رحل الرفيق… وراح البلد

آية المصري
آية المصري

فاجعة هزت لبنان والعالم بإستشهاد الرئيس رفيق الحريري على أيدي الغدر وكل من أراد قتل حلم بناء الدولة التي يريدها الشرفاء، وبهذا الاغتيال قُتل الرفيق ومعه دور لبنان العربي والدولي.

بعد مرور 18 عاماً على ذكرى الاغتيال، الحزن لا يزال كأنه وليد اللحظة على خسارتنا الرفيق المحب لمصلحة لبنان وشعبه الطيب، هو الذي طبع هذا البلد بختم البناء والاعمار والازدهار، رجل من الطراز الرفيع وعنوانٌ الاعتدال والمهمات الصعبة و”الانتحارية”. استطاع الشاب الذي ولد في مدينة صيدا ضمن عائلة متواضعة جداً، بإصراره وطموحه الكبير، تتويج قصة صعوده السياسي ونسج علاقات مؤثرة وقوية انطلاقاً من المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي. وبالعودة الى يوم 14 شباط لا يمكننا تخطي لحظة إدراكنا أن الحلم انتهى وأنهم إغتالوا دولة الرئيس، بعد خروجه من مجلس النواب متوجهاً إلى قصر قريطم، فقد عاش اللبنانيون لحظات من الصعب أن ينسوها حتى أن الكثيرين رفضوا تصديق هذا الخبر، وفضلوا إنتظار الوقت للتأكد من أن هذه شائعة سوّق لها المجرمون والحاقدون على تطور لبنان من جهة وعلى آل الحريري من جهة أخرى.

في هذا اليوم الذي حدثت فيه جريمة العصر، كان معظم النواب موجودين في المجلس النيابي لمناقشة قانون الانتخاب إستعداداً للانتخابات النيابية عام 2005، فكيف أبلغوا هذا الخبر؟ وكيف تأكدوا من إغتيال الرئيس الحريري؟

دو فريج: ضربة قاضية

روى النائب السابق نبيل دو فريج في حديث لـ “لبنان الكبير” ما حدث يوم الاغتيال، فقد كان في مجلس النواب لمناقشة قانون الانتخاب قبل إعتذار الرئيس الحريري وخروجه من المجلس بسبب كثرة مواعيده في قريطم. وقال: “اعتذر الرئيس الحريري وخرج من المجلس وبعد خروجه بنحو خمس دقائق سمعنا دوي إنفجار غريب من نوعه، وبعد دقيقة على الانفجار ربطت الموضوع بتاريخ خروج الرئيس، لكن الموجودين في المجلس بدأوا بالقول ان الانفجار حدث في ستاركو الى أن أحد مرافقي قال هذا الانفجار أبعد بكثير (الله يستر ما يكون موكب الرئيس)”.

أضاف: “عندما علمنا بأن هذا الانفجار أصاب موكب الرئيس فضلت الذهاب الى قريطم وكان الصحافيون موجودين بكثرة، دخلت الى مكتب الرئيس وكان النائب نسيب لحود هناك والوزير تمام سلام ومن خلال نظراتهما علمت أن الرئيس رفيق الحريري رحل، فخرجت الى مدخل قريطم وحينها دخل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وأشار برأسه للصحافيين أن القضية انتهت ولم أرَ الا عدداً كبيراً منهم فقد الوعي إثر هذا الخبر، وهنا بدأنا التفكير بالتحركات التي يجب أن تبدأ، وهذا الخبر كان بمثابة ضربة قاضية وفهمت يومها أن البلد راح”.

الحجار: نعيش آثار الاغتيال

أما النائب السابق محمد الحجار فرأى “أننا نعيش اليوم آثار غياب الرئيس رفيق الحريري، وقد أرادوا من اغتياله اغتيال لبنان كما إغتالوا الأمل لدى اللبنانيين بأن تكون لنا دولة سيادية ومستقلة”، موضحاً أنه يوم الاغتيال “كنا داخل المجلس النيابي ونناقش قانون الانتخاب وكان الجو السياسي والجو العام في البلد يوحي بأن هناك عملاً كبيراً واغتيالات كبيرة ستحصل في لبنان وبالتالي الكل يتحدث في هذا الموضوع، وفي المجالس كان الحديث أن الاغتيال سيكون اما لرفيق أو لوليد جنبلاط، وعندما وقع الانفجار وعرفت من النائب علاء ترو أن جنبلاط موجود في منزله شعرت أن الرفيق رحل”.

وأشار الى “أننا تأكدنا من الخبر عندما قصدت والنائب علي بزي موقع الجريمة بطلب من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكانت صدمة كبيرة جداً لأننا شعرنا أن كل ما بني لاعادة عجلة الدولة الى الدوران واستعادة لبنان موقعه الخدماتي والسياحي ُضرب، وبالتالي لم نفقد الأمل لأن أملنا كان ولا يزال بالرئيس سعد الحريري الذي حمل الراية واستكمل المشوار”.

قباني: أعظم رجل في التاريخ

واستذكر النائب السابق محمد قباني يومها أنه كان في مكتبة مجلس النواب، ووقع الانفجار “كان صعباً على مسامعنا، وقال الموجودون ان هذا الانفجار حصل في السان جورج ومنزلي يبعد 100 متر عنه، فسارعت الى الإطمئنان عن أسرتي، وبعدها توجهت الى مستشفى الجامعة الاميركية وهناك تلقينا النبأ المروع بإستشهاد أعظم رجل في تاريخ لبنان”.

المرعبي: مؤامرة على البلد

وقال النائب السابق طلال المرعبي: “عندما سمعنا دوي الانفجار كان لدي موعد مع الرئيس الراحل عمر كرامي وكنا نتحدث عن ضرورة التحالف النيابي مع الرئيس رفيق الحريري، وبعد ذلك توجهت الى مكان قريب من أوتيل فينيسيا لأنهم قالوا لنا ان موكب الرئيس الحريري تعرض للانفجار وانه لم يصب بأي مكروه وتوجه الى منزله، وبالتالي كنت أول الواصلين الى هناك، وبعدها أدركنا أن الرئيس قد إستشهد”. ووصف علاقته بالرئيس الشهيد بأنها “قوية جداً”، مؤكداً أن “خبر إغتياله كالصاعقة التي وقعت علينا”.

وأشار المرعبي الى أن “لبنان فقد مقومات أساسية ومهمة جداً بعد إغتيال الحريري، فهذا الرجل ضحى بنفسه ووضع كل خبرته وجهده وجعل الدول العربية كلها مهتمة ببناء لبنان وإنهاضه وآثاره تدل عليه، والأعمال التي قام بها لم يفعلها أحد”، معتبراً أن “ما حصل مؤامرة على البلد فهم لا يريدون أن يأتي أحد ليعمر لبنان لذا اغتالوه، وبالتالي فقدنا رجلاً وطنياً قيادياً كبيراً على المستويين العربي والعالمي”.

كلمات البحث
شارك المقال