كوارث نظام الأسد تجاه شعبه أكبر من الزلزال

لبنان الكبير

يعيش السوريون مأساة من الصعب تخطيها بعد الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا فجر الاثنين ونتج عنه سقوط آلاف القتلى والجرحى، زلزال طبيعي قضى في لمح البصر على آلاف الناس وبينهم الكثير من الأطفال وهدم المباني والمؤسسات، لكنه ليس أكبر من الزلزال المستمر الذي يقضي على سوريا ويتمثل بشبح رئيسها السابق حافظ الأسد ورئيسها الحالي بشار الأسد والنظام المتوحش القمعي والمستبد الذي ارتكب آلاف المجازر التي لا تعد ولا تحصى على مدار السنوات بالاضافة الى فظائع أجهزة النظام الأمنية والعسكرية.

وحشية قاتلة يرتكبها هذا النظام بصورة يومية ومتكررة من تفجيرات بالجملة بمختلف أنواعها، الى البراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية… نظام قتل وشرّد الملايين من الشعب السوري من أجل الحفاظ على سلطته، واليوم يحاول استغلال كل ما لديه من نفوذ وعلاقات خارجية ودولية وإستثمارها على حساب دماء الضحايا متحججاً بأن الحصار الذي يطوّق نظامه وعقوبات قيصر تمنعه من إدخال المساعدات الانسانية، علماً أن وزارة الخارجية الأميركية أكدت أن “قانون قيصر” يستثني هذه المساعدات الى جانب التضامن الدولي الكثيف مع الشعب السوري المنكوب، الذي بدأ إرسال المساعدات اليه.

وهنا لا بد من السؤال: هل هناك دول أرادت أيضاً إرسال المساعدات للتغطية على إجرام نظام الأسد؟ وأيهما أسوأ وحشية الأسد أم الكارثة الطبيعية؟

المحلل السياسي علي الأمين رأى في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “مأساة هذا الزلزال لا يمكن مقارنتها مع أفعال الرئيس بشار الأسد، وحجم الكوارث التي ارتكبها النظام السوري تجاه شعبه أكبر بكثير من الكوارث الطبيعية التي حلّت اليوم”، موضحاً أنه “في حال أردنا معرفة وضع أي مدينة في سوريا من دمشق الى حلب، وحمص والعديد من المناطق الأخرى نرى أن في المدينة الواحدة سقط آلاف الضحايا وحل الدمار بشتى الطرق على يد هذا النظام، وبالتالي من المعيب أن تتحول هذه الكارثة الى فرصة لاستنقاذ نظام الأسد المنتهي أخلاقياً وسياسياً ووطنياً. وعلى العكس اذا كان المجتمع الدولي غير صادق في التعامل مع أزمة الشعب السوري، واذا كان يريد أن يكون صادقاً ومنقذاً فيجب أن ينقذه من الكارثة الحقيقية والفعلية والمستمرة، والمتمثلة في بقاء النظام السوري ممسكاً بهذه السلطة”.

واعتبر الأمين أن “المجتمع الدولي هو من قوّض سوريا ونظامها وأطاح بكل المطالب المحقة للشعب السوري بمعزل عن كونه نقطة التقاطع للمصالح الدولية والاقليمية من أجل ضرب الثورة السورية وليس النظام، وأكبر دليل استمرار هذا النظام وحجم الارهاب الذي ارتكبه لا يقارن مع أي ارهاب آخر”، مشيراً الى أن “ربط المساعدات بالعلاقة الدولية لا يمكن أن يشكل فرصة لانقاذ الأسد وتبييض نظامه من تاريخ الاجرام الذي ارتكبه، ونحن لا نتحدث عن قرون بل سنوات سابقة ويكفي أن نرى الملايين من الشعب السوري الذين هجروا الى الخارج وحجم الضحايا والقتلى والدمار”.

أما الكاتب والأستاذ الجامعي مكرم رباح فأكد أن “المشكلة ليست في الرئيس السوري بشار الأسد انما في الطريقة التي تتعاطى بها البلدان في موضوع الاغاثة وبدلاً من القيام باغاثة بصورة مباشرة، يرسلون الأموال الى الأسد، وهي لن تصل الى السوريين خصوصاً وأن العديد منهم خارج سيطرة النظام ولم يقم باغاثة في مناطق المعارضة”. وقال: “لا يمكننا الاتهام في موضوع مساعدة النظام السوري، وهناك جزء من المساعدات للنظام ذاهبة بطريقة للقول انها الطريقة الوحيدة التي يساعدون بها السوريين والمقولة نفسها تستخدم عندما يتعاملون مع القوة الحاكمة في لبنان. ورأينا في آخر المطاف ازدواجية في المعايير في ما يتعلق بهذه الاغاثة”.

ورأى رباح أن “الشعب السوري هو من يدفع الفاتورة والمأساة الكبيرة جداً، وهناك فئات تحاول الافادة مما يحدث وعلى رأسها الأنظمة القمعية”.

ولاحظت الصحافية عالية منصور أن “هناك بروباغندا تستخدم، والحصار كذبة من أكاذيب النظام الأسدي، وهم من منعوا دخول المساعدات الى سوريا وتحديداً الى المناطق المنكوبة في الشمال وقاموا بحملة دعائية مع الفنانين السوريين للايحاء بأن سوريا ليست لديها أي مساعدات بسبب الحصار، ولكن الحقيقة أنه لا يوجد أي حصار ولا عقوبات على كل المواد الانسانية ووصلت ست طائرات الى مناطق النظام وحتى هذه اللحظة لم تدخل أي مساعدة. ومن المفترض أن تفتح الحدود من دون إذن النظام السوري في الشمال كي يستطيعوا إدخال المساعدات اللازمة الى الشعب المنكوب”.

وشددت على أن “الشعب لا يثق بنظام الأسد ولهذا السبب أرسلت تبرعات بطرق شخصية لكي لا تصل الى الجمعيات التابعة له، وفضائح الفساد في التبرعات الانسانية كبيرة جداً وآخرها مديرة منظمة الصحة العالمية التي أقيلت من منصبها بسبب دفعها ملايين الدولارات للنظام السوري من رشاوى وفساد، ومع الأسف حتى هذه اللحظة لم يقم الأسد بواجب التعزية بالضحايا وكان مبتسماً”.

لا يمكن الجزم فعلياً بأن المساعدات التي أرسلتها غالبية الدول غايتها التغطية على نظام الأسد، لكن المؤكد أن هذا النظام يحاول من خلال الاعلام الايحاء للشعب السوري وللمجتمع الدولي بأنه محروم ونتيجة العقوبات والحصار على بلده لا تدخل المساعدات الانسانية، الا أن هذا الزلزال أربك المجتمع الدولي ووطأته لن تدوم كثيراً من دون تناسي حجم الكوارث والأضرار والخسائر البشرية والمادية التي نتجت عنه، ورحم الله الشهداء الأبرياء.

شارك المقال