لا ما خلصت الحكاية

رامي عيتاني

اعتقدوا أنهم باغتيال الشهيد سيكون لبنان تحت قبضتهم، وصدقوا أنهم “هجروا” الرئيس سعد الحريري مع بطاقة السفر “one way ticket”، لكن ظنونهم خائبة، فلبنان بقي يقاوم هؤلاء رافضاً ومصراً على أن يعود إلى سابق ازدهاره ريثما تنهزم المنظومة، والفراغ الرئاسي لن يملؤه أحد قبل أن تعود القوى السياسية الحقيقية مع قيادييها إلى سابق أمكنتها، فالجميع الآن في مأزق ويطالب بعودة الرئيس الحريري إلى لبنان والمشاركة كي تستقيم “الميثاقية” التي فضوا بكارتها عند كل استحقاق.

الرئيس سعد الحريري صامت وسكوته من ذهب، لكن الصمت أبلغ من الخطابات والمؤتمرات الصحافية والكذب المتمادي ورفع الإصبع. الصمت الذي مارسه الرئيس العائد للصلاة أمام مدفن والده سيعيد الحسابات لدى قوى ١٤ آذار التي اجتمعت ذات يوم في المهرجان المليوني وفاء للبنان العظيم، لكنها اختارت للأسف إعادة التقوقع على قياس أحزابها وبات الجميع يغني على ليلاه. صمت الرئيس الحريري وتفرّق العشاق في ١٤ آذار، وأحوال ٨ آذار ليست بأحسن الاحوال هي أيضاً. فالثنائية تعيش في مرحلة من البلبلة والتشويش بين “هيدا عين وهيدا عين”، الأولى زمطت بالرئاسة تاركة لبنان في أسوأ الاحوال، أما العين الأخرى فتنتظر وتنتظر فيما الكتل النيابية المتنافرة عاجزة عن تأمين الخمسة وستين نائباً للفوز على الرغم من أن الرئيس نبيه بري فتح الباب أمام نوابه للعرقلة المدروسة. والرئيس المتقاعد في الرابية حائر وعاجز عن تأمين الرئاسة لوريثه الصهر العتيد والخوف من أنه لن يستطيع تأمين الحماية له من الملاحقات القضائية لما إرتكبت قيوده الحسابية في الكهرباء والسدود والمحروقات.

نعم، فالسكوت من ذهب هو خيار الرئيس سعد الحريري الحالي، لكن الكلام، كل الكلام ستقوله الناس في الشارع صبيحة الرابع عشر الساعة الواحدة الا خمس دقائق على وقع الآذان والجرس كما اعتدنا منذ ثمانية عشر عاماً استشهد فيها رفيق لبنان مرة، وطعن فيها نجله سعد بالسكين ألف مرة من القريب قبل البعيد.

في بيروت، في طرابلس وصيدا، في البقاع وعكار سيرد الرئيس العائد ولو لأيام قليلة، سيرد منتصراً بصمته مع الجماهير التي لم تخذله يوماً، وهي دائماً على الوعد، تهتف بصوت هادر وبـ “لا” عريضة وكبيرة: لا ما خلصت الحكاية.

كلمات البحث
شارك المقال