اجتماع الحكومة ضروري… لا للتحدي انما للحلحلة

هيام طوق
هيام طوق

من يراقب المشهد العام في البلد، يتأكد يوماً بعد يوم أن الأفق مسدود الى حد كبير نتيجة الخلافات الكبيرة والهوة العميقة بين الجهات السياسية اذ لا رئيس للجمهورية، ولا حكومة فاعلة وكاملة الصلاحيات، ولا مجلس نواب قادر على القيام بمهامه الأساسية واتمام الاستحقاق الرئاسي. ويتنقل الاشتباك بين هذه المؤسسات الدستورية، فتارة يتمحور حول جلسات انتخاب الرئيس، ومسارها، وتقاذف المسؤوليات في التعطيل، وطوراً حول دستورية اجتماع مجلس الوزراء واصدار المراسيم، وتقويم المفاهيم وتفسيرها وتحديد المعايير، والمواطن وحده يدفع الثمن باهظاً بسبب تداعيات كل ذلك على حياته اليومية بكل تفاصيلها.

الاشتباك اليوم على أوجه بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي و”التيار الوطني الحر”، وجولة المنازلات وحرب البيانات والردود والردود المضادة، والاتهامات المتبادلة بينهما انطلقت في ظل الحديث عن امكان الدعوة الى جلسة وزارية على الرغم من أن الرئيس ميقاتي لم يدعُ اليها بعد خصوصاً أن ذيول الجلسة السابقة لم تنته بعد، ولن تمر مراسيمها مرور الكرام بالنسبة الى “التيار” التي اعتبرها غير قانونية وغير دستورية، وقدم الطعون ببعضها.

وعلى الرغم من أن التوتر الأخير بين الطرفين، جاء نتيجة “الاحتكاك الكهربائي” اذ ليس مستبعداً أن يدرج ملف الكهرباء على جدول أعمال الجلسة في حال كتب لها الانعقاد، الا أن المصادر تؤكد أن أي اجتماع وزاري سيتحول الى “طبخة بحص” لأن “التيار الوطني الحر” سيبقى متمسكاً بعدم دستورية الجلسات واصدار المراسيم في ظل غياب رئيس الجمهورية ما يعني أننا ندور في حلقة مفرغة، والأمور لن تستقيم طالما أن وضع البلد غير صحي وغير طبيعي.

وأكدت مصادر رئيس الحكومة لموقع “لبنان الكبير” أن “جلسة مجلس الوزراء لا تُلغى على الرغم من السجال الأخير الذي حصل، والرئيس ميقاتي يحدد موعد لجلسة جديدة عندما يرى أن الأمر ضروري وملح، لكنه يقارب الموضوع انطلاقاً من الكباش السياسي الحاصل في وقت أن بعض الملفات لا يمكن ايجاد أي مخرج لها الا من خلال مجلس الوزراء. اذاً، هناك مقاربة للمواضيع الملحة والضرورية والتي يمكن أن تصب في خانة تصريف الأعمال بالحد الضيق بالاضافة الى الواقع السياسي”، مشيرة الى أن “أحد العناوين الأساسية في الجلسة المقبلة في حال عقدت، ملف الكهرباء اضافة الى عناوين أخرى ملحة اذ أن كل وزير يقوّم الموضوع الملح في وزارته والذي يتطلب اجتماع الحكومة”.

وقالت: “حين عقدت الجلسة الأولى كان على جدول أعمالها موضوع الصحة بعد ان أجمع وزير الصحة ورئيس لجنة الصحة النيابية ونقيب أصحاب المستشفيات على أن الامور وصلت الى حائط مسدود بالنسبة الى معالجة المرضى في المستشفيات وتحويل الاعتمادات لتأمين أدوية الأمراض المزمنة والخطيرة، وذلك يتطلب اجتماع مجلس الوزراء”. ولفتت الى أنه “على الرغم من أننا نعاني من انقطاع في الكهرباء منذ سنوات الا أن الاعتمادات لم تفتح في السابق الا من خلال مجلس الوزراء”.

وأوضحت المصادر أن “رئيس الحكومة سيساءل اذا لم يقم بتصريف الأعمال، ولو كان الأمر متاحاً من دون انعقاد مجلس الوزراء لما كان يدعو الى جلسة، لأن ليست لديه رغبة في افتعال مشكل أو تحدي أي طرف انما يرغب في القيام بوظيفته ومهامه وواجبه على المستوى الوطني في تصريف الأعمال. هناك تذرع دائم بمصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية، وهنا نسأل أين هو رئيس الجمهورية؟ لو انتخبوا رئيساً، لكنا ارتحنا جميعنا من كل هذا اللغط الحاصل والمعمعة التي نمر بها”.

وأشارت الى أنه في حال حصل اجتماع مجلس الوزراء وتأمن النصاب القانوني لذلك، وطعن “التيار الوطني الحر” بالمراسيم الصادرة عنه، يكون رئيس الحكومة قام بواجباته، مؤكدة أن “الرئيس ميقاتي على الرغم من كل ما حصل لن يقفل الأبواب في وجه أحد، وهذا السجال البيزنطي لن يؤدي الى أي نتيجة. وهو يتواصل مع الوزراء القريبين من التيار الوطني الحر، وهم يتشاورون معه في كل شاردة وواردة في شؤون وزاراتهم، وهذا واجبهم لأنه هو رئيس فريق العمل”.

وتمنت المصادر أن “تكون هناك جلسة وزارية خلال الشهر الحالي لحلحلة ملف الكهرباء لأن من المرجح أن نستمر في العتمة طالما لا يجتمع مجلس الوزراء، ولو كان هناك أي مخرج قانوني آخر، لكان عمل به. الرئيس ميقاتي سيتخذ القرار المناسب في الدعوة الى جلسة من عدمها بعد تقويم الأوضاع”.

واعتبر أحد الديبلوماسيين أن “التيار الوطني الحر لا يريد استمرار الحكومة، وهو ضد وجودها لأنه يعتبر أنها تتعدى على صلاحيات رئيس الجمهورية، وبالتالي، الخلاف سيستمر بغض النظر عن الأسباب المتعددة”.

وشدد على أنه “لا يجوز أن تقف عجلة الدولة في ظل نقص في السلسلة الرسمية لأي سبب كان”، سائلاً: “ما الهدف من التعطيل السياسي؟ وأين هي مصلحة لبنان واللبنانيين من هذه العرقلة؟”. وأكد أن “كل أمر ليست فيه مصلحة البلد، لا يجوز اعتماده، والقوانين والدساتير وضعت لخدمة البشرية والانسان وليس العكس، وحين يتغير الوضع الاجتماعي والسياسي، يجب تعديل النص القانوني خصوصاً في البنود التي تجعل من الدولة عاجزة في بعض الحالات”.

شارك المقال