هل تؤدي سكك الحل المقفلة إلى البند السابع؟

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

حتى الآن لا يبدو أن لبنان موضوع على سكة الاهتمام الدولي، وما يشهده اللبنانيون الغاضبون من واقع الحال والمستسلمون للقدر الأعمى يؤكد عدم قدرتهم على لفت أنظار المجتمع الدولي إلى معاناتهم على الرغم من الزيارات والتصريحات والبكاء على سويسرا الشرق، مع أن البعض منهم يرى أن آخر الدواء الكي، أي إعلان لبنان دولة فاشلة وتسليم تسيير أمورها إلى الأمم المتحدة، لا سيما بعد اليأس من سلطة الفساد والافساد وتقاسم الحصص وأحزاب الشركات وتنافسها على سرقة ما تبقى من دولة عاجزة عن توفير ساعة كهرباء أو رغيف خبز أو علبة حليب للأطفال أو دواء لداء خبيث أو مقعد لطالب أو صفيحة مازوت للتدفئة، وجل ما يتوافر فيها سلاح غير شرعي وكبتاغون للتصدير ومناكفات داخل بيت أهل الحكم لا تنهيه فرقة أو طلاق لأن روابط المصالح المشتركة والحفاظ عليها أكبر بكثير من إستقلال لبنان وحريته وديموقراطيته.

في ظل هذا الواقع، وعدم قدرة اللبنانيين على إنتاج حل داخلي لأزماتهم وإنتظار باب الفرج من الخارج، ينظر بعض المتابعين إلى أن استعصاء الحل الداخلي يعود إلى عدم التسليم بأن لبنان واقع تحت سلطة الاحتلال الايراني المقنع بواسطة “حزب الله” الذي يتحكم بالسلطات السياسية والأمنية والقضائية والاقتصادية والمالية، ويدير اللعبة بكاملها مشغلاً لديه الحلفاء والأتباع من أحزاب وقوى تعيش في عالم آخر، وتغطيه تحت شعار أنه مكون لبناني وحزب مقاوم وتريد جر لبنان الى ماضٍ لم يعد له وجود حتى وإن أنتج ذلك حرباً أهلية جديدة.

ويشير المتابعون الى “فشل السلطة في تحقيق الاصلاحات الموعودة سواء التي أقرت في مؤتمرات الدعم الدولية منذ سنوات أو التي يجري الحديث عنها حالياً من البنك الدولي لاخراج لبنان من ثالث أسوأ أزمة اقتصادية في العالم، فالارادة اللبنانية غير موجودة لدى معظم الأطراف التي تقتات من فتات صاحب السلطة الأساس خارج الحدود وبواسطة وليه في لبنان، بينما المعارضة السيادية غير قادرة على الاتحاد والعمل وفق برنامج واضح يعدل موازين القوى الداخلية لصالحها، وهو ما بدا واضحاً في نتائج الانتخابات النيابية، وفي سلوكيات نواب التغيير الذين يتخبطون في مواقفهم وغير قادرين إلا على الاستعراضات التي لا تقدم ولا تؤخر طالما أن ضابط الايقاع واحد”.

فالحل بالنسبة الى هؤلاء هو تطبيق القرارات الدولية المتعلقة بلبنان، الـ1701 الذي ينص أيضاً على نشر القوات الدولية على الحدود اللبنانية مع سوريا وليس الحدود الجنوبية مع إسرائيل فقط، وكذلك القرار 1559 الذي يؤكد على تطبيق اتفاق الطائف لجهة حل الميليشيات الحزبية المسلحة، واتفاقية الهدنة، وهذا يتطلب وضع لبنان تحت البند السابع فتصبح للأمم المتحدة القدرة على تأهيل البلد وقواه الأمنية الشرعية، وذلك يتحقق من خلال مطالبة اللبنانيين بذلك وتحريك اللوبيات في لبنان وبلاد الاغتراب للعمل على مطالبة الأمم المتحدة بذلك، لأن لا أحد من اللبنانيين قادر على حل مشكلة الاحتلال الايراني، المشكلة الأساس لأي حلول أخرى قد يهرب إليها البعض، بما فيها اللجوء ربما الى إجراء تعديلات مناسبة في الدستور إن إقتضى الأمر ذلك ووضحت للجميع ثغرات النص أو التطبيق.

ويرى المتابعون أنه لا بد من قطع يد فريق يعتبره البعض فريقاً لبنانياً لكن في الممارسة هو حزب ايران في لبنان ويد دولة نظام الفقيه في المنطقة العربية، وهنا لا يمكن خلط “شعبان برمضان” فالصورة واضحة في تبعية هذا الحزب لدولة أجنبية، ولأن مقاومة الاحتلال الاسرائيلي ليست خاصية لحزب أو فريق فلا يمكن السماح له بتدمير الدولة والكيان اللبناني.

ويشير هؤلاء الى الفترة التي تم فيها تبديل الاحتلال السوري بالايراني من خلال المعارك التي خاضها “حزب الله” لخلق مناطق صافية له مذهبياً وسياسياً عبر السيطرة في الجنوب اللبناني استهدفت اخضاع حليفه الشيعي اليوم أي حركة “أمل” وأحزاب علمانية كانت تقاوم العدو الاسرائيلي، أُخرجت بالاغتيالات والقتل والتهجير من مناطق المواجهة بقوة سلاح الاحتلالين، وبالتمويل من ايران.

ويلفتون الى أن “حزب الله بعد الانسحاب السوري من لبنان وحرب العام 2006 لم يعد مجرد خاطف للطائفة الشيعية وحسب، بل خطف لبنان كله بقوة السلاح وبالمال وبالسمسرات بحيث نجح في إلحاق بعض اللبنانيين من جميع الطوائف والمذاهب به نتيجة قدرته على التغلغل في السلطة السياسية واستخدام سلاحه في التعامل مع الأخصام السياسيين، حتى وصلنا الى عهد جهنم، وأصبح لبنان مخطوفاً بكامله بفعل هيمنة حزب الله على مؤسسات الدولة وإدارتها وفقاً للأهواء الايرانية”.

وعليه، تؤكد الأوساط المتابعة أن إمكان الحل الداخلي معدوم وهناك استعصاء في معالجة مشكلاته وأزماته لأن مؤسساته مسيطر عليها وهي تعمل في خدمة بلدين عليهما عقوبات مفروضة، لا في خدمة اللبنانيين، ولا بد من اللجوء الى الحلول الخارجية عبر الأمم المتحدة بعد إعلان لبنان دولة فاشلة، ويجب تحريرها من إيران من دون أن يكون هناك تخوف من فيتو روسي أو غيره، لأن المشروع سيكون مقدماً من الشعب اللبناني مصدر السلطات.

شارك المقال