بعد الهزات… هل يتعظ المسؤولون لانقاذ البلد؟

هيام طوق
هيام طوق

فعلت الطبيعة فعلها، وتحركت الصفائح الأرضية، وتمكنت خلال ثوان أو دقيقة واحدة من تدمير آلاف المباني والتسبب بموت واصابة الآلاف بين تركيا وسوريا عدا عن الذين لا يزالون تحت الانقاض، في حين أن لبنان نجا من هذه الكارثة، لكن كان نصيب اللبنانيين ساعات وساعات من الرعب والهلع بعد أن استفاقوا على قوة خارقة هزت منازلهم كانت كفيلة بأن تشعرهم بالضعف والوهن والعجز، وبدت كأنها علامة من علامات يوم القيامة، اذ أن الحد الفاصل بين الحياة والموت، شعرة رفيعة فأتى رد الفعل بإخلاء المنازل واللجوء الى أماكن أكثر أماناً.

الهزة التي اعتبرها البعض علامة لاعادة الحسابات والعودة الى الذات، لا يمكن أن تمر مرور الكرام من دون أن يكون لها أثر في نفوس المسؤولين من مختلف الانتماءات والطوائف والمناطق، الذين وضعوا البلد على فالق خطير من الهزات الناشطة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً ومعيشياً، ويكاد اللبنانيون لا يتحملون أي هزة ارتدادية لأنهم تصدعوا من الداخل، ويعانون اليوم من تداعيات الانهيارات، ويستغيثون بفرق الانقاذ لانتشالهم من تحت أنقاض البلد قبل أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة بسبب الاهمال واللامبالاة.

اليوم بعد كل ما رأيناه من مآسٍ انسانية، ومشاهد تدمي القلب، وإثبات عجز الانسان على الرغم من تحقيقه الانجازات على المستويات كافة، هل يتعظ المسؤولون، ويغيّرون في سلوكهم لانقاذ البلد أقله من الهزات البشرية علهم يخففون من وطأة الهزات الطبيعية في حال وقوعها؟ وهل يقتنعون بأن الحياة قصيرة ويمكن أن تنتهي في رمشة عين، ويصلحون ما ارتكبوه بحق البلد وأهله؟ وهل فعلاً لن يكون المسار السياسي بعد الهزة كما قبلها كما يعتقد البعض أو أن المسؤولين في لبنان لا يشعرون بهزات الضمائر ولا بإحساس الانسانية؟

رأى النائب الياس اسطفان أن “هزة أرضية من هذا المستوى، وكل ما نراه من مأساة ونكبة، يجب أن يكون حافزاً لهز ضمائر المسؤولين، ولكي يعوا هول الكارثة التي يقع فيها البلد”، آملاً “أن تحفر الهزة الأرضية في عقولهم وقلوبهم كي يخرجوا البلد من الدوامة، وننتخب رئيساً للجمهورية في أسرع وقت ممكن”.

وشدد على أن “بعض السياسيين لديه رغبة حقيقية في بناء الدولة في حين أن هناك من لا يهتمون ولا يكترثون لما يجري حتى أن انفجار الرابع من آب الذي هو ثالث أكبر انفجار غير نووي في العالم لم يهزهم، ولم يحرك انسانيتهم وضمائرهم”، متمنياً في الوقت نفسه “أن يقوم جميع من في السلطة بنقد ذاتي، ويتعظوا من المصائب، ويترفعوا عن المصالح الشخصية، ويفكروا في مصلحة البلد وأهله”.

واعتبر النائب وضاح صادق أن “الانسان كي يتعظ مما يحصل من هزات ونكبات، يجب أن يكون لديه ضمير وحس المسؤولية الوطنية. نحن مررنا بمأساة انفجار مرفأ بيروت، ولم يتخذ المسؤولون أي خطوة للانقاذ انما يعطلون التحقيق. هناك قلة ضمير لدى البعض حتى أنهم يتمنون أن تحصل كارثة علهم يستفيدون من المساعدات. وبالتالي، لا أمل من الطبقة الحاكمة، ونحن في حاجة الى دم جديد في السلطة.”

وأشار النائب السابق شامل روكز الى أن “المنظومة الحاكمة ركبت بطريقة أنها لا تشعر مع الناس وبوضعهم. أكثر الشعب اللبناني كان من الطبقة الوسطى، وأصبح اليوم من الطبقة الفقيرة. ليس هناك أي مقاربة صحيحة لمعالجة الأزمة. التركيبة مفككة حيث لا رئيس للجمهورية ومجلس نواب معطل وحكومة مستقيلة. الامكانات غير موجودة لمعالجة أي وضع انساني ولا النية موجودة لأن الطبقة السياسية تعودت على المقاربات العشوائية”.

وقال أمين السر العام في الحزب “التقدمي الاشتراكي” ظافر ناصر: “في الجانب الذي له علاقة بأي كارثة طبيعية، نحن معنيون كدولة باتخاذ التدابير لمحاولة تلافيها أو كيفية التعاطي معها في حال حصولها. اما على المستوى السياسي، فإن كارثة من هذا النوع يمكن أن تجعل القوى السياسية تتصرف بطريقة مختلفة، لكن من الواضح أننا نعيش أزمة سياسية، لا يمكن اختراقها على الرغم من الحراك الذي يقوم به رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في هذا الاطار. الى اليوم لا يزال الأفق مقفلاً ولا بوادر للحلول. دعوتنا لكل الكتل السياسية الى التعاطي بواقعية، والأخذ في الاعتبار الحالة التي وصل اليها الشعب إن حصلت هزة أو لم تحصل. هناك واقع اجتماعي واقتصادي صعب جداً ما يحتم على كل الأطراف التقدم خطوة باتجاه المنطقة الوسطية التي يحاول ايجادها جنبلاط في هذه المرحلة”.

ولفت الى أن “الأمور معقدة، والمنطق يقول ان السياسة وجدت لادارة شؤون الناس وايجاد الحلول، لكن الواقع معقد داخلياً وخارجياً، ولا نرى أن هناك شعوراً بخطر ما أو قلق مواز لما عبّر عنه الناس نتيجة الهزة الأرضية، التي من المفترض أن تدفع المسؤولين الى مقاربة المواضيع بطريقة مختلفة، لكن على ما يبدو أن هذا لن يحصل”، مؤكداً أن “جنبلاط سيستمر في المسعى على الرغم من صعوبة التقدم، ولن يستسلم للواقع والستاتيكو القائم. الرئيس نبيه بري لا يريد أن يعقد جلسة لانتخاب الرئيس شبيهة بالجلسات السابقة، والتوجه نحو جلسة يكون فيها حل لانتخاب الرئيس”.

شارك المقال