جلسة انتخاب الرئيس روتينية… بمفاعيل غير اعتيادية

هيام طوق
هيام طوق

انعقدت الجلسة الحادية عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية، وكسابقاتها لم تؤد الى أي نتيجة بحيث تكرر سيناريو الأصوات لصالح النائب ميشال معوض التي تتنافس مع الأوراق البيض، لكنها سجلت جديداً في المواقف والتحركات على أكثر من صعيد، اذ نفّذ أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، وقفة احتجاجية عند الطريق المؤدية الى المجلس النيابي أمام مبنى بلدية بيروت، رافعين صور الشهداء واللافتات المطالبة بمنع عرقلة التحقيق والسير بالحل، بمشاركة عدد من النواب. وهدفت الوقفة الى الضغط من أجل اكمال التحقيق، ودعم اقتراح القانونين اللذين تقدم بهما النواب جورج عقيص وملحم خلف وبولا يعقوبيان، بمنع توقف التحقيق عند ورود أي طلب رد حتى لو لم يتم قبوله.

ولفت الأهالي الذين حضّروا عريضة لتوقيع النواب عليها الى أن “هناك ثغرة في قانون أصول المحاكمات المدنية والمطلوب تعديل هذه المادة، والمطلوب من المجلس النيابي اقرار التعديل اضافة الى استقلالية القضاء”.

وفيما كان الأهالي يطالبون بالدخول الى حرم البرلمان، كانت ملائكتهم حاضرة داخل القاعة العامة من خلال بعض المواقف الداعمة لقضيتهم، اذ تمنى النائب سامي الجميل أن يصدر موقف عن المجلس النيابي، يتضامن فيه مع القضاة باستمرار التحقيق وانهاء قضية ملف مرفأ بيروت.

كما سجل النائب هادي أبو الحسن موقفاً متقدماً، اذ دعا الى التشاور وكسر الجمود “وإلا قد نضطرّ كنواب (اللقاء الديموقراطي) الى تعليق مشاركتنا في الجلسة المقبلة إذا استمر هذا الوضع على ما هو عليه”.

أما النائب ملحم خلف الذي أعلن والنائبتان سينتيا زرازير ونجاة صليبا عن الاعتصام تحت سقف البرلمان قبل أن ينضم اليهم العديد من النواب، كمبادرة ليست شكلية ولا رمزية ولا شعبوية انما تطبيقاً لأحكام الدستور، فقال: “انني أخجل من نفسي أن أكون نائباً وأكرّر مشهديّة عبثيّة يتكرّر فيها العجز عن انتخاب رئيس. انها مبادرة تجسد ارادة الناس، وايقاف نهج التعطيل، وسننام داخل البرلمان ولن نخرج منه الى حين إبقاء الجلسة مفتوحة لدورات متتالية لانتخاب رئيس إنقاذاً للديموقراطيّة”.

وبعد إنتهاء التصويت في الدورة الأولى جاءت النتيجة: 34 صوتاً لميشال معوّض و37 ورقة بيضاء و2 لزياد بارود وصوت واحد لصلاح حنين و7 لعصام خليفة و14 لـ”لبنان الجديد” و15 ورقة ملغاة، وبالتالي، لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة الـ11. وبرزت عبارة “العدالة لضحايا 4 آب” وإسم بيرني ساندرز وهو مرشّح سابق عن الحزب الديموقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية. وصوّت أحد النواب لميلاد بو ملهب الذي صرخ “الله أكبر”، فأوعز رئيس مجلس النواب نبيه بري بمنعه من الدخول إلى البرلمان. وكانت الجلسة التي تغيب عنها النواب مع عذر: أكرم شهيب، بيار بو عاصي، طوني فرنجية، علي عسيران، تيمور جنبلاط وادغار طرابلسي، استهلت بدقيقة صمت على روح الرئيس حسين الحسيني.

وفي قراءة لجلسة الانتخاب، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي جورج علم في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “الناخب الأول لرئيس الجمهورية لم يصل بعد الى مجلس النواب لسببين: الأول، الانقسام السياسي العمودي في البلد والذي تخطى الاهتمام بانتخاب الرئيس الى تكريس أعراف جديدة في الحياة السياسية على حساب الدستور والتوازنات الداخلية. الثاني، التوافق المطلوب في هذه المرحلة على الاصلاحات، وعلى برنامج العمل بموازاة التوافق على اسم الرئيس. وبالتالي، ليس هناك من انتخاب للرئيس في المدى المنظور لأن المعادلة لم تعد داخل مجلس النواب وحسب، انما عند المراجع السياسية. والخطير في الموضوع أن البلد يتحلل بمعنى أن المؤسسات بدأت تنهار بصورة كاملة، والانهيار الاقتصادي يزداد تفاقماً، وبدأنا نسمع حديثاً عن مسلمين ومسيحيين، وعن فديراليات طائفية ومذهبية، وعن شعارات فئوية. كل ذلك، يدل على أن البلد سائر الى الانحلال وليس الى انتخاب رئيس”.

ورأى في اعتصام أهالي ضحايا المرفأ “بداية لتحرك عام في البلاد نتيجة تفاقم الأزمات المالية والصحية والتربوية والقطاع العام الذي لا يمكنه الاستمرار، والمواطن لم يعد باستطاعته التحمل. اذاً، ربما سنشهد تحركاً كبيراً أو عودة الى انتفاضة 17 تشرين، لكن بوجه آخر أي تأخذ طابع العنف والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة على الرغم من أن المؤسسات الأمنية لا تزال متماسكة، لكن أفرادها يعانون مثل اللبنانيين”.

وأعرب عن خشيته من “أن نكون قد بدأنا بمرحلة يمكن أن تؤدي الى اغتيالات. المنتقمون هم المحرومون من أبسط مقومات الحياة، فيما النكد السياسي لا يزال متفاقماً بين الأطراف”، مشيراً الى أن “الجوع يوحّد، لكن الخوف الكبير من الانفلات الأمني الذي بدأ يظهر بصورة واضحة وبتشكيل مافيات، وهذه ظاهرة خطيرة، والبوادر مقلقة من دون أن ننسى أزمة النزوح السوري والعبء الفلسطيني”.

وعن طرح البعض تعليق المشاركة في جلسات انتخاب الرئيس المقبلة إذا استمر الوضع على ما هو عليه، قال علم: “نحن انتخبنا مجلس النواب ليقوم بواجباته، لكنه لم يتمكن من انتخاب رئيس، ولا من تشكيل حكومة قبل الشغور. هناك مسؤولية دستورية على عاتق البرلمان لايجاد آلية لانتخاب رئيس للجمهورية وفق الدستور”. وتساءل “هل مقاطعة جلسات الانتخاب تساهم في انتخاب الرئيس أو في المزيد من التأزم والتعطيل؟”، مؤكداً أن “من يفكر بهذا النهج يريد تهديم ما تبقى من الهيكل. انه انتحار سياسي. من يفكر بهذا الأمر عليه أن يقدم استقالته”.

وعن النواب الذين يعتصمون سلمياً في البرلمان، أوضح “أننا نحترم قرار النواب لأنه هو القرار السليم في ظل غياب الحوار الوطني وما يسمى التسوية غير المتوقعة”، آملاً “أن تنتقل هذه المبادرة كالعدوى بين النواب، وتؤدي الى مخرج في الاستحقاق الرئاسي في ظل انعدام أي مؤشر جدي راهناً على الانتخاب”. وسأل “أليست عدم قدرة البرلمان على انتخاب رئيس، وتشكيل حكومة، انتقاصاً من دوره وقدرته ومعنوياته؟ كل ما يجري، يدفعنا الى الاستنتاج أن هناك مؤامرة كبيرة في البلد، ومن عطل تشكيل الحكومة يعطل انتخاب رئيس الجمهورية، وبالتالي، يدفع بالبلد الى المجهول. الهم اليوم هل يبقى الكيان أو لا يبقى؟ “، محذراً من أن “الاقتتال في الشوارع مخطط أصبح الأقرب الى التنفيذ، وهذا خطير للغاية وكأن المطلوب القضاء على الوطن”.

شارك المقال