الاحتلال يخنق السلطة قبل اسقاطها

زاهر أبو حمدة

ما أن أخذت الحكومة السادسة لبنيامين نتنياهو، الثقة حتى اتخذت قرارات تبدو ممنهجة تصاعدياً. اقتحم ايتمار بن غفير، المسجد الأقصى. ممنوع رفع العلم الفلسطيني وقرارات عنصرية ضد فلسطينيي 48. إجراءات بحق الأسرى. تسريع وتيرة الاستيطان وأسرلة العاصمة المقدسة. التمهيد لضم مناطق في الضفة الغربية. أما الاجراءات ضد السلطة الفلسطينية فهي بداية لتكبيل الفلسطينيين كلياً ومنعهم حتى من الصراخ. والسبب أن الرئيس محمود عباس، توجه إلى محكمة العدل الدولية لطلب رأي استشاري حول قانونية الاحتلال وجرائمه والتزامات الدول والمنظمات الدولية والأمم المتحدة إزاء إنهاء الاحتلال ووقف انتهاكاته الجسيمة للقانون الدولي الانساني ومعايير حقوق الإنسان وقرارات الشرعية الدولية.

وقال كل من وزير الأمن الداخلي الاسرائيلي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريش، إن “العقوبات الإسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية هي أول الغيث”. وتتضمن الخطوات الإسرائيلية تجاه السلطة قائمة تتعلق بتجفيف تمويل السلطة وعقوبات على شخصيات قيادية: تحويل ما يقرب من 139 مليون شيكل (40 مليون دولار أميركي) من أموال السلطة الفلسطينية الى القتلى الاسرائيليين من أجل الامتثال للحكم في قضية “ليتبك”، وهي تعوّض أهالي من يقتلوا بعمليات فدائية. والاستمرار في اقتطاع مبلغ 171 مليون دولار على مدار العام يمثل مجموع ما تنفقه السلطة لدعم الأسرى وذويهم وأسر الشهداء. وقف تصاريح البناء للسلطة في مناطق (ج). معاقبة المنظمات الحقوقية والانسانية لا سيما من ترصد وتوثق متابعة انتهاكات وجرائم الاحتلال مع المنظمات الدولية. رفض منح الامتيازات لأصحاب تصاريح “VIP” وهي تعطى لقيادات السلطة لتسهيل مرورهم وسفرهم، وسُحبت التصاريح الخاصة من وزير الخارجية رياض المالكي، مندوب فلسطين في الأمم المتحدة رياض منصور، ومشرف لجنة التحرك الدولي زياد أبو عمرو، وبعد ذلك سُحبت من ثلاثة أعضاء في اللجنة المركزية لحركة “فتح” بسبب زيارة الأسير كريم يونس.

وبالتالي يريد الاحتلال التضييق على السلطة وربما في مرحلة متقدمة يحاصرها، ولكن في الوضع الراهن يبقي على الخيط الأمني في العلاقة. ولأن العقاب الجماعي أحد أساليب الاحتلال، يحاول تأليب الرأي العام ضد السلطة واعتبارها هي المشكلة وليست الحل. وهنا يفرغ السلطة من مهامها لا سيما مسألة دفع الرواتب وبدل الخدمات مع العجز المتراكم في ميزانيتها. ولكن كل الظن أن السلطة لن تخضع لعقوبات الاحتلال وستمضي في توجهها السياسي والديبلوماسي وهذا ما أعلن عنه أكثر من مسؤول فلسطيني.

أما الأخطر من حصار السلطة مالياً وسياسياً وأمنياً، فهو أن يكون الهدف إسقاطها أو إبقاء ركام سلطة لا أكثر. ولذلك يضغط الاحتلال في كل الاتجاهات والمجالات، فهدفه تغيير سلوك السلطة وإن لم ينجح سيسقطها بالاجراءات اللاحقة. وهنا لا بد من رؤية فلسطينية شاملة للمواجهة. ولعل الاتفاق على حكومة وحدة وطنية فلسطينية يكون المخرج الأمثل أمام الشعب أولاً ومن ثم أمام العالم.

شارك المقال