الكرملين يراهن على حرب لسنوات قادمة

حسناء بو حرفوش

يعتقد محللون وباحثون أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واثق من أن روسيا ستنتصر في نهاية المطاف في حربها ضد أوكرانيا، حسب مقال في موقع meduza الالكتروني. هذا يعني أن موسكو تستعد لمواصلة القتال لعدة سنوات أخرى على الأقل. وتعهد حلفاء أوكرانيا الغربيون مراراً وتكراراً بدعم كييف “بغض النظر عن الوقت الذي تستغرقه” لكن الوضع على الأرض مختلف.

ووفقاً للتحليل، “بعد مضي قرابة عام على حرب روسيا ضد أوكرانيا، اقتنعت مجموعة متزايدة من المراقبين بأن قادة روسيا يخططون لمواصلة جهودهم إيماناً منهم بأن حرب الاستنزاف ستمنحهم المزيد من الفرص الاقتصادية وتزيد من احتمالات انتصارهم لسنوات قادمة. ويوافق خبير تحفظ عن ذكر اسمه على ذلك على الرغم من أنه متشكك في إمكان وضع جدول زمني أكيد، قائلاً: بالحكم على مدى السرعة التي يمكن أن تتغير بها الأمور في الحرب وعدد العوامل المؤثرة، للتخطيط طويل المدى دوره، ويمكن لروسيا الافادة من حرب أطول.

وفي الوقت الحالي، يحاول الكرملين إلحاق أضرار اقتصادية بأوكرانيا من خلال استهداف البنية التحتية للطاقة وإجبار أكبر قدر ممكن من قواتها على السفر إلى الخارج من أجل خلق ظروف مواتية لمطالبه السياسية. كما من المهم فهم مخاوف بوتين السياسية الداخلية، بحيث أن إطالة أمد الحرب سيخفف من حدة خسائر روسيا في أذهان الناخبين الروس، ومن المرجح أن يخفف الانتقادات الموجهة ضد السلطات من جانب النخب الروسية (الفاشية الوطنية) المؤيدة للحرب.

ولكن هل تمتلك روسيا الامكانات؟ بالنظر إلى القدرات العسكرية الروسية وبينما يواجه الجيش الروسي قيوداً مادية، من الصعب تقديم أي تنبؤات ملموسة بناءً على القيود المادية للجيش الروسي نظراً الى وجود قيود لوجستية. أحد العوامل التي قد تلعب دوراً في توازن القوى في ساحة المعركة هو تزويد أوكرانيا بالدبابات الغربية الحديثة. لكن هذه الدبابات لن تحدث فرقاً حاسماً بالضرورة. وفي الأشهر المقبلة، سنرى على الأرجح توسعاً في نطاق الأسلحة التي ستوافق الدول الغربية على منحها لأوكرانيا. وبدأت زيادة الدعم القوية بعد حوالي شهر من بدء الحرب. كان ذلك عندما انسحبت القوات الروسية من منطقة كييف. لقد فهم الغرب، من ناحية، أن خطة بوتين للاستيلاء على كييف بسرعة قد فشلت، ومن ناحية أخرى، شهد على جرائم الحرب التي ارتكبت.

ونظراً الى أن حلفاء أوكرانيا الغربيين أصبحوا أقل اقتناعاً بالتهديد بالتصعيد، أصبحوا أكثر استعداداً لارسال المزيد والمزيد من الأسلحة”. يضيف المحلل: “أعتقد أن انضمام أوكرانيا إلى الناتو سيكون مفيداً لكل من أوكرانيا وروسيا. بالنسبة الى أوكرانيا، سيسمح للحكومة بإجراء إصلاحات ذات مغزى لتجريد الشرطة وجهاز المخابرات لديها من السلاح وفرض سيطرة مدنية على قواتها الأمنية، من جملة أمور أخرى. كما سيسمح للدولة بإعادة توجيه التمويل من الجيش إلى مؤسسات مثل المدارس.

وإذا كان الكرملين يعتمد بالفعل على انهيار الدعم لأوكرانيا بين القادة الغربيين، فسيتوقف الكثير على مواقف المواطنين الغربيين في ما يتعلق بالحرب”. وفقاً للخبير، يمكن تقسيم سكان معظم الدول الغربية إلى معسكرين عندما يتعلق الأمر بالحرب: معسكر “السلام” (أو الأشخاص الذين يريدون إنهاء الحرب) ومعسكر “العدالة” (أولويتهم الرئيسة هي معاقبة روسيا).

أما التطور الوحيد الذي من المرجح أن يغيّر الوضع الحالي بسرعة فسيكون إذا اندلع صراع عسكري آخر بالأهمية نفسها في مكان آخر في العالم، كما مثلاً بين الصين وتايوان. فإذا تسبب تطور جذري بحجم الغزو الصيني لتايوان في انخفاض حجم المساعدات الغربية لأوكرانيا بصورة كبيرة، ستكون العواقب واسعة النطاق.

لكن باستثناء صراع عسكري يغير قواعد اللعبة، يأمل بوتين في أن تجبر إطالة أمد الحرب في النهاية أوكرانيا وحلفاءها على الدخول في مفاوضات بشروط مواتية لروسيا. ففي تفكير بوتين، سيحدث هذا عندما تدرك كييف أن الدعم يتضاءل، وأن احتمالية النصر في ساحة المعركة تتضاءل. أما في الوقت الحالي، فيبدو الحلفاء الغربيون مستعدين لمواصلة تقديم المساعدة اللازمة على الرغم من أنها منوطة بالارادة السياسية”.

شارك المقال