رفيق الحريري الزعامة الاستثنائية… وسر علاقته المتوترة بسوريا!

تالا الحريري

18 عاماً على اغتيال من حمل الوطن على كتفيه… هذا المشهد بقي راسخاً في أذهان اللبنانيين يكاد لا يمحوه الوقت. 18 عاماً على الدمار الذي خلفته الطبقة السياسية الفاسدة بغياب “بي الفقير” الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

“ما حدا أكبر من بلدو” كان الرئيس الحريري يرددها على مسامع الناس، وراح ضحية هذا البلد، فمن اغتاله؟ الأسماء كثيرة على الرغم من إصدار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان حكمها على اثنين من أعضاء “حزب الله” غيابياً بالسجن مدى الحياة لتورطهما في قتل 22 شخصاً بينهم الرئيس الحريري عام 2005.

وبحسب شهادات من واقع التحقيقات نقلتها جريدة “القدس العربي” فإن “عميداً منشقاً عن مخابرات النظام السوري أبلغ لجنة التحقيق الدولية أن اثنين من المتهمين باغتيال الحريري التقيا الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق أكثر من مرة قبيل اغتياله في 2005، واعترف الرجل بأنه كان يشرف شخصياً على نقل اثنين من المتهمين باغتيال الحريري بصورة دورية من بيروت، ويؤمن لهما دخول الطائرة من غير ختم جوازات السفر الخاصة بهما برفقة مسؤول رفيع من حزب الله، ثم يذهب معهما الى القصر الجمهوري في دمشق، لكنه قال إنه لم يحضر معهما أياً من الاجتماعات داخل القصر مع بشار الأسد”.

وفيما رأى البعض أنّ دم الشهيد الحريري ساهم في الاستقلال اللبناني الثاني أي عند انسحاب الجيش السوري من لبنان، اعتبر آخرون أنّ هذه الحادثة كانت ورقة رابحة لايران لتحويل لبنان إلى ولاية الفقيه.

“هي أهم شخصية أتت إلى لبنان في مرحلة ما بعد الـ1975، هي الزعامة الاستثنائية على مستوى لبنان وعلى مستوى العالم”، هكذا وصف رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي لـ”لبنان الكبير” شخصية رفيق الحريري، مشبهاً اياه بـ “طائر الرخ الأسطوري بدليل أن محور الحراك كله حتى اليوم لا يزال مسألة غياب الرئيس الحريري سواء بدمه أو عبر وريثه الرئيس سعد الحريري. هذا الغياب الذي ترك بصمة سلبية في الصيغة اللبنانية وتركها معوجة والتي دائماً تحتاج الى الحريري وتحديداً سعد الحريري لاعادة تقويم الاعوجاج”.

أمّا بالنسبة الى العلاقات بين الرئيس الشهيد وسوريا، فقال الفرزلي: “على الرغم من كل ما يقال من هنا وهناك أنا مطّلع على حقيقتين لا لبس فيهما: الحقيقة الأولى أنّ الرئيس الحريري أصبح رئيساً لوزراء لبنان كنتيجة من نتائج التفاهم الاقليمي الدولي المتمثل بصورة حصرية بالمملكة العربية السعودية وسوريا، يعني حافظ الأسد وفي حينه الملك فهد. وكان يردد الرئيس الحريري دائماً وعلى مسمعي شخصياً، أنه قال للرئيس حافظ الأسد كل ما تشاء أنا بتصرفك أمّا اذا وقع الخلاف بينك وبين السعودية فأرجو إعطائي علماً بذلك لكي أذهب إلى بيتي لأنّ لحم كتافي منهم”.

أضاف: “الأمر الآخر أنا مطلع على الجلسة التي عقدت بين الرئيس حافظ الأسد والرئيس إميل لحود بعد إنتخاب الأخير، الذي كان متردداً في أن يكون الرئيس الحريري رئيساً للوزراء. فاستدعى الرئيس حافظ الأسد غازي كنعان الذي كان مرافقاً لرئيس الجمهورية اللبنانية لزيارة سوريا وقال له حرفياً: أدلى أمامي الرئيس لحود ببعض العبارات التي لا تشي بأنّه موافق على الرئيس الحريري. نحن بحاجة الى الرئيس الحريري أرجو أن تحادثه على الطريق وتُلطّش فكرة رفيق الحريري كرئيس للوزراء في لبنان”.

واعتبر الفرزلي أنّ “نظرة الرئيس رفيق الحريري في الكثير من القضايا كان من الممكن أن تكون على تناقض مع وجهة نظر سوريا أو حلفاء سوريا في لبنان وهذا أمر أشاع كثيراً من الأجواء السلبية في العلاقات، لعب اللبنانيون دوراً أساسياً قي تحقيقها والتحريض عليها إلّا أنّه لو تركت العلاقة بصفائها للعلاقة الثنائية بين الرئيسين فأنا أعتقد أنّها كانت على أحسن ما يكون. فيما بعد اتهمت سوريا ولكن من ثم أصدرت المحكمة الدولية حكمها ولم تأتِ على ذكرها في عملية الاعتداء على الرئيس الحريري”.

وعن رأيه في توجيه أصابع الاتهام الى سوريا في المشاركة بعملية الاغتيال: قال: “عندما يقول القضاء كلمته لا تعود هناك علاقة للناس ولا يحق لهم اتهام هذا أو ذاك. اتجهنا إلى محكمة دولية ودفعنا 500 مليون دولار من هؤلاء الناس ليوجهوا اتهامات؟ لا يحق لي تقويم قرارت المحكمة الدولية وفي النهاية هذا حكم وكل ما يوجه من اتهامات هو للاستثمار السياسي، يريدون استغلال دمه ودم الزعامة السنية. دم الرئيس الحريري يجب أن تبقى له كرامته ومهابته وهيبته وأن لا يصبح وسيلة من وسائل الابتزاز والاستفادة السياسية وخصوصاً عندما نلاحظ أنّ من أكثر الناس عداءً للرئيس الحريري يتحدث اليوم أكثر من غيره بدمه”.

أما الوزير السابق فارس بويز فأكد لـ”لبنان الكبير” أنّ “رفيق الحريري منذ بدأ بالعمل السياسي الفعلي في لبنان عام 1993 أي منذ توليه رئاسة الحكومة، بدأت العلاقات بينه وبين سوريا غير سليمة وغير مرتاحة. كان هناك مناخ في سوريا يخشى من حجم الحريري الطائفي ومن ثروته التي كان يغدقها في لبنان وسوريا. من هنا لم تكن العلاقة مع كل من سوريا أو مع الأطراف المتعددة فيها سليمة بقدر ما كان صديقاً مع عبد الحليم خدام وحكمت الشهابي وربما بعض الشيء مع فاروق الشرع. ومن هنا كانت هذه العلاقة متوترة بصورة دائمة ومستمرة، وتفاقم هذا التوتر مع مرور الوقت حتى بلغ ذروته عام 2000 في عهد الرئيس إميل لحود”.

وقال بويز: “في مرحلة ما قبل الرئيس لحود كانت علاقته الجيدة مع الرئيس الياس الهراوي تلعب دوراً في علاقته مع سوريا، لكن أتى عهد الرئيس لحود للمواجهة مع رفيق الحريري وبدأت الأمور تتوتر أكثر وأكثر حتى حمّل فيما بعد مسؤولية الـ 1559 والقرارات الدولية التي صدرت ولا أدري اذا كان هو اللاعب الأساس أو المؤثر في هذه القرارات”.

أضاف: “أعتقد أنه في المنطق القانوني تتجه الأنظار نحو من يستفيد من الجرم وعبارة من يستفيد من الجرم تطبّق على فرقاء عدة. اسرائيل لها المصلحة الأولى في عملية اغتيال الحريري لأنّها كانت تراهن على انشقاق طائفي في لبنان وتعتبر أن أي اغتيال لرفيق الحريري سيُتهم به الجانب الشيعي وهذا سيجر إلى نوع من تصادم سني – شيعي في لبنان يريح اسرائيل، إذاً هذا هو المستفيد الأول. هناك أيضاً مستفيد ثانٍ وهي الحركات الاسلامية المتطرفة التي كانت تعتبر الرئيس الحريري زعيماً معتدلاً ومنفتحاً وعائقاً أمام توسعها وانتشارها في لبنان. هنالك أيضاً في جانب معين سوريا وحزب الله لذلك أقول من الصعب جدّاً أن نحسم الرأي في هذا الموضوع ونقول من الذي اغتال رفيق الحريري فعلاً”.

وتابع بويز: “سهل جداً لكل فريق حسب هواه أن يوجه أصابع الاتهام نحو الفريق الذي يريده لكن من غير المنطقي أن نتجاهل قانونياً أن هناك 4 جهات على الأقل مستفيدة من هذا الاغتيال. أنا كرجل حقوق أعتبر أنّ تحقيقات المحكمة الدولية لم تحصل بالصورة العادلة بمعنى أنّها اتجهت منذ اللحظة الأولى نحو سوريا وحزب الله ولم يجرِ تحقيق فعلي لامكان ضلوع اسرائيل في هذا الموضوع وكأن المطلوب منذ الأساس أن توجه أصابع الاتهام الى جهة واحدة. كان على المحكمة القيام بتحقيقات عادلة ومتوازية لهذه الجهات الأربع على الأقل لكن لم يحصل هذا الأمر، وأنا لا يمكنني أن أبدي سخطاَ على جهة معينة فقط دون أخرى”.

كلمات البحث
شارك المقال