤل إن كان الرئيس ميقاتي سيتريث في الدعوة الى جلسة ثانية لمجلس الوزراء أو يبقى على موقفه؟

في هذا السياق، أشار مصدر مطلع لـ “لبنان الكبير” الى أن “الرئيس ميقاتي لن يتريث في أي قرار من شأنه أن يصب في مصلحة الناس. وهو يتشاور مع من يعنيهم الأمر، ويدعو الى جلسة لمجلس الوزراء عندما يرى أن الأمر ضروري ثم يقف كل تيار أو حزب سياسي أمام مسؤولياته الوطنية، اما أن يشارك أو لا يشارك. لذلك، ليس هناك من تراجع لدى رئيس الحكومة، ومن يريد أن يعطل، فليتحمل المسؤولية أمام الشرائح الشعبية التي ستتخذ القرارات لمصالحها”، موضحاً أن “ملف الكهرباء ليس بالضرورة أن يكون بنداً وحيداً على الجلسة المقبلة انما هناك الكثير من الأمور التي تتراكم، واذا لم يعتبر الوزراء هذا البند ملحاً، فالرئيس ميقاتي يأخذ ذلك في الاعتبار، وهو يتشاور مع مجلس الوزراء في جدول الأعمال الذي يضعه هو حصراً، ويستمع الى كل الآراء. هناك ملفات متراكمة بسبب الجمود والشغور، وكلما كانت هناك مجموعة من الملفات الضرورية من المفترض أن تجتمع الحكومة لاقرارها أو لفتح الاعتمادات لها أو اصدار المراسيم بشأنها”.

ورأى أن “الخلاف بين ميقاتي والتيار الوطني الحر هو على كيفية خدمة الناس. الرئيس ميقاتي يرى نفسه مؤتمناً على اللبنانيين، ويسعى الى تلبية حاجاتهم حسب الدستور ووفق القوانين المرعية الاجراء. واليوم هناك هجوم من التيار لتعطيل مراسيم الجلسة الأخيرة بغض النظر عن حاجات الناس وأوجاعها، وتحت شعار الحفاظ على موقع رئاسة الجمهورية علماً أن رئيس الجمهورية غير موجود ولا يمكن مصادرة صلاحيات غير موجودة. وكل ما يجري في التفاصيل الأخرى، يندرج تحت عنوان التوتر السياسي بين الطرفين، وينعكس خلافاً في كل القضايا”.

شارك المقال