تباين “اشتراكي” – “قواتي”… هل يتكرر سيناريو الحزب والتيار؟

محمد شمس الدين

فشل القوى المعارضة في الاتفاق على اسم مرشح واحد لرئاسة الجمهورية أصبح يؤثر على ملفات أساسية أخرى. وبعد مقابلة رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، التي قال فيها بوجوب إعادة النظر في النظام، ظهر التباين بصورة أكبر، فقد أكد رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، في مواقف عدة، دعمه لأي مبادرة حوار. وتساءل عما قصده جعجع في كلامه عن النظام، معلناً أنه متمسك بالطائف.

إضافة إلى ذلك كانت هناك مداخلة لعضو كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب هادي أبو الحسن في جلسة الانتخاب، تحدث فيها عن استياء الحزب والكتلة من رفض الحوار، ملوحاً بمقاطعة الكتلة لجلسات انتخاب رئيس الجمهورية في حال بقيت الأمور على حالها، فهل سنشهد تباعداً بين القوى المعارضة أم أنه مجرد تباين على نقاط محددة؟

عضو كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب فيصل الصايغ أكد في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن رئيس الحزب لم يكن فعلياً يرد على جعجع، إنما الموقف كان للاستيضاح، مشدداً على “أننا متمسكون بالطائف، ولا نؤيد أي طرح غيره، وما تكلم عنه الدكتور جعجع لم يكن واضحاً، ولكن أظن أن كلامه هو رفض للواقع وليس طرح نظام جديد، ولا أظن أنه يخرج عن الطائف”.

وقال الصايغ: “موقفنا مبدئي بالنسبة الى نظامنا، وكذلك بالنسبة الى التعاطي مع الأفرقاء الآخرين في البلد، لا يوجد مهرب من الحوار، وهناك ضرورة لنتفق ونجد مساحات مشتركة، ونحن يهمنا وضع الناس الاجتماعي والصحي، لا نريد التلهي بصراعاتنا السياسية، ولكن لن نخرج عن المسلمات والمبادئ. ونحن لا نزال متفقين مع حلفائنا على مواصفات الرئيس المقبل، الرئيس المنقذ الاصلاحي الذي يؤمن بالطائف، ويرمّم علاقاتنا مع الدول العربية والمجتمع الدولي، ويستطيع التوصل إلى التوافق مع صندوق النقد، هذه هي الثوابت، ولكن تحت سقفها نحن مع الحوار، فنحن محكومون بالعيش مع بعضنا، وأصلاً الناس همها في مكان آخر، ولا تهمها صراعاتنا السياسية”.

أما عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب غسان حاصباني فاعتبر أن هناك ترجمة خاطئة لما قاله جعجع، موضحاً أنه “لم يكن يقصد الطائف، إنما ما نقوله هو يجب إعادة النظر في الآليات لتطبيق الدستور. المقاربة الحالية هناك دائماً صبر على بعض الأمور وتركها لتحل مع الوقت، حتى يصير هناك تفاهم حولها”.

ورأى حاصباني أن “ما يحصل في الحوار دائماً أن الفريق الآخر لا يحاور على ما هو مسيطر عليه، بل يحاورنا على ما لم يسيطر عليه بعد، فعندما يكونون مسيطرين على مفاصل معينة على مقاربة الحكومة ومجلس النواب، وعلى القطاعات والحدود والادارات السيادية، لا يحاورون فيها، إنما يحاوروننا على أمور لا يزال لدينا دور ومشاركة فيها، وهذا ما حاول أن يشرحه الدكتور جعجع ولم يقصد الطائف، الاشكالية التي نعاني منها هي في عدم تطبيق الطائف والآليات المتبعة في إدارة شؤون البلاد”.

أما عن هموم الناس، فأشار حاصباني الى أن “حزب الله يقوم بممارسات يهدد فيها العلاقات الاقليمية ويتدخل في شؤون الدول الأخرى ومعاركها ومشكلاتها، ويدخل لبنان في أتون الخلافات والحروب، وهذا أحد الأسباب الأساسية التي تمنع التبادل التجاري مع العالم العربي، وهو يمنع قدوم الإخوان العرب تحديداً الخليجيون الى لبنان، وحتى أن الأمور الاستثمارية لدعم النهوض بالاقتصاد، أساس وجودها ليس مشكلة مالية في لبنان، فهي ليست أزمة مالية مثل تلك التي حصلت في العام 2008، الأزمة الائتمانية في العالم، ونكون نختبئ خلف اصبعنا إذا اعتبرنا ذلك، أزمتنا أكبر بكثير، ليس هناك أمر اسمه إصلاح مالي، ولا انتظام للقمة العيش للشعب، إذا لم نتخلص من الأسباب خلفها. ونحن لا نقول انه يجب التخلص من الحزب بل من الأسباب، التي هي تصرفات حزب الله وحلفائه، التي ساهمت بصورة مباشرة وكبيرة في الوضع الذي وصلنا إليه، خصوصاً موضوع الفساد والانحلال في الادارة العامة في الدولة، هذه الأمور أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه”.

أضاف حاصباني: “هل من الممكن أن يكون هناك تمويل أو استثمار يدخل لبنان في ظل الوضع القائم الذي فرضه حزب الله؟ بالتأكيد لا، وهذا لمسناه عام 2011، عندما قطعوا (وان واي تيكيت) للرئيس سعد الحريري، وأًصبح هناك منع سفر الى لبنان، وخفت التبادل التجاري، هذه الأمور لا تأتي من الفضاء، بل تحصل بسبب وضع قائم في البلد”.

بين التلويح بمقاطعة الجلسات من الحزب “الاشتراكي” واعتصام نواب التغيير داخل المجلس النيابي لا يبدو أن الاستحقاق الرئاسي قريب من الحل، في ظل الاختلاف بين أركان المعارضة، كما الاختلاف بين أركان الموالاة، ولا أحد يمتلك العدد الكافي من النواب، لإحداث خرق في الملف الرئاسي، وقد ينسحب عدم التوافق هذا على ملفات أخرى بين الأفرقاء المتحالفين، ويتسبب بخلافات أكبر، كما يحصل اليوم بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”.

شارك المقال