خطوة البيطار… وسيناريوهات مفتوحة على كل الاحتمالات

هيام طوق
هيام طوق

لا شك في أن القنبلة التي فجرها المحقق العدلي طارق البيطار، أدت الى انقسامات حادة داخل الجسم القضائي حتى أن الدستوريين والقانونيين أنفسهم يعترفون بأنها سابقة خطيرة في تاريخ البلد، لكن هذه الخطورة لا تنحصر بين غرف المحاكم في قصر العدل انما هناك تخوف جدي من انسحابها الى الشارع.

قراءات كثيرة ومتشعبة ومتناقضة حول خطوة البيطار بحيث أن البعض وخصوصاً فريق الموالاة يعتبر أن هناك ضغوطاً خارجية أوروبية – أميركية على المحقق العدلي لأن مثل هذه الخطوة مع تردي الأوضاع المعيشية يمكن أن تفجر البلد، وبالتالي، تأخذ المسار الرئاسي وفق رياح مصالحها، وايصال رئيس جمهورية بمواصفات معينة. أما فريق المعارضة، فيعتبر أن خطوة البيطار في محلها لا بل أتت متأخرة، لأنه لا بد من كشف الحقيقة في انفجار صنّف من بين الأكبر في التاريخ، ومن حق أهالي الضحايا والموقوفين والمتضررين، ومن حق العاصمة التي دمرت، الوصول الى العدالة.

وبغض النظر عن التحليلات والآراء المتناقضة، لا بد من التساؤل: هل خطوة البيطار سترفع منسوب الاحتقان لدى اللبنانيين الذين فقدوا كل قدرة على التحمل نتيجة الأحوال المعيشية، وبالتالي اللجوء الى الشارع حيث لا أحد يعلم كيف تتطور الأمور على الارض والى أين تؤدي؟ وما مدى صحة السيناريو الذي يتحدث عن مؤامرة على فريق معين لفرض تسوية رئاسية خارجية عليه، اذ أن الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي من “حزب الله” وحركة “أمل” يحذرون من سيناريو كهذا؟ وهل الانقسام بين الموالاة والمعارضة سيؤدي الى شرخ كبير داخل المجلس النيابي وصولاً الى حله كما يجري الحديث حالياً؟

رأى الكاتب والمحلل السياسي أمين بشير أن “كل طرف يقرأ الوقائع بما يتناسب ومصالحه. القاضي البيطار منذ 13 شهراً بعيد عن الملف وليس من المنطقي أنه أنجز هذه الدراسة القانونية بعدما التقى الوفد القضائي الأوروبي. وليس مستبعداً أنه قام بهذه الخطوة لفتح ثغرة لدخول التحقيق الدولي على الخط بحيث أنه عرّى السلطة القضائية اللبنانية التي لا تساعد على كشف الحقيقة”، متسائلاً: “هل يسمح حزب الله بتدخل الخارج لو أراد القيام بتسوية ما؟ ثم اذا حصلت الفوضى، فمن الأقوى في الشارع؟ واذا لم يكن لدى الحزب مصلحة في الفوضى فلن تحصل ولن يسمح بها، وأكبر مثال على ذلك إخماده ثورة 17 تشرين”.

وأكد أن “ما يريده الحزب يحصل، والتركيبة التي يريدها تتحقق، والأصوات المعارضة ليست سوى صرخة موجهة الى الخارج بأن البلد مخطوف من المنظومة. القاضي البيطار شجاع، ويقول ان السلطة القضائية خاضعة للسلطة السياسية، والقضاة موظفون لدى هؤلاء السياسيين. القاضي البيطار يعرف جيداً تداعيات خطوته، لكن يريد أن يرفع الصوت أن لا قضاء في البلد”.

واعتبر أن “الوضع اختلف اليوم بحيث انكسرت الجرة بين الفرنسيين والايرانيين. الأوروبيون اليوم يختلفون في التعامل مع حزب الله”، مشيراً الى أن “خطوة البيطار لا علاقة لها لا بتسويات ولا بمؤامرة انما المنطقة بأكملها متجهة الى صدام من سوريا الى العراق الى اليمن ولبنان في هذه الحلقة. لا علاقة للاستحقاق الرئاسي في هذه الخطوة بحيث أن الحزب يفرض الرئيس الذي يريد في الوقت المناسب لبنانياً واقليمياً، ولديه الطرق الكفيلة بإيصال مرشحه”.

وقال: “يتم الحديث كثيراً اليوم عن 7 أيار آخر أي أن المرحلة تشبه المرحلة التي سبقت 7 أيار. اليوم حزب الله ليس مضطراً لـ 7 أيار لأن لديه شخصيات في الدولة في مراكز حساسة ومهمة ومنهم قضاة. الخطاب الذي توجه به القاضي غسان عويدات يزيد الشرخ في الشارع، وبدل أن تكون القضية وطنية يجتمع حولها كل اللبنانيين، دخلت في البازار السياسي والطائفي”. ولفت الى أن “الرئيس نبيه بري هو مايسترو المجلس النيابي ويمكنه حله، لكن لن يحله اذا لم يكن متأكداً من انتخاب مجلس يؤمن مصالح الثنائي الشيعي”.

أما الباحث القانوني والسياسي سامر عبد الله فرأى أن “البلد منذ العام 2005 في حالة احتقان، والمشكلات مزمنة. اليوم هناك انقسام سياسي وقضائي حول أداء القاضي البيطار، والخطوة الأخيرة أعادت الضوء الى قراراته اذا كان هناك ضوء أخضر خارجي أو يستند الى دعم غربي يمكن أن يؤدي الى عقوبات دولية على من يعترض على أدائه. هناك شيء نافر في قرارات البيطار التي فيها نوع من الشعبوية كما أن التوقيت ينسجم مع تقاطعات دولية. كل ذلك بالتزامن مع الاعتصام في المجلس النيابي”.

وأوضح أن “الاستقرار في البلد ليس قراراً داخلياً بحتاً، والحرب الأهلية كانت بقرار دولي كبير. هناك عوامل اقليمية معقدة وتنعكس على الداخل، ومسار التحقيق في انفجار المرفأ يؤدي الى زيادة الاضطراب الداخلي، لكن هل وصلنا الى نقطة اللاعودة؟ هناك قيادات تتمتع بمسؤولية عالية كما أن المؤسسات الأمنية لا تزال تقوم بدورها على أكمل وجه. يمكن أن نرى اضطرابات ورسائل في السياسة من هذه الجهة أو تلك لكن قرار أخذ البلد نحو حرب أهلية يتعلق بأمن المنطقة ككل واستقرارها. والتجارب تقول انه يمكن أن تحصل الحلول خلال 24 ساعة”.

وأشار الى أن “المسار القضائي بعيد عن المسار الرئاسي لكن في السياسة يمكن الربط بينهما. وما يجري عبر وسائل التواصل الاجتماعي لا يعكس حقيقة المواقف السياسية بل يجب العودة الى القيادات لأن الجمهور يميل حسب الحدث وينفعل. هناك أمور خطيرة تحصل في البلد وهي في غير مكانها، والمهم الوعي عند القيادات السياسية لضبط الأمور”.

شارك المقال