الشغور… نار تحت الرماد

هيام طوق
هيام طوق

لا يختلف اثنان من المطلعين على الوضع السياسي وتحديداً الملف الرئاسي على أن هناك عجزاً في ايجاد أي مسعى أو مبادرة أو خارطة طريق يمكن أن تؤدي الى ملء الشغور لاعتبارات كثيرة ومتعددة، مترافقة مع شبه انعدام للمؤشرات الايجابية الاقليمية والدولية في هذا الاطار.

وفي ظل الأفق الرئاسي المسدود الذي ينعكس سلباً على مختلف القطاعات، يتخوف عدد كبير من السياسيين والمراقبين والمحللين من استمرارية الستاتيكو القائم الذي سيؤدي حتماً الى التدهور على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية خصوصاً أن البلد لم يعد يحتمل المزيد من التأزم، والشعب لم يعد بإمكانه الاستمرار في هذه الأوضاع، وقدرته على الصبر واستيعاب الأزمات وصلت الى الخطوط الحمر حتى بتنا نسمع من هنا وهناك أن الانفجار سيحصل، لكن لا أحد يعلم كيف سيتبلور وبأي طريقة، ومن أين ستنطلق شرارته الأولى؟

وحتى يكتمل المشهد المظلم، كان ينقص التهديد الاسرائيلي بأنه “في حال شنت أي حملة ضد ايران، وشارك حزب الله في الدفاع عنها، ستعيد اسرائيل، لبنان 50 عاماً إلى الوراء إذا دخلت في حرب مع حزب الله، لأنها لن تكتفي باستهداف التنظيم المسلح، وستضرب كل البنية التحتية اللبنانية”.

أحد الخبراء العسكريين والاستراتيجيين، أشار في حديث لـ “لبنان الكبير” الى أن “الوضع لا يزال بعيداً جداً عن امكان انتخاب رئيس للجمهورية لأن ليس هناك من اهتمام لا اقليمي ولا دولي بهذا الموضوع، واللبنانيون عاجزون عن إقرار ما هو مهم لبلادهم حتى في موضوع أساس كإنتخاب رئيس للبلاد. نحن في أزمة سياسية كبرى، ومجلس النواب عاجز عن إقرار قضية تتعلق ببقاء لبنان أو زواله، وهو لا يقوم بواجبه. والخلاف بين الأطراف أساس ويمتد الى خارج لبنان، وهو خيار اقليمي ودولي. نحن مختلفون على سيادة لبنان”.

واعتبر أن “انتخاب رئيس الجمهورية هو الخطوة الأولى لاعادة بناء الدولة ومؤسساتها، واستحضار القرار السياسي الفاعل للسير قدماً في المواضيع الاقتصادية والمالية والنقدية التي يعاني منها لبنان ويرزح تحت عبئها اللبنانيون الذين أصبح 80 في المئة منهم تحت خط الفقر وفق تقرير البنك الدولي. وبالتالي، قلة الاهتمام الدولي والعجز الداخلي، واستمرار هذا الوضع لفترة طويلة، ستؤدي الى المزيد من الاختلالات الاقتصادية والمالية والنقدية، وقد تؤدي الى اختلالات أمنية سواء في الداخل أو عبر الخط الأزرق مع اسرائيل، التي عادت مع الحكومة التي تشكل أقصى اليمين المتدين الى اثارة المشكلة الأمنية عبر الحدود الجنوبية”.

أضاف: “اذاً، نحن أمام خطرين: الخطر الأمني الداخلي، والخطر الاسرائيلي على الحدود. في الداخل، بدأنا نلمس ارتفاعاً في نسب الجرائم، وبتنا نسمع بجرائم الخطف والسلب على الطرقات والسرقات والاعتداء على أملاك الدولة. نحن في وضع خطير جداً، ولا أحد يعلم الى أين سنذهب في الأيام القليلة المقبلة. أما الوضع الأمني الكبير الذي يمكن أن يقود الى حرب أهلية، فهو مستبعد حالياً، وليس هناك من مؤشرات لحصوله. لكن هناك نوع من عدم الاستقرار والتهديدات الأمنية التي لا يمكن احتسابها بصورة مسبقة، انها نار تحت الرماد. أما بالنسبة الى الخطر الاسرائيلي، فإن مدى الأضرار التي ستلحق بلبنان في أي حرب جديدة مع اسرائيل سيعيدنا الى القرون الوسطى، وهذه المرة لن تكون المؤسسات المهمة بمنأى عن الضربات الاسرائيلية. ولا يمكن الاتكال على الاتفاقات بين لبنان واسرائيل في ظل هشاشة الوضع، ونعتبر أننا تجاوزنا مرحلة الخطر العسكري لأن الحسابات السيئة تتجدد”.

ورأى أحد الباحثين السياسيين والاقتصاديين أن “المصير قد يكون سيئاً ومظلماً في حال استمرت مرحلة الشغور في ظل التخبط السياسي لأن الفراغ سيترك أثره على الحكومة والقرارات الأساسية التي لها علاقة بحياة الناس، وسيؤثر على عمل المؤسسات والادارات العامة، وعلى الواقع الصحي والاجتماعي وعلى واردات الدولة والأجهزة الرقابية والأمنية والقضاء. هذا الشغور، سيترك أثره السلبي مع استبعاد أن يكون هناك انفجار شعبي كبير كما حصل في 17 تشرين، لكن التفلت الأمني سيتسع بصورة كبيرة بسبب ضعف دور الدولة والأجهزة. البديل عن الفراغ هو الانهيار والفلتان والتفلت، وهذا لا يصب في مصلحة لبنان لا السياسية ولا الاقتصادية”.

وشدد على أنه “كلما طالما أمد الفراغ، وضعف عمل الأجهزة والقوى الأمنية، سنرى المزيد من تراكم المشكلات، وستكون هناك ردود فعل على الأرض. الخطر داهم، ولا نستبعد التوترات الكبيرة والمشاحنات أي التفلت الذي سيعكس الوضع الصعب في البلد. الى اليوم، القوى الأمنية تقوم بدورها على الرغم من الامكانات المحدودة، والوضع مضبوط الا اذا حصلت مفاجآت لأن الأمن الهش يستتبعه حصول خروق”.

شارك المقال